أحبت حرفة صناعة الزجاج أو ما يسمى "بالزجاج المعشوق" أو (الفيتخاي) فأبدعت فيها.. أدركت منذ البداية أنها مهنة رجالية وتنطوي في حد ذاتها على العديد من المخاطر، ومع هذا لم تتخل عنها.. تحس براحة كبيرة عندما تعانق أناملها الزجاج.. تعد لوحات زجاجية غاية في الجمال.. تتقن اختيار الصورة والألوان التي تجسد على اللوحة الزجاجية.. إنها الآنسة نسرين مواوكة حرفية في ال25 سنة من عمرها التقتها "المساء" بدار الحرف التقليدية التابعة لبلدية واد قريش فكان معها هذا الحوار. - بداية كيف اختارت الآنسة نسرين حرفة الزجاج المعشوق؟ * لا أخفي عليكم أحب كثيرا الزجاج لأنه مادة شفافة، ولأني أحب الرسم والألوان قمت بتربص بمركز التكوين المهني وريده مداد، حيث تعلمت القواعد الأساسية في فن الرسم، إلا أن ميلي للرسم على الزجاج كان كبيرا، فقررت البحث عن شخص يدعم موهبتي في مجال الزجاج إلى أن تعرفت على السيدة نادية وايشوش التي تخصصت في مجال الرسم على الزجاج، ولديها خبرة 15 سنة، مارست تربصها في إيطاليا وفرنسا. - ما الذي أضافته معلمتك لموهبتك؟ * تتلمذت على يدها مدة أربع سنوات، ولا أزال أعمل تحت إشرافها وتوجيهها، علمتني أن أحب ما أقوم به، كما نصحتني بأن أتذوق العمل الفني الذي أعده حتى يكون ناجحا، إلى جانب التحلي بالصبر، فلا يخفى عليكم أن عملنا يتطلب صبر داوود. - قلت إن الحرفة التي تمارسينها تسمى "عشاق الشمس" ما معنى هذا؟ * لأنه بعد الانتهاء من إعداد اللوحة الزجاجية التي تأتي غنية بالألوان وتحمل شكلا معينا، إذا رفعناه إلى الشمس يتوهج شكلها، أي أن الشمس تزيد من جمالية العمل المنجز، وللعلم العمل على الزجاج موجه أساسا للجانب الجمالي كنوافذ المنازل، وعلى العموم شاعت هذه الحرفة عند الأوروبيين، حيث كانت تستخدم بنوافذ الكنائس. - ماهي المراحل التي يمر بها العمل لإعداد لوحة زجاجية؟ * نقوم أولا باختيار الشكل الذي يرغب الزبون في تجسيده على الزجاج، والذي يكون إما أشكالا طبيعية أو هندسية أو أحرف عربية، بعدها نحدد الألوان التي تناسب الشكل المختار، وللعلم هذه الألوان تأتي بالزجاج، أي أن الزجاج ملون، ثم نضع الزجاج فوق الشكل المختار ونقوم بتقطيعه، مثلا نقوم بقطع ورقة زهرة من الزجاج ونستخدم لذلك جهازا خاصا، بعدها نحيط أطراف الأجزاء التي نعدها بالنحاس ونلصقها بالرصاص قطعة بقطعة إلى أن نحصل على الشكل النهائي، وتسمى هذه التقنية بتقنية "لا تيفاني" نسبة إلى السيد تيفاني مخترع التقنية. - ماهي الصعوبات التي تعانون منها؟ * نقص المادة الأولية المتمثلة في الزجاج الملون، فهي غائبة بالسوق الجزائرية، والزجاج موجود ولكنه لا يناسب سواء من حيث سمكه أو ألوانه، ناهيك عن أن الزبون يحب كثيرا أن تكون التحفة المنجزة متقنة، وللوصول إلى هذه الغاية لابد أن تكون المادة الأولية، جيدة لذا نستوردها من الخارج وهي مكلفة للغاية. - هل حقيقة حرفة "عشاق الشمس" حرفة رجالية؟ *مما لا شك فيه هي حرفة رجالية لأنها تتطلب جهدا عضليا كبيرا خاصة في مرحلة ترطيب القطع التي نعدها، ولكن هذا لا يمنع المرأة من ممارستها خاصة إن أحبتها، فقد تبدع فيها أكثر من الرجال. - ماهي أكثر مرحلة تعتبرينها صعبة في هذه الحرفة؟ *من أكثر المراحل التي أحبها في هذه الحرفة هي مرحلة تقطيع الزجاج، فعلى الرغم من أن هناك احتمالا أن ينكسر الزجاج خاصة إن كانت القطع منحنية، ومع هذا أحس بمتعة كبيرة، أما أكثر ما يرهقني هي مرحلة ترطيب حواف القطع لاحتمال التعرض للإصابة بالشظايا المتطايرة والتي لا تظهر بالعين المجردة. - كيف ترون الإقبال على اللوحات الفنية التي تعدونها؟ * اللوحات الزجاجية التي نعدها تباع بأثمان باهظة، لذا فان الإقبال على تزين البيوت بهذا النوع من العمل قليل، كما أن هذه الحرفة تتطلب أن يتمتع الزبون بذوق فني عال، وأن يكون مرتاحا ماديا حتى يقبل عليها، وأعتقد أن الأغلبية تجهل وجود هذا النوع من الحرفة - ما الذي تتمناه الحرفية نسرين مواوكة؟ * حرفة الزجاج المعشوق حرفة صعبة تتطلب جهدا كبيرا وصبرا أكبر، إلا أنه بعد الانتهاء من العمل نحصل على لوحة فنية غاية في الجمال. أتمنى فقط أن تحظى هذه الحرفة باهتمام السلطات المعنية حتى لا تندثر، كما أتمنى أن ينشط الإعلام حتى تكون معروفة عند العامة، وحبذا لو تكون لدي ورشة خاصة أعلم فيها محبي هذه الحرفة في بلادنا.