لم يتأخر "أحمد أويحيى" طويلا للكشف عن المهمة الجديدة التي أعيد تنصيبه من أجلها على رأس الحكومة• وتتمثل هذه الأخيرة في تنظيم الانتخابات الرئاسية القادمة، حيث أعلن أمس بمناسبة كلمته الافتتاحية لأشغال المؤتمر الثالث العادي للتجمع الوطني الديمقراطي عن وقوفه رفقة إطارات ومناضلي حزبه "بجانب رئيس الجمهورية في المواعيد السياسية الكبرى التي نقترب منها"• وماعدا هذا الوعد فإن رئيس الحكومة الجديد لم يرد على أي من التساؤلات التي يطرحها الشارع الجزائري والمتتبعون للشؤون الحكومية، بخصوص الملفات الاقتصادية والاجتماعية العالقة• واكتفى الرجل الأول في الأرندي الذي لم يترك حتى رئاسة مكتب المؤتمره لغيره، بتقديم حصيلة إيجابية عن الوضع العام للبلاد مستشهدا من جديد بالدفع المسبق للديون الخارجية بعدما اضطرت الجزائر في السابق لإعادة جدولة ديونها، وهو الأمر الذي اعتبره أويحيى "إهانة"• وبعدما دافع "أويحيى" عن ضرورة مشاركة الجزائر في مشروع الاتحاد من أجل المتوسط منذ أيام وانتقد الذين يريدون "إحداث عقدة لدى الجزائريين" بشأن التطبيع مع إسرائيل••• سارع أمس إلى تجديد الشروط التي سبق أن وضعها "بلخادم" ووزير الخارجية "مراد مدلسي" مقابل المشاركة في المشروع• فقال رئيس الحكومة الجديد أن "الفضاء المتوسطي مرهون بتكريس حقوق الشعب الفلسطيني وتوضيح أهداف المبادرة الجديدة" أي الاتحاد المتوسطي، الذي قال عنه يجب أن يراعي المساواة بين جميع أطرافه• وانتقد "أويحيى" كذلك مسار العولمة وقال عنه "لم ينجح سوى في تقوية رؤوس الأموال المتعددة الجنسيات"• وهذا موقف سبق للرجل أن عبر عنه في العديد من المناسبات وانتقد بشكل خاص البنوك الأجنبية التي تستفيد أكثر مما تفيد عندما تفتح فروعا لها في الجزائر• ويكون لهذا الموقف تأثيرا مباشرا على إلغاء حقيبة الوزارة المنتدبة للإصلاح المالي من التركيبة الحكومية الجديدة، وإن لم يؤد ذلك إلى تجميد ملف الاصلاحات المالية الجارية منذ فترة، فإن الملف مرشح ليعرف تغييرات في وجهته مع عودة "أويحيى"• وبدأت ملامح التغيير تطفو إلى السطح مع النداء الذي أطلقه وزير المالية السابق ومستشار الرئيس حاليا "عبد اللطيف بن آشنهو" لإنشاء "صندوق سيادي" كفيل بتمويل الاستثمارات العمومية• ويكون نداء "بن آشنهو" قد اصطدم بمعارضة بنك الجزائر، سواء معارضة مبدئية أو تتعلق بصيغة تجسيد الفكرة• وعندما نعرف الصراع الذي ظل قائما بين "أويحيى" و"بن آشنهو" منذ أيام إدارة هذا الأخير لوزارة المالية، يصبح من السهل التنبؤ بالعقبات التي ستواجه مستشار "بوتفليقة" الحالي لتجسيد أفكاره في القطاع المالي وهو ما عجز عنه في غياب "أويحيى"•