تعاني الحرف وفنون العمارة الإسلامية التراثية القديمة في مصر أزمة شديدة ومستمرة منذ سنوات نتج عنها اندثار وانقراض بعضها وانتهاء معلميها وطلابها. هذا الوضع ينطبق على حرفة صناعة الطراز الإسلامي من "الزجاج المعشق". وصناعة "الزجاج المعشق" (الزجاج الممتزج بالجبس) نشأت أيام الدولة الأموية وظهرت في الأجزاء العليا من المساجد، حيث تتم تصفية الضوء بدرجة من الخشوع الروحاني بما يناسب قداسة المسجد ومناخه. وفي المسجد اتخذ الزجاج تصميمات زخرفية كأشكال الزهور والنباتات والطيور وحتى الأشكال الهندسية. وقد وجد "الزجاج المعشق" وارتبط بالعمارة الإسلامية في الأندلس في الدولة الأموية، وهذا الطراز موجود حاليا بكثرة في مصر وسوريا والعراق وفلسطين والمغرب العربي. رئيس جمعية أصالة لرعاية الفنون التراثية والمعاصرة عز الدين نجيب أوضح أن "الزجاج المعشق" بالجبس ارتبط بالعمارة الإسلامية ونشأ وتطور معها، وأول نماذج له في مسجد قبة الصخرة بفلسطين وفي جامع أحمد بن طولون بالقاهرة. أما "الزجاج المعشق" بالمفهوم الغربي فهو منقول عن الفن البيزنطي حيث إنه ممتزج بالرصاص، وهو معتم وليس له لون بعكس "الزجاج المعشق" بالجبس، فلونه أبيض وبأقل إضاءة داخلية يظهر بياضه. ويؤكد رئيس جمعية أصالة أن الانتشار الأكبر الآن للطراز الإفرنجي والزجاج الممتزج بالرصاص لارتباطه بالفلل، ولكن كليهما (الممتزج بالجبس أو الرصاص) خرج من إطار العمارة الدينية ولم تعد لهما صلة بها مثل الكثير من الحرف التي خرجت من منظومة المعتقدات والقيم. ويحذر من انقراض نظام توريث الحرفة "لأن الآباء يعيشون معاناة البطالة وضيق فرص الحياة الكريمة بسبب تدهور الاهتمام بحرفهم، ولذا فلن يورثوها لأبنائهم الذين لهم تطلعات جديدة". ويشدد نجيب على ضرورة تأسيس مجلس أعلى للحرف التراثية في مصر، وإلا ستنقرض الحرف الواحدة تلو الأخرى في عشر سنوات، كما انقرض "الزجاج المعشق" وبسبب الإهمال سينقرض ما تبقى.