وكان هذا الملتقى الذي أشرفت على تنظيمه جمعية "محفوظ بوسبسي" بمناسبة اليوم العالمي لمحاربة عمالة الأطفال،فرصة للقاء الأخصائين النفسانيين وأساتذة في طب الأمراض العقلية، إلى جانب ممثلين من القيادة العامة للدرك الوطني وبحضور العديد من الجمعيات والهيئات الناشطة في مجال حقوق الانسان، والذين تطرقوا باسهاب إلى موضوع الطفل والمراهق على حد سواء، مركزين على المخاطر والآفات الخطيرة التي تحدق بهذه الشريحة من المجتمع، والتي يستوجب إحاطتها بكامل العناية والمراقبة المستمرة، في ظل التفشي الخطير للإجرام بمختلف أشكاله، ولإثراء النقاش والحوار في هذا الملتقى التحسيسي والتوعوي، تم برمجة 10 مداخلات، استهلها الدكتور "كلول" مختص في الأمراض العقلية الذي أحاط بالجوانب الخفية للمراهقة بين الماضي والحاضر، والذي أكد أن الأمر في الوقت الراهن يدق ناقوس الخطر ما استدعى التدخل السريع للجهات المختصة لحماية هذه الفئة من المجتمع، التي تعتبر الأمل في المستقبل، وهو الذي ركز في مداخلته على المقارنة التي أجراها حول كيفية التعامل مع المراهقين، انطلاقا من الوسط العائلي إلى الوسط الاجتماعي، مؤكدا أن فترة المراهقة تعتبر من أصعب المراحل التي يمر بها الفرد، لأنها مرحلة تتكوّن فيها شخصيته، وتتأكد فيها ذاته بين المحيطين به، ولا سيما أفراد أسرته الذين قد يخطؤون في تحديد المفاهيم الصحيحة والطرق المثلى في تربيته ورعايته ،من خلال اعتمادهم على التوبيخ واللوم، وكذا نقد تصرفاته، فتجده في هذه الحالة يتهرب من واقعه القريب للاحتكاك أكثر بأصدقائه سعيا منه للإعتراف بذاته في إطار الجماعة• لا يمكن تجاهل دور المدرسة من جهتها السيدة "أمحيص" تطرقت إلى الدور الذي يجب أن تلعبه المدرسة، باعتبارها قاطرة لمجتمع المستقبل، من خلال تكوين الطفل والناشئة في مراحله الأولى من دخوله الوسط التربوي، الذي يستدعي تعزيزه بالحنان والرقة وبعده الاجتماعي، الذي لا يكتمل إلا بتوفير جو محبب وملائم للطفل، الذي يجب تشجيع مواهبه وقدراته الفكرية والمعرفية، مع العمل على تنميتها وتطوريها بالدروس النظرية والعملية وكذا الهوايات، وضرورة تجنب اللاستقرار الذي يعد السبب الرئيسي في تحطيم شخصية المراهقين، وكذا البطالة التي تجر العديد منهم إلى سلوكات مرفوضة وخطيرة، كالإنحراف والمخدرات - تضيف نفس المتحدثة - أما الأستاذ "إدير" عميد كلية علم النفس لجامعة تيزي وزو، ركّز على دور السلطات المعنية، ودعا للتشخيص المبكر لأسباب ضياع المراهقين ودخولهم لعالم مجهول عماده المخاطر المحدقة بهم من كل جهة، اجتماعيا ونفسانيا وحتى جسمانيا، وهو ما أراد من جهته "بوضياف بوسعد" عضو في جمعية "طفل وشدة" والنائب في البرلمان من خلال شرحه المفصل لأهم ردود الأفعال الواردة لدى الطفل والمراهق أثناء فشله في مراحله الدراسية، والتي أرجعها بدوره إلى المنظمة التربوية الحالية، التي تحتاج حسبه إلى إعادة النظر واهتمام أكثر من طرف المسؤولين المعنين، مؤكدا أن العاملين في قطاع التربية والتعليم مدعوين بالدرجة الأولى إلى بذل جهود كبيرة لإعادة الإدماج الإجتماعي لهؤلاء الاطفال