عادت صور الفيضانات الأخيرة التي عرفتها عدة ولايات كغرداية وتبسة وعين الدفلى، بذاكرة سكان مدينة البرج إلى الفيضانات التي عرفتها المدينة خلال شهر سبتمبر من عام 1994 والتي خلفت أكثر من 13 ضحية، إضافة إلى تسجيل حالة فقدان لسيدة، ناهيك عن الخسائر المادية المعتبرة التي ناهزت 100 مليار سنتيم آنذاك سواء في المؤسسات العمومية أو الممتلكات الخاصة للمواطنين، خاصة في أحياء لاقراف وعبد المؤمن وحي عبد القادر البريكي وحي الشهداء وحي 8 ماي 1945 المعروف بالباطوار. وأضاف التقرير ذاته أن عدد السكان المهددين بخطر الفيضانات والسيول الجارفة عبر كامل تراب الولاية يزيد على 15 ألف نسمة عبر حوالي 14 بلدية. ويقطن جل هؤلاء المواطنين في مدينة البرج وثاني أكبر بلدية في الولاية رأس الوادي، حيث توجد بهذه المناطق المحددة في التقرير أحياء سكنية ومؤسسات رسمية مثل المدارس ومراكز التكوين المهني ودار الحضانة ومحطة المسافرين بحي 08 ماي، السوق اليومي على مستوى حي عبد القادر البريكي وكذا مسجد بومزراق والقاعة المتعددة الرياضات بحي لاقراف. وتبقى الإشارة إلى أنه وإن لم يرد إسم بعض المؤسسات في هذا التقرير لحساسيتها، فإنها ليست بمنأى عن خطر الفيضانات مثل مؤسسات أمنية هامة، كما هو الحال بإحد المراكز الأمنية التابعة للقطاع العسكري في حي عبد المؤمن الذي لا يبعد مقره عن وادي لاقراف سوى بحوالي 30 مترا، وهذا الأخير كان سببا في كارثة 1993 . هذه المؤسسات والأحياء قد تختفي من الوجود في حالة حدوث تهاطل كثيف للأمطار ما يسبب فيضانات عارمة. وأثناء معاينة المصالح التقنية للحماية المدنية لهذه الوديان، كشفت عن وجود 4 وديان تشكل خطرا حقيقيا على حياة المواطنين وسط مدينة البرج وكذا على البنايات القائمة في مجرى هذه الوديان غير المهيأة باستثناء "وادي عريريج" الذي يمر عبر حي عبد المؤمن "لاقراف" وهو مغطى إلا أن تهيئته لا تكفي لاستيعاب السيول المتدفقة. أما الوديان الثلاثة الأخرى فهي غير مهيأة ويتعلق الأمر بوادي "مرج الوسط" الذي يمر عبر الجزء الشرقي و"وادي صليب" الذي يقطع الشطر الغربي من المدينة، بالإضافة إلى" وادي بومرقد". وتستقبل هاته الوديان كميات معتبرة من المياه التي تتساقط بالجهة الشمالية للولاية. والجدير بالذكر أن فوهة وادي مرج الوسط أصبحت لا تحتمل كميات المياه الكبيرة المتدفقة والمحملة بالأوحال وكذا كميات كبيرة من الطمي الفضلات بسبب شدت الانحدار الذي تعرفها هاته الوديان. وقد أصبحت تشكل خطرا دائما على معظم أحياء مدينة البرج كحي عبد المؤمن وحي الشهداء وكذا حي 8 ماي 45 وحي 500 مسكن وحي مونية التي يقطن بها أكثر من 4000 نسمة. ثلاث نقاط سوداء برأس الوادي وبنايات عمومية في حالة خطر أما عن مدينة رأس الوادي، فقد سجلت بها مصالح الحماية المدنية ثلاث نقاط سوداء قد تعرف الانفجار في أي لحظة خاصة عند تهاطل الأمطار الغزيرة، حيث تمر عبرها 3 وديان تعرف بالخطورة الشديدة مثل "وادي بوجري" الذي يمر بمحاذاة أكبر الأحياء السكنية بالمدينة مثل حي ملوزة وحي قلاليز وكذا أحياء تجزئة 152 مسكن. هاته الأحياء التي يقطن بها حوالي 5 آلاف نسمة بالإضافة إلى "وادي الجرابعة" و"وادي الرماح". وجاء في التقرير ذاته أن نفس الظاهرة ممكنة الحدوث عبر البلديات ال 12 المتبقية والتي تقع في دائرة الخطر وهي: عين تاغروت وبئر قاصد علي وسيدي امبارك ومجانة والياشير والحمادية والعش وبرج الغدير وغيلاسة وكذا بلديتي المنصورة والمهير. في حين تبقى بلديات دائرة زمورة في منأى عن الخطر بسبب موقعها الجغرافي في المناطق الشمالية بالولاية التي تعرف علوا كبيرا مقارنة ببقية بلديات الولاية المسجلة في التقرير. والشيء الذي توصل إليه التقرير هو تواجد الآلاف من البنايات العمومية وكذا الممتلكات الخاصة للمواطنين في حالة خطر داهم أثناء الفيضانات، حيث تم إحصاء أزيد من 2500 بناية سكنية مهددة بالفيضانات عبر مختلف مناطق الولاية بعضها تم بناؤها بمواد صلبة وأخرى بالطوب، ما يجعلها عرضة للانجراف في حالة حدوث فيضان بالمنطقة، خاصة وأن كمية التساقط للأمطار تقدر ب 500 ملم سنويا. وتتمثل هذه المنشآت في بنايات سكنية جماعية مثل العمارات وبنايات فردية بالاضافة الى وجود أزيد من 20 مؤسسة تعليمية متمثلة في مدارس ابتدائية ومتوسطات وثانويات ضمن محيط الخطر، إضافة إلى مساجد وملاعب وقاعات رياضية ومراكز تكوين مهني ومحطات نقل المسافرين ومؤسسات استشفائية داخل دائرة الخطر. هذه الحالة دفعت الكثير من المنتخبين المحليين للتساؤل حول تسليم رخص البناء على ضفاف الوديان وكذا الدراسات المعتمدة في بناء مؤسسات عمومية وصرف مئات الملايير من خزينة الدولة لأجل إنشائها في دائرة خطر وأمام وديان ومصارف القاذورات. هذه الحالة دفعت بنا إلى التنقل إلى بلدية المهير الواقعة على بعد 40 كلم باتجاه الجزائر العاصمة على الطريق الوطني رقم 05 والتي عرفت منذ مدة فيضانات راح ضحيتها أحد أعوان الدفاع الذاتي حيث جرفته السيول التي داهمت المنطقة. وأكد قاطنو حي الإخوة بن طزقل ل "الفجر" على الخطر الذي يحدق بهم جراء قطع وادي المهير والشبة لعدد من أحياء البلدية؛ حيث يجد المواطن نفسه تحت رحمة التقلبات الجوية. وتجدر الإشارة إلى أن التقرير حمل العديد من الملاحظات والتجاوزات المسجلة في مجال الاحتياطات الأمنية وكذا التدابير التي تمت مراعاتها في تحديد مناطق بناء مؤسسات عمومية إضافة إلى تقديم رخص البناء للمشاريع السكنية وكذا الفوضى الحاصلة في تشييد البنايات على بعد أمتار فقط من مصبات المياه القذرة والوديان.