وجهت الحكومة رسالة طمأنة للطبقات البسيطة بشأن مصير سياسة الدعم الاجتماعي، بدت من تصريحات الوزير الأول أحمد أويحيى، خيارا لا رجعة فيه، لكنها تعكس ”تصحيح صورة” مقترنة لدى الرأي العام بسياسة هذا الأخير مع العمال والفئات الهشة. ووجه أويحيى رسالة إلى الفئة الغالبة من الجزائريين بكون الحكومة ستواصل العدالة الاجتماعية بهدف نزع الصورة اللصيقة به بشأن سياسات شد الحزام. وبهذا الخصوص طمأن العمال وأكد بأن ”الجزائر لديها سياسة اجتماعية تقوم على العدالة الاجتماعية والتضامن الوطني وأن الحكومة ستحافظ عليها”. وسعى الوزير الأول من خلال أول خرجة له مخاطبا الرأي العام لتبديد الهواجس من عودته إلى قيادة الجهاز التنفيذي، خاصة بالنظر إلى التوجهات الليبرالية المتشددة التي عرف بها الرجل. الذي استحضر خططه الاقتصادية التي أدت إلى خوصصة المؤسسات العمومية وبيعها للخواص بالدينار الرمزي، وكذا خطابه المناوئ للزيادة في أجور عمال القطاع العمومي. ومع أن أويحيى دعا مرارا في السابق إلى التخلي عن خطاب ”الشعبوية”، عندما يتعلق الأمر بسياسة الدعم الاجتماعي، إلا أن ضبط هذا الملف الشائك الذي يعتبر سياسة ثابتة لا تتغير بتغير الحكومات، بسبب الأزمة المالية سيكون بإدراج تعديلات بسيطة على الغلاف المخصص لملف التحويلات الاجتماعية مع بقاء إمكانية توجيه الإعانات الخاصة لمستحقيها فقط بعد مناقشة مراجعة نظام ”الدعم المعمم”. ويتوقع خبراء مراجعة الحكومة لطريقة وسقف التحويلات الاجتماعية التي بلغت 18 مليار دولار في قانون المالية السابق، امتثالا لتوصيات خبراء محليين وهيئات مالية دولية، للحد من الأعباء الملقاة على خزينة الدولة، ولامتصاص وقع أزمة اقتصادية تضرب الجزائر منذ منتصف سنة 2014 عقب الانخفاض المفاجئ لأسعار النفط. في المقابل، تظهر تصريحات أويحيى بخصوص مشاريع دراسة الدعم الاجتماعي أن التحضير لاستشارة تصويب الجهد الاجتماعي للدولة التي كانت ستمس كل الأطراف الفاعلة السياسية والاجتماعية والنقابية لتحقيق إجماع وطني حول المسألة تم التراجع عن خطتها، وقد تأخذ شكلا آخر من المشاورات بين الشركاء الاجتماعيين والسياسيين، بالرغم من تكليف كل من المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي ووزارتي العمل والتضامن الوطني بتحضير الاستشارة الوطنية الواسعة حول تصويب الجهد الاجتماعي للدولة. ويستدعي من الحكومة الجديدة تحديد الفئات المعوزة، بمساهمة المختصين في الاقتصاد وبمساعدة حتى الهيئات الأجنبية التي تستحق دعم الدولة وكيفية استفادتها من هذه المساعدات. ولكن في الواقع فإن الأزمة الاقتصادية ستظل من أبرز التحديات التي ستواجهها حكومة أويحيى، والتي يصفها المراقبون بأنها ستكون حكومة تصريف أعمال وسوف تستمر في اتخاذ تدابير تقشفية لا سيما في ما يتعلق بتقليص النفقات الحكومية، والانسحاب التدريجي من دعم المواد الغذائية ذات الاستهلاك الواسع.