رغم التصريحات المضحكة والتي تدعو إلى السخرية في الكثير من الأحيان و التي انتهجها العديد من رؤساء التشكيلات السياسية المشاركة في الحملة الانتخابية تحسبا لمحليات 23 نوفمبر الجاري، إلا أن الفتور لا يزال يسيطر على أجواء التنافس الانتخابي، خاصة وأن الحملة تدخل اليوم أسبوعها الأخير، في ظل استمرار نفور شعبي وعدم تجاوب كبير مع أنشطة الأحزاب والمرشحين، رغم توظيف الخطاب الرئاسي لدى تحالف الموالاة، ما يطرح مخاوف واسعة من حالة عزوف قد ترهن مصداقية الاستحقاق المحلي. لا يزال موضوع رئاسيات 2019 يسيطر على المشهد السياسي في البلاد هذه الأيام، حيث أقحم الموضوع في خطابات الأحزاب ضمنيا أو علنا، وكالعادة فقد كان الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني جمال ولد عباس، السباق للأمر، حيث أطلق تصريحات أكد خلالها أن حزبه لن يرضى بأن يكون غير قائد في كل ما يحدث بالبلاد، وأن الرئيس بوتفليقة سيكون مرشح الحزب في الانتخابات الرئاسية المقبلة، وأن الجبهة تعرف هوية الرئيس القادم ولن يكون مرشح من خارج صفوفه، وهو ما جعل غريمه أحمد أويحيى زعيم الأرندي يخرج عن صمته ويعلن طموحه للوصول إلى قصر المرادية. في وقت سارع عمارة بن يونس الأمين العام للحركة الشعبية، إلى الرد على تلك التصريحات، حيث أكد أن الشعب وحده من سيقرر من سيكون الرئيس القادم، وأن هويته لا يعرفها أحد. وفي السياق تواصلت خلال الأسبوع الثاني من الحملة الخرجات الغريبة لزعماء الأحزاب السياسية مع احتدام التنافس حتى أصبح استعمال المحظورات مباحا لدرجة أن الوزير السابق ورئيس الحركة الشعبية الجزائرية عمارة بن يونس لجأ إلى احتضان إحدى مناضلاته، وهو يلفها ببرنوسه في تصرف أثار استياء مناضلي ”الأمبيا” قبل عامة الجزائريين، الذين استهجنوا هذا التصرف، ليرد عليه أمين عام الأفلان بارتدائه ”للبرنوس” في إحدى خرجاته حاضنا فيه مجموعة من الشباب في تصرف اصطلح عيه بحرب ”البرنوس” بين الحلفاء في البرلمان. وطوال الأسبوع الثاني من الحملة، توالت تصريحات غريبة ومضحكة من قبل زعماء سياسيين على غرار جمال ولد عباس الذي أكد مباشرة وهو عائد من روسيا أنه حامل لصواريخ لمواجهة كل من يتعرض له وللأفلان، ما فتح عليه وابلا من الانتقادات والنكت حتى وصلت إلى أكبر القادة السياسيين يتقدمهم عبد المجيد مناصرة رئيس حركة مجتمع السلم الذي قال أن خطاب ولد عباس ”مفلس” ولا يدخل إلا في إطار خطابات شعبوية. ويرى مراقبون أن الحملة الانتخابية تستمر، في غياب تام لطرح عقلاني حول الأفكار الممكنة لحل المشكلات الاجتماعية والاقتصادية، التي تعاني منها الجزائر بعيدا عن لغة ”الخشب” التي اعتاد عليها الجزائريون في كل موسم انتخابي. ويصف البعض هذه الحملة بأنها مجرد كرنفال للفرجة والضجيج، وسوق مفتوحة للملاسنات والولائم والنشاط والغائب الأكبر هو تقديم البرامج، لأن الانتخابات تعتمد في مجملها على عنصر المال والقرابة والقبيلة والشخص، كما أن الأسبوع الأول من الحملة الانتخابية سجل تواصل المعركة من الميدان إلى شبكات التواصل الاجتماعي، خصوصا على ”فايسبوك”، في وقت لا يزال المرشحون على اختلاف انتماءاتهم يحاولون استمالة أصوات الناخبين بإظهار أنفسهم ”متواضعين”، والخروج للميدان في ظل غياب برامج مقنعة حيث تميزت الكثير من خطابات قادة الأحزاب السياسية، بالميل نحو التذكير بإيديولوجية وفلسفة الحزب ومواقفه السياسية، بدل التركيز على تقديم مقترحات للحلول التي تتماشى مع المشاكل المعاينة على المستوى المحلي.