تشهد أسواق التجزئة للخضر والفواكه خلال الأيام الأخيرة، ارتفاعا جد محسوس في أسعار المواد والخضر الأساسية والموسمية، التي كان من المفترض أن تعرف اسعارها انخفاضا، خاصة مع موسم الأمطار الذي سجلته بلادنا هذا العام والذي كان ينبئ بموسم فلاحي ناجح ومثمر، ولم يستثن ارتفاع الأسعار الخضر فحسب، بل طال حتى اللحوم البيضاء كالسمك والدجاج بالإضافة إلى مادة البيض، التي تجاوز سعر الحبة منها ال 13 دج. كشفت لنا الجولة الميدانية التي قادتنا إلى العديد من أسواق الخضر والفواكه بالعاصمة، الشعبية منها أو الراقية، معاناة المواطنين المتسوقين بها بسبب الارتفاع الجنوني للأسعار، والتي لم نجد لها تبريرا لدى الباعة سوى اتهامهم أسواق الجملة برفع الأسعار مما انعكس على أسواق التجزئة. وقد بلغت أسعار أهم الخضر كالبطاطا، مستوى عاليا، حيث يتراوح سعرها ما بين ال 50 و60 دج على الرغم من الوفرة الملحوظة في هذه المادة التي لم تعد تشكل أزمة مثلما كان الحال في السنوات الماضية، غير أن ذلك لم يشفع لها لدى المحتكرين، الذين لا زالوا يتحكمون في السوق ويضاربون في منتجاته، فيما بلغ سعر الطماطم 80 دج وكذلك، بالنسبة للكوسة والخس اللتين لم يتزحزح سعرهما عن 80 دج، وذلك منذ أكثر من خمسة عشر يوما، حسب شهادات بعض المستهلكين والمتسوقين الذين لم تمتلئ قففهم إلا بأرطال من هذا أو ذاك، أما سعر اللفت والبسباس فاستقرت عند حدود 50 دج.. أما البازلاء (الجلبانة) والقرنون فلم تتغير أسعارهما عن 100 إلى 120 دج، وذلك منذ دخول هذه الخضر إلى الأسواق منذ حوالي الشهر، رغم أنها دخلت موسمها ومن المفترض أن الوفرة في إنتاجها تعمل على كسر سعرها إلا أن العكس هو الحاصل بحيث ظلت أسعار الخضر الموسمية مرتفعة خلال هذه الفترة من السنة التي من المفترض أن تنعكس فيها خيرات السماء على ما تجود به الأرض، بتأكيد الفلاحين الذين استبشروا في وقت سابق بموسم فلاحي مزدهر تنعكس آثاره بالضرورة على الأسعار والمستهلكين، الذي وللأسف أنهكت جيوب البسطاء منهم، وفي الحالتين يتحسر الفلاح والمستهلك البسيط، ويبقى الوسيط التجاري يحافظ على هامش ربحه في كل الحالات، تماما على طريقة المنشار الذي يأكل صعودا ونزولا . وتشير مصادر من سوق الجملة ل" الروفيقو" إلى توفر كميات كبيرة من الخضر والفواكه تنتظر فقط من يشتريها، خاصة مع تعميم استعمال البيوت البلاستيكية التي أصبحت تدر كميات هامة من مختلف المنتجات الفلاحية، غير أن أسعارها تبقى منفرة للعديد من باعة التجزئة، والشيء نفسه بالنسبة لبعض الفواكه الموسمية كالبرتقال والمندرين التي تبقى أسعارها تفوق ال 100 دج بالنسبة للنوعية الجيدة وبين 50 و80 دج للنوعيات الأخرى. من جهة أخرى، سجلت أسعار اللحوم البيضاء ارتفاعا قياسيا خلال هذه الأيام الأخيرة مقارنة بالشهور الماضية وحتى خلال رمضان المنصرم، بحيث وصل سعر الكيلوغرام الواحد من الدجاج إلى أكثر من 280 دينار بأغلب أسواق العاصمة، وهو ما أرجعه بعض الباعة إلى اقتراب الاحتفال بعيد المولد النبوي الشريف الذي يكثر فيه الطلب على الدجاج، في الوقت الذي عرف ثمن البيض هو الآخر زيادة محسوسة قفزت من 7 دنانير إلى 13 دينارا أي بزيادة قدرها 6 دنانير، كما بلغ سعر طبق من البيض لدى بائعي الجملة إلى 320 دج، وهي التسعيرة التي أحدثت ضجة في أوساط المواطنين، خاصة منهم أصحاب الدخل المحدود الذين سيستغنون لا محالة عن الدجاج والبيض بعدما كان البروتين الوحيد الذي تعتمد عليه فئة محدودي الدخل، والذين استبدلوا أكل اللحوم الحمراء بالبيضاء نظرا لثمنها الذي كان يتراوح ما بين 160 و180 دينار للكيلوغرام خلال الأسابيع القليلة الماضية، وقد احدث الارتفاع المسجل في أسعار البيض المفاجأة هذا الموسم، حيث صار حديث الشارع هذه الأيام، وهو المشكل الذي أرجعه الباعة إلى تجار الجملة الذين رفعوا من السعر الذي كان متداولا قديما دون أي تبرير، فيما تشير مصادر مقربة من مؤسسات تربية الدواجن، إلى أن الارتفاع المسجل في أسعار الدجاج والبيض يعود إلى التهاب أسعار أغذية الدواجن التي قفزت من 2000 و2800 دج للقنطار الواحد إلى أكثر من 3500 دج للقنطار الواحد، وهو ما جعل الديوان الوطني لتربية الدواجن يعجز عن تلبية احتياجات المربين الذين يلجأون إلى الخواص الذين يبيعونها بأسعار باهظة أمام ضعف الرقابة التي تركت المجال مفتوحا للمضاربين للتحكم في هذه المادة الحيوية. ومن المفارقات التي يشهدها قطاع تربية الدواجن، هو تحقيق بعض الولايات إنتاجا وفيرا في البيض والدجاج بفضل تطبيق سياسات ناجعة، والمثال في ذلك ولايات المدية، عين الدفلى والبويرة، هذه الأخيرة التي ارتفع إنتاجها إلى أزيد من 250 مليون بيضة سنويا، وهو ما يكفي لتغطية حاجيات الولاية والولايات الأخرى كالعاصمة. السمك هو الأخر وتحديدا "السردين"، فقد تسميته الشعبية ب "غذاء الفقراء"، حيث قفز سعره إلى 200 دج للكلغ الواحد، فيما عرف لحم الغنم زيادة في سعره ليفوق ال 680 إلى 700 دج للكلغ وبين 550 و600 دج بالنسبة للحم البقر.