الحدث هذه الأيام في أسواقنا تصنعها البيضة التي قفز سعرها الى حدود 15 دج كما هو حاصل بولاية تبسة الحدودية وهو ما يعتبر في نظر العارفين بخبايا السوق أمرا غير مسبوق..فأن تباع بيضة الدجاجة بسعر يتجاوز العشرة دنانير فذاك العجب العجاب بالنسبة للمواطنين اللاهثين وراء خبزة تسد الرمق فحسب، فغالبا ما كان يلجأ الفقير وحتى ضعيف الدخل الى الاكتفاء بتناول بيضتين وقطعة خبز وكأس مشروبات أي وجبة غذاء تعادل تقريبا ال25 دج وتوقف طلبات معدته التي ألفت على أن تملأ وكفى دون التفكير في اختيار أنواع الأكل وما يحسب بأن له فوائد جمة على جسم الإنسان. الجولة التي قادتني أمس وصديق صحفي الى واحد من أشهر أسواق قسنطينة أبانت لنا أن البيضة صارت هي الأخرى سيدة تماما كالبطاطا أو أكثر ارتفع سعرها وغلى شأنها وقل تواجدها والطلب عليها وهناك استوقفتني مقولة تنسب بقسنطينة الى "المرابط الطاهر" الذي يعرفه من عايش الفترة الاستعمارية على وجه الخصوص فالرجل كان له جزءا لا يستهان به من ذاكرة الولاية وكان مرابط بكل ما تحمله هذه الكلمة من معان كثيرة تنبؤاته صدقت حتى بات مضربا للأمثال ومصدر حيرة وتعجب ومن بين مقولاته : " يأتي اليوم الذي تشترون فيه العظمة بألف فرنك " حينها الكل تعجب كما يروي الآباء والأجداد خاصة وأن سعرها وقتذاك لم يتجاوز "الدورو" الذي اختفى تماما عن معاملاتنا المالية وصار غير موجود البتة واليوم صدقت مقولة "المرابط الطاهر" وصارت البيضة كما يقال بشلاغمها وفي أحسن الظروف تباع ب10 أو 12 دج. الارتفاع الجنوني لأسعار البيض لم يجد له تفسيرا مقنعا من قبل التجار والمربيين على السواء فهناك من يرجع أسبابه الى ارتفاع أسعار أغذية الأنعام وتخلي الكثير من أصحاب المداجن عن تربية الدجاج وخاصة الموجه لإنتاج البيض أو ما يعرف عادة بالدجاج الأحمر وفيهم من يتحدث عن غياب مساعدات الدولة للمنتجين والتكثيف من عمليات الرقابة وهناك من يرى أن الشتاء وبرودة الجو لها أيضا مفعولها وصار المنتجون لايخشون من الاحتكار وبين هذا وذاك تبقى البيضة سيدة وحلول كسر الأسعار غائبة أم أن هناك من يسعى جاهدا من مافيا المال والأعمال الى جر البلد الى استيراد البيض كذلك وهذا أيضا أمرا يمكن تصوره ما دام جلبوا لنا لحوما وأسماكا مجمدة وغير ذلك من مواد استهلاكية باتت تذر الملايير على مستورديها والأمراض في الغالب على مستهلكيها ؟