والمراهقين، خاصة الذين تركوا مقاعد الدراسة لأسباب أو أخرى • وقد أثار الجانب القانوني، اهتمام الحاضرين الذي تطرقت إليه الأخصائية النفسانية "زهرة بوكعولة" من خلية حماية الأحداث من الإنحراف من القيادة العامة للدرك الوطني، التي تطرقت باسهاب إلى كيفية حماية الطفل والمراهق إلى حد سواء، لا سيما هؤلاء المهدّدين بخطر الإنحراف والمعرضين، لمختلف أنواع العنف الجسدي والنفسي وحتى الجنسي، وهو ما يستدعي تظافر جهود عدد من الهيئات لردع هذه المخاطر، ولا يمكن الإستهانة بها، كما قالت أنه بفعل صغر سن هؤلاء الأطفال الضحايا يجهلون الطرق القانونية، التي تمكنهم من ايقاف هذه الممارسات، كما لا يعرفون الجهات المختصة وكيفية الوصول إليها، مشيرة إلى شروع القيادة العامة للدرك الوطني، في توسيع حظيرتها بانشاء خلايا إصغاء إضافية على المستوى الوطني، لتضاف إلى ثلاثة أخرى موجودة من قبل في كل من العاصمة وهران وعنابة• وفي هذا الإطار، حذّر المتدخلون من العنف الذي أخذ يطال المدارس، وهو ما ذهب إلى تأكيده المفتش المتقاعد في قطاع التربية "رشيد نيكنوش" محذّرا من حجم مخاطر هذه الظاهرة، التي تتوسع بين سنة وأخرى ما يستدعى حسبه، إعداد برنامج وطني خاص يتكفل بمثل هذه الحالات التي كثيرا ما تصل بصاحبه إلى القضاء، والمتسبب الرئيسي فيها قاصرا، لتكون بذلك طريقة النظر فيه صعبة بحكم سن المتابع والمتسبب• " الحرفة " هروب نحو المجهول من جهته الدكتور "محمود بودرين" مختص في الأمراض العقلية، تناول موضوع الحرافة ونتائجها الوخيمة التي عادة ما تؤدي بصاحبها إلى الهلاك والموت المحتوم، وهوالذي قال أن الظاهرة تسرق السعادة من هؤلاء الذين يشترون الحياة بالموت، بمجرد تفكيرهم في الالتحاق بالضفة الأخرى، متانسين حجم المخاطر التي تنتظرهم في عرض البحر، باعتبار أغلبهم يختارون الحرفة عبرالبر بعيدا عن أعين القوات المختصة، وهو ما اعتبره بالرحلة نحو المجهول، داعيا في هذا المقام إلى تشريح استعجالي لظاهرة الحرافة في الجزائر، من خلال تبني السلطات لإستراتيجية شاملة للتكفل بالشباب، لا سيما في مجال التربية، الترفيه، التسلية ومكافحة البطالة، خاصة إذا علمنا أنه تم توقيف 1500 مهاجرا غير شرعيا، خلال 2007 ومن بينهم 45 أجنبيا، إضافة إلى 87 لقوا مصرعهم بعد أن فشلوا في العبور إلى الضفة الأخرى، في حين تم انقاذ 376 آخرين بأعجوبة من موت محقق، وهو ما يطال من جهة ثانية شبابنا اليوم من خلال لجوئهم إلى الإنتحار، الذي يتنافى وقواعد الدين الإسلامي، والذي ترجع أسبابه الأساسية إلى تدهور العلاقات القائمة بين المراهق وأهله، وكذا مع الآخرين، إلى جانب انهيار الوضع الإجتماعي للأسرة وكذا الإقتصادي، مع فقدانه لأحد المقريبن من العائلة، وكذا عجز هذا المراهق في انخراطه وسط الجماعة، التي ترجع عادة إلى مرحلة الطفولة، إلى جانب عدم استطاعته تحمل المنافسة في وسط الجماعة• ودعا المتدخلين إلى ضرورة إحاطة هؤلاء المراهقين بمختلف الإمكانيات التي من شأنها فتح الطريق السليم لهم بعيدا عن الفواحش والمعاصي، وكذا فتح قنوات الحوار مع عائلاتهم للإستماع لانشغالاتهم•