موريتانيا الشقيقة هي الدولة الوحيدة في شمال إفريقيا التي عرفت تجربة ديمقراطية فريدة من نوعها .. انسحب فيها العسكر من الحكم بعد أن وصلوا إليه بالإنقلاب وانسحبوا منه بالإنتخاب ! وهي أيضا الدولة الوحيدة في شمال إفريقيا التي عرفت أكبر عدد من الإنقلابات العسكرية ضد المدنيين وضد العسكريين أيضا ! الديمقراطية الوليدة في موريتانيا الشقيقة تشبه اعتناق اليمن الجنوبي في عهد اليمنيتين للشيوعية العلمية على الطريقة السوفياتية ! ما يحدث في موريتانيا يثير التساؤل الجدي : هل تحتاج موريتانيا فعلا إلى ديمقراطية متقدمة في مجتمع يحتاج إلى كل شيء وآخر ما يحتاج إليه هو الديمقراطية ! لسنا ندري ؟! لكن الأكيد أن هذا البلد يحتاج فعلا إلى استقرار لتلتفت نخبه القليلة إلى مسألة البناء وليس البقاء رهن الإنقلابات والإنقلابات المضادة بواسطة العسكر ضد المدنيين أو بواسطة الانتخابات ضد العسكر أو بواسطة العسكر ضد العسكر ! هذا البلد تتداخل فيه عوامل عديدة ليست القبلية وأصابع الجيران والقوى الدولية ببعيدة عما حدث ويحدث من مساس بالاستقرار ! قد تكون إدانة الإتحاد الإفريقي والإتحاد الأوروبي لهذا الانقلاب له دلالته، لكن الأكيد أن ما يحدث في موريتانيا يتجاوز مسألة الصراع على السلطة بين العسكر والمدنيين إلى خلفيات قبلية لها امتداداتها الإقليمية والدولية ! لو كانت الأزمة بين الرئيس الموريتاني المنتخب وخصومه في البرلمان والمؤسسة العسكرية لا تتغذى من خارج الشأن الموريتاني لما عمرت كل هذه المدة ولما انتهت بهذه النهاية الحزينة لتجربة كانت تثير فضول المنطقة، تماما مثلما كانت قضية الإشتراكية العلمية في عدن في السبعينيات تثير فضول قوى خليجية وعربية، فضلا عن القوى الدولية ؟!