شهدت أشغال الدورة العادية للمجلس الشعبي الولائي بعنابة، نهاية الأسبوع الماضي، نقاشات ساخنة ومشادات عنيفة وخرجة حزبية تعد الأولى من نوعها بقيادة عدة أحزاب والذين فضلوا الانسحاب الجماعي من قاعة المجلس لمقر الولاية بعد عرض الميزانية الأولية لسنة 2009، حيث تم توزيع أكثر من مليار دينار بطريقة عشوائية لا يساهم في تنمية بلديات الولاية وهو ما لم يكن متوقعا في هذه الدورة التي برمج بها ملف الفلاحة وبعض المتفرقات. أولى المفاجآت المسجلة في هذه الدورة كانت بالانسحاب الجماعي لأكثر من 20 منتخبا الذين امتنعوا عن المصادقة على ميزانية 2009 والتي قدرت بأكثر من مليار دينار وقد وجهت منها 35 % إلى قسم التجهيز، أي 500 مليون دينار و28 مليار سنتيم وجهت إلى حصة البلديات وهي النقطة التي أثارت استياء بعض المعارضين الذين أخلوا القاعة بسبب التصرف العشوائي في هذه الميزانية بالرغم أن مناطق عنابة محرومة من برامج التنمية والحركية الاقتصادية والتجارية التي تنهض بالولاية وترفع الغبن عنها. وعليه، يبقى الانسحاب الجماعي من الدورة العادية للمجلس الشعبي الولائي، أول أمس هو ما لفت الانتباه وأثار الاهتمام إلى الدورة وكان السبب الذي دفع بممثلي الشعب من عدة أحزاب للثورة على الإدارة والقرارات المجحفة التي تنفذ في حق المواطن البسيط. كما طفا على السطح ملف الاستثمار عن طريق الامتياز بمحيط فتزارة الذي استهلك 55 مليار سنتيم ولايزال يمثل نقطة سوداء في ولاية عنابة حيث أكد المنتخبون في تدخلاتهم أمس وبلهجة حادة بأن المشروع تم التلاعب بأمواله من طرف تجار ورجال أعمال صناعيين وإطارات في مؤسسات عمومية وإدارات دون تحويله إلى محطات فلاحية ورعوية لأن من خصوصيات البحيرة مشكلة الملوحة وتجمع المياه الأمطار بمحيطه تطرح مع كل فصل مطر وهو الأمر الذي جعل عشرات المستفيدين يسعون لاستغلال هذا المحيط في نشاط الرعي العشوائي وكراء الهكتارات منه بمبالغ باهظة في الوقت الذي يتكبد فيه العشرات الآخرون خسائر فادحة بسبب الحواجز المائية والسدود الوهمية التي بنيت بطريقة ترقيعية، حيث غمرت المياه المحاصيل الزراعية وكل المؤشرات المتحصل عليها حسب تدخلات المنتخبين تؤكد بأن المشروع غير ناجع ولابد من دراسة لاحتوائه. وعلى صعيد آخر، طرح المنتخبون مشكل غرف التبريد التي تقدر ب 38 غرفة تم إهمال 12 غرفة لم تربط بالكهرباء وقد تحول أغلبها لمستودعات للرمل. وعلى صعيد آخر، تم الحديث عن تراجع معدل الثروة الحيوانية رغم المراعي الكثيرة بجبل إيدوغ وبحيرة فتزارة بالإضافة إلى غياب الصناعة الإنتاجية التحويلية وذلك لضعف برنامج التنمية الريفية خاصة السكن الريفي والطرقات. أما في المتفرقات أبدى المنتخبون شراهة كبيرة في تشريح الوضع الكارثي الذي تعانيه الطرقات بالولاية فأغلبها تحول إلى ورشات مفتوحة وأخرى عبارة عن ممرات ترابية وحفر ومطبات، إلى جانب تعثر قطاع السكن الريفي الذي أخذ حصة الأسد في الدورة. ومن جانبه وفي إجابته عن هذه الانشغالات، كشف الوالي بأن هناك ديناميكية جديدة واستراتيجية ناجعة للنهوض بالتنمية المحلية بعنابة ويأتي في مقدمتها تعزيز السكن الريفي بالأرياف وذلك لاستقرار السكان فيه برنامج حيوي يخص الطرقات وفتح المسالك الوعرة وتكثيف الكهرباء 100 % . كما أشار الوالي إلى تكوين لجنة خاصة تستدعي بنك التنمية الريفية لمعالجة مشكل التبريد بالإضافة إلى مواجهة بارونات العقار الفلاحي لأن ملف الفلاحة بعنابة أصبح من النقاط السوداء خاصة خلال السنوات الأخيرة. للإشارة، فإن الدورة لا تزال مفتوحة للأيام القادمة وذلك لوضع التوصيات.