أذعن الرئيس البوركينابي بليز كامباوري، لمطالب عشرات آلاف المتظاهرين الذي طالبوا برحيله، مؤكدا انسحابه من رئاسة بلد حكمه طيلة 27 عاما بعد انقلاب عسكري على نظام الرئيس المغتال طوماس سانكارا. ولم يتمكن الرئيس كامباوري، من مقاومة ضغط الشارع ومظاهرات لم يسبق أن واجهها طيلة سنوات حكمه بعد أن أحكمت المعارضة قبضتها وأصرت على رحيله من خلال مظاهرات عارمة اقتنع على إثرها بقبول تنحيه. وقال الرئيس المطاح به من خلال ثورة شعبية أطلق عليها بعض معارضيه اسم "الربيع الأسود"، إنه يعلن "عن شغور منصب رئيس البلاد حرصا منه على المحافظة على المكاسب الديمقراطية والسلم الاجتماعي والبدء في مرحلة انتقالية" لا يجب أن تتعدى ثلاثة أشهر تنتهي بتنظيم انتخابات عامة ديمقراطية وشفافة. وقال رئيس هيئة أركان الجيش البوركينابي، الجنرال هونوري طراوري، في بيان أصدره أمس، إنه سيتكفل بمهام رئيس البلاد المستقيل طبقا للإجراءات الدستورية المعمول بها في البلاد. وسادت فرحة عامة أوساط المتظاهرين في ساحة الأمة، في وقت أكد فيه العقيد بوريما فارطا، أمام المحتجين ان "بليز كامباوري لم يعد منذ الآن رئيسا للبلاد"، وسط هتافات الابتهاج المنبعثة من ساحة اكتظت بآلاف المتظاهرين الذي أصروا على العودة للتظاهر أمس، رغم التدخل القوي لقوات الجيش والحرس الرئاسي ضدهم نهار أول أمس. وفي أول رد فعل على هذه النهاية رحبت فرنسا أكبر حليف للنظام البوركينابي، بقرار الرئيس كامباوري، مغادرة السلطة في وقت اعتبرته الولاياتالمتحدة بالقرار اللازم لتفادي أي انزلاق. وتسارعت الأحداث في بوركينا فاسو نهاية الأسبوع، بشكل لافت بعد مظاهرات شعبية حاشدة تزامنا مع جلسة كان نواب البرلمان يستعدون لعقدها من أجل تعديل المادة 37 من الدستور قصد السماح للرئيس كامباوري، للترشح مرة أخرى بعد عهدتين من عشر سنوات وعهدتين من أربعة عشر سنة مما استدعى تدخل الجيش لاحتواء وضع آيل إلى الانهيار والفوضى العارمة في مواجهات خلفت 30 قتيلا. ورفع المحتجون شعارات "كامباوري ارحل"، و«كوامي لوغي رئيس" في إشارة إلى الجنرال المتقاعد الذي أقاله الرئيس كامباوري سنة 2003، ويحظى بشعبية واسعة في أوساط الرأي العام البوركينابي. وشهدت العاصمة وغادوغو أعنف المظاهرات أحكمت من خلالها المعارضة قبضتها على الرئيس كامباوري، ودعت أنصارها إلى مواصلة مسيراتهم الاحتجاجية الى غاية إرغامه على الرحيل ومنعه من تعديل دستور البلاد الذي يسمح له بالبقاء في السلطة لعهدة خماسية أخرى، رغم أن هذا الأخير أعطى ضمانات بإجراء مرحلة انتقالية مع رفضه كل فكرة لتقديم استقالته. ولكن زفرين ديابري، رئيس مختلف أحزاب المعارضة أكد عدم التراجع والبقاء في الساحات العمومية بقناعة وجود فوضى عارمة في أعلى هرم السلطة في البلاد. وأضاف رافضا كل فكرة للحوار الذي ربط كل مرحلة انتقالية برحيل الرئيس دون شروط". واضطر الرئيس كامباروي، الذي تولى مقاليد البلاد سنة 1987، من خلال انقلاب عسكري أطاح بنظام الرئيس طوماس سانكارا، أمام هذا الانزلاق الى إلقاء كلمة على الشعب قال من خلالها إنه فهم ما يريده المتظاهرون وتعهد بتجسيد تطلعاتهم لتحقيق التغيير الذي يريدونه. ولكن إرادة الشعب البوركينابي كانت أقوى هذه المرة من رغبة رئيس أراد البقاء ولكنه اقتنع بعد 27 عاما أن رحيله أفضل من بقائه.