أن تتحول ساحة البريد المركزي بقسنطينة هذه الأيام إلى ما يشبه ساحة الفاتيكان أو مدخل برج إيفل بباريس وغيرهما من الأماكن الراقية في عواصم ومدن العالم المتحضرة، أين تجالس أسراب الحمام البشر في مشاهد رائعة وممتعة ترمز إلى التمدن وحب الهدوء وفعل الخير خاصة وأن الموضوع له علاقة بطائر يرمز إلى السلام، فتلك صور تمدن تستدعي التوقف والاستحسان سيما وأننا لم نألف مثل هذه الصور التي نجد أنفسنا مشدودين إلى التفرج عليها في زياراتنا إلى بلدان الغرب على وجه التحديد• ساحة البريد المركزي أحد الأماكن المشهورة والتي طالتها الفوضى ومظاهر مشينة كباقي الأماكن الجميلة في عاصمة الشرق والتي تحولت إلى سوق مفتوحة لبيع العملات والهواتف النقال ومرتعا لمشادات وعراكات عديدة استرجعت من أسابيع هدوءها بعد أن ضربت قوات الأمن حصارا على من كانوا يفرضون منطقهم هناك ليحولوا الساحة إلى ما يشبه بورصة سوداء ومأوى ميزته الضجيج والغليان وكثرة المتوقفين بها، حتى يخيل للمار بها أنه في أحد أسواق افريقيا السوداء المفتوحة على كل أشكال الفوضى والقذارة والتخلف•• الساحة اليوم استعادت هدوءها كما سبق ذكره وصارت مكانا مريحا ونقيا والأجمل من ذلك أن ترى شبانا وشيوخا وأطفالا يحملون قطع خبز "يفتفتونه" للحمام الذي بدأ يألف هذا السلوك المتحضر فصار يقصد الساحة بأسراب عديدة وسط أجواء قل ما نشاهدها في ساحاتنا العمومية وأفراح أطفال ببراءتهم وشقاوتهم وهم تارة يريدون ملامسة حمامة ومرة يدنون من سرب ربط علاقة مع المكان ومن يقدمون له فتات رغيف وأشياء أخرى ••فمن قال إنه ليس هناك من الجزائريين من يعشق التحضر ويتطلع إلى مجتمع راق ؟ مثل هذه المظاهر نستحسنها وتجعلنا نتطلع إلى تمدن أكثر•