وقد عاد الدكتور علي الكنز في محاضرة ألقاها سهرة أول امس بالمكتبة الوطنية بالحامة الى التاريخ من اجل توضيح الرؤية حول الجدل المطروح بين الحداثة والتحديث حيث تطرق الى زيارة الأمير الألماني فريدريك للعالم العربي في القرن 12 والذي حاول الاتصال بصلاح الدين الأيوبي بعد التطور الذي لاحظه في العالم الاسلامي آنذاك ، وهو الأمر الذي دفعه الى تأليف كتاب حول ما رآه هنالك، والذي تضمن كل الجوانب التي أبهرته في الحضارة العربية وهو ماجعل بابا الفاتيكان يشك في أمر هذا الأمير بحيث ظن انه خائن . في سياق متصل أوضح الدكتور أن الغرب في تلك الفترة كان متأخرا بسبب خضوعه لسيطرة الكنيسة حيث كان يعيش مرحلة ماقبل التنمية ، بعد ذلك انتقل ضيف المكتبة الوطنية الى الحديث عن القرن ال15 عندما قام حاكم مصر محمد علي باشا بارسال "الطهطاوي"في رحلة الى فرنسا من اجل الدراسة والبحث في حال الغرب وهنالك حدث له نوع من الانقلاب في فكره لما وجد الغرب قد تطور ومن ثمة عاد من اجل المساعدة على بناء الدولة الحديثة وهنا توصل الى القول بانه يمكننا ان نبقي على الجانب الفكري والروحي السلفي ونكسب الجانب العلمي للغرب من اجل مواكبة التطور.من جهة اخرى تساءل الدكتور المحاضر عما حدث بين القرنين ال12 وال19 ، وعن ماهية سبب تقدم الغرب وتراجع العرب ، حيث اشار الى انه من اجل فهم ما حدث في الغرب ولتبيان هذه العلاقة لابد من العودة الى أن الحداثة في مفهومها الغربي ظهرت في ايطاليا في القرن ال15 وبدأت بمفهوم النهضة وبأشياء لاعلاقة لها بالدين حيث ظهر مجموعة من العلماء حاولوا البحث في سبل تطوير العلوم فلجؤوا الى انه لابد من البحث في العالم ما قبل المسيحية وهنا بدأ الاصطدام بين الفكر العلمي والفكر الديني ، مضيفا أن التطور العلمي الذي واكب الثورة الصناعية وكذا ظهور عدة تيارات منادية بالتحرر من الاستبداد وسلطة الكنيسة ومن هنا انفصلت العلوم التقنية عن العلوم الإنسانية وبعد ذلك ظهرت عدة مفاهيم الى جانب الحداثة مثل الدولة القومية ، كما اشار الدكتور الى ان" ابن رشد" يعد أول من دعا للفصل بين السلطة الدينية والعلمية في كتابه "فصل المقال ما بين الحكمة والشريعة والاتصال" الذي يعد أساس الدستور الهولندي . كما خلص المحاضر الى القول بان أوروبا تعاني أزمة حداثة والغرب عموما خاصة بعد استعمال السلاح النووي ضد اليابان ، كما ان الحداثة تتطور في الهند وأمريكا اللاتينية و الصين ، في حين ان العالم العربي ما يزال على حاله . وفي الأخير قال الدكتور"نحن العالم العربي علينا ننقد أنفسنا حتى تكون لنا شرعية نقد الآخر " كما اشار الى ان النقد الاسلامي للائكية هو نقد غربي للحداثة جدير بالذكر أن الدكتور علي الكنز حاصل على دكتوراه في علم الاجتماع بجامعة باريس ، وهو يشغل حاليا عدة مناصب حيث انه يعمل كأستاذ لعلم الاجتماع بجامعة " نانت " ، أستاذ زائر في الكثير من جامعات العالم مستشار علمي في معهد العلوم المتقدمة شمال – جنوب ومدير بحث في معهد البحوث التنموية في باريس وعضو المجلس العلمي للمركز الإفريقي للبحوث الاجتماعية .وقد صدر للدكتور علي الكنز عدة مؤلفات باللغة الفرنسية منها " اقتصاد الجزائر " 1980، " الخبرة الصناعية في الجزائر " 1987 و كتاب " الجزائر والحداثة "1989 الذي تمت ترجمته إلى اللغة الانجليزية عام1991 . كما نشر الدكتور بعض الأعمال باللغة العربية منها " وضعية علم الاجتماع في العالم العربي " 1986 " الانتلجنسيا في العالم العربي " 1989 و " الدين والمجتمع " 1991 .