أعربت العديد من الأقطاب الفاعلة في المجتمع المدني والحقل الثقافي بتيبازة عن انبهارها وتأثرها بالمستوى المتميّز للاستعراضات الفولكلورية التي قدمتها فرق متخصصة من ولاية النعامة على هامش الأسبوع الثقافي لذات الولاية بتيبازة من 20 الى 24 أوت الجاري، وأجمع هؤلاء على أنّ الأعمال الفنية المقدمة تخفي في طياتها نماذج متميّزة من العمل الجاد والصادق على عكس ما هو حاصل بولاية تيبازة ذاتها حيث حصل نزيف حاد للفرق الفنية الشعبية خلال العشرية الأخيرة لأسباب يتعلق بعضها بعدم توفر الإمكانات المادية والمعنوية للنشاط فيما تتعلق الأخرى بعدم وجود سياسة ثقافية واضحة معتمدة من طرف الوصاية في هذا المجال. الحيدوس والديوان والعلاوي كلّها استعراضات فولكلورية أجهدت فرقا محلية من النعامة من كلا الجنسين نفسها في تقديمها بطابع فني يترجم أصالة وتقاليد المنطقة، كما أنّ موسيقى الفناوي والأناشيد والمدائح حظيت هي الأخرى بقسط وافر من اهتمام النخبة الثقافية لولاية النعامة، بحيث قدّمت سهرات فنية في هذا الشأن بدار الشباب لتيبازة لقيت استحسان وتجاوب التيبازيين الذين تذوّقوا الأطباق الفنية الجديدة غير المعهودة بمعية سيل كبير من الأعمال الشعرية التي نسجها شعراء النعامة مثل محمد الامين سعيدي والحبيب حاجي ورمضان بن عاشور، وهي أعمال لم تخف في طابعها النكهة الصحراوية المتميزة التي تقدّر عاليا معاني الكرم والضيافة والشرف. وإذا كان التراث غير المادي قد حظي بدعم وفير من القائمين على الشأن الثقافي بالنعامة، فإنّ التراث المادي حاز بدوره على قسط كبير من التأطير والرعاية من لدن جمعيات فنية عدّة كجمعية "أضواء الشرق" للفنون التشكيلية وجمعية "فارسة" للسهوب وجمعية "الصناعات التقليدية" بمعية حرفيين آخرين، بحيث شهدت الخيمة المنصبة على مقربة من فيلا أنجلفي بتيبازة عرض أشهى الأكلات الشعبية التي تشتهر بها ضواحي النعامة، كما عرضت الألبسة والأواني التقليدية والفنون التشكيلية والحلي والصور التاريخية والأثرية، الى جانب معرض آخر للكتاب والكتّاب ساهم به مؤلفون ومفكرون من ولاية النعامة بدعم مباشر من مديرية الثقافة، ليتحول بذلك الديكور المنشأ الى واحة ثقافية صحراوية لم تألفها جموع صناع الفرجة القابعين بتيبازة والقادمين من الولايات المجاورة لغرض الاصطياف والنزهة، مع الاشارة الى انّ مدير الثقافة لولاية النعامة السيّد "عمر مانع" كان قد صرّح صبيحة افتتاح التظاهرة بأنّ الفعاليات الثقافية لولايته عمدت الى نقل أطباقها وأعمالها الى ولايات أخرى من بينها تيبازة، بعدما رفض أبناء ذات الولايات التنقل الى النعامة لاكتشاف تراثها وزخمها الثقافي المتميّز. فهل يتعلق الأمر بالاعتزاز والشعور بالتميّز أم ان الأمر لا يتجاوز عتبة التواصل بين ثقافات الجزائر العميقة.