يخضع ملف العقار الصناعي ومناطق توسعه إلى جانب العقار الفلاحي عبر كامل بلديات ولاية عنابة، لتحقيقات موسعة تهدف لإعداد تقارير من قبل لجان مختصة تعطي الصورة الحقيقية لوضع هذه العقارات من أجل اتخاذ إجراءات صارمة بخصوص سوء استغلالها أوإهمالها. ويعتبر الملفان ثقيلين للغاية جراء التجاوزات الخطيرة بشأنهما منذ أكثر من 10 سنوات كاملة، كانت كافية لخلق ما يسمى بمافيا العقار، والتي اعترف بوجودها علانية ولاة عنابة السابقون. في هذا السياق، وتطبيقا لتعليمات رئيس الحكومة الجديد عبد المجيد تبون، حان الوقت لكبح جماح هذه المافيا من خلال جرد ممتلكات الدولة من العقارات، خصوصا منها تلك التي تقع في نطاق النشاط الصناعي والمعروفة بها ولاية عنابة، من خلال نشاط اللجنة الولائية للمساعدة على تحديد الموقع وترقية الاستثمار وضبط العقار، أو ما يصطلح على تسميته ب”الكالبيراف”، والتي كان قد تم أمرها سابقا بتسهيل الحصول على العقار للاستثمار في إطار حق الامتياز. في هذا السياق تجدر الإشارة أنه تم تسجيل تجاوزات تمثلت في استيلاء سماسرة على تحصيصات بمناطق متفرقة وإعادة بيعها بشكل غير قانوني، كما تم تسجيل تسيبا واضحا لبعض المستثمرين الذين لم يستغلوا هذه المساحات العقارية، إلى جانب فشل عديد المشاريع الاستثمارية المختلفة الأخرى. وشكل التزوير واستعمال المزور من أجل وضع اليد على مساحات عقارية في ولاية عنابة، النقطة السوداء في هذا الملف من خلال تواطؤ بعض الجهات الإدارية، مكنت متمرسين في الميدان العقاري من لتحويل مساحات أراضي شاسعة إلى ترقيات عقارية، علما أن النصوص التنظيمية تسمح بمنح حق الامتياز غير القابل للتنازل في المشاريع المنتجة فقط كالصناعة السياحة، الفلاحة والخدمات، إلا أن فوضى التسيير ساهمت في خلق فوضى الاستغلال العقاري الذي يعتبر الشجرة التي تغطي غابة من التجاوزات التي تقف وراءها جهات ثقيلة في الولاية. العقار الفلاحي، من جهته، عرف مجزرة حقيقية في حقه من خلال تحول تعاونيات فلاحية لتعاونيات عقارية تعمل على غرس الفيلات والعمارات لأصحاب المال والأعمال، جراء إفلاس هذه التعاونيات الفلاحية التي لم تحظ بالمتابعة والعمل من طرف الفلاحين المستفيدين منها، والذين قاموا بهجرها وبيع عتادها لتتحول بعدها إلى جهات أخرى استغلت هذه المساحات الخصبة لصالح التوسع الإسمنتي الذي قضى على الثروة الزراعية عبر مساحات هائلة، خصوصا ببلديتي البوني وواد العنب، علما أن مشاريع المدينة الجديدة ذراع الريش هو الآخر كان ضربة قوية للعقار الفلاحي من أجل بناء مشاريع إسكانية نتيجة الاختناق العقاري عبر مدينة عنابة، والذي تم تقاسمه بشكل همجي بين أطراف وبارونات العقار المعروفين بالولاية، و الذين عاثوا فساد منذ 10 سنوات الأخيرة، مكنت من امتلاك شخص واحد لمساحات ممتازة هائلة لصالح مشاريع غالبيتها عبارة عن سكنات يتم بيعها على أساس تقويم مالي كبير للمتر المربع الواحد، ليتم تحقيق أرقام ربح خيالية مقابل تكاليف مالية أقل ما يقال عنها بخسة. وفي انتظار مباشرة تحقيقات وتحريات اللجان المختصة التي ستستعين بملفات الوكالة الوطنية للوساطة والضبط العقاري، ينتظر أن يعاد تنظيم الحظيرة العقارية التي تعتبر السبب المباشر في تعطيل عجلة التنمية الاقتصادية بجميع القطاعات عبر بلديات عنابة.