هل نلوم الرئيس الفرنسي، ساركوزي، عفوا ماكرون، أم نلوم أنفسنا على ما يلحقه بنا أحفاد بيجار وبيجو، وقبلهما دوبرمون، وغيرهم ممن زرعوا الدمار في القارة السمراء، تحت مسمى ”المهمة الحضارية”، من إهانة؟ أليس من الوقاحة وسوء الأدب أن يتطاول رئيس فرنسا على مضيّفه البوركينابي في عقر داره ويسخر منه، محاولا التنصل من النزعة الاستعمارية لأجداده، وهو المنفوخ بعقدة الرجل الأبيض المتوارثة أبا عن جد؟! إذا كانت سقطة الصبي الفرنسي الذي كذب علينا وهو يسوّق نفسه خلال الحملة الانتخابية لما أدان من الجزائر الماضي الاستعماري لبلاده وجرائمها المقترفة في حق الشعوب التي استعمرتها عقودا، في حق رئيس دولة مستقلة هي بوركينا فاسو وأهان رئيسها في الحرم الجامعي بالعاصمة واغادوغو، قائلا إنه ليس هو المسؤول عن إصلاح الكهرباء في القاعة التي كان يلتقي فيها بالطلبة بل هي مهمة الرئيس كابوري، ونعته بيده مثل الصبي، كاشفا عن قلة أدب ونظرة استعلائية واحتقار لمضيّفه، فماذا سيكون سلوكه هنا بعد أيام، عندما يحل الأسبوع المقبل بالجزائر؟ علما أن الرئيس البوركينابي سجل رفضه للإهانة وغادر القاعة ليواصل صبي روتشيلد إفراغ شحنة القذارة التي تملأ صدره. لولا إفريقيا التي يدفع 14 بلدا منها سنويا مئات الملايير لفرنسا - مقابل ما يدّعون أنها إرث استعماري - ولولا الجزائر التي انتشلت العديد من شركاتها من الإفلاس، لما واجهت فرنسا أزماتها المالية المتكررة ولما احتلت المرتبة السادسة من حيث القوة. لا تظنوا سوءا بالشعب البوركينابي ورئيسه، فلا ننسى أنه لما حاول الرئيس السابق بليز كامباوري تعديل الدستور ليترشح لعهدات مفتوحة للرئاسة، خرج البوركينابيون حاملين لافتات مكتوب عليها ”لسنا الجزائر”، وشخصيا عشت التجربة المريرة عندما كنت بواغادوغو لحضور مؤتمر صحفي عندما قاد جنرال من المقربين لكامباوري في سبتمبر 2015 بمحاولة انقلاب، لإسقاط الرئيس الذي قاد مرحلة انتقالية، لكن الشعب خرج إلى الشوارع منددا بالعملية، وأجهضت محاولة الانقلاب بعد أيام قليلة. فماذا سيعلم فتى روتشيلد شعبا كهذا سوى أنه أهان نفسه، وبين أن عقدة الرجل الخارق le surhomme التي تحدث عنها نيتشة في كتابه ”هكذا تكلم زرادخت” مازالت تسيطر على كل الحكام الأوروبيين، وما زالوا أوفياء لفكر أجدادهم، ينظرون نظرة دونية لشعوب البلدان التي صنعت مجدهم؟!