كشف مصدر عليم أن مشاورات مكثفة تجري حاليا بين أهم الدول المنتجة والمصدرة للنفط داخل "أوبك" وخارجه للخروج بموقف حازم خلال الاجتماع المرتقب في وهران في 17 ديسمبر الجاري، حيث بدأ توافق بين العديد من الدول لخفض سقف الإنتاج مجددا ما بين 1.2 الى 1.5 مليون برميل يوميا لضمان التأثير الفعلي في السوق وإشراك روسيا ودول أخرى في القرار لضمان فعالية أكبر. المشاورات التي تقودها رئاسة المنظمة، ممثلة في رئيسها وزير الطاقة والمناجم، شكيب خليل والأمانة العامة التي يضمنها الوزير الليبي، عبد الله سالم البدري، شملت جميع الدول العضو، إضافة الى دول غير العضوة لضمان إنجاح القرار الذي سيصدر في وهران. وقد وضعت الرئاسة الجزائرية كل ثقلها في المشاورات بعد أن سجل مجلس المراقبة لمنظمة "أوبك" عدم التطبيق الكامل لقرار المنظمة السابق القاضي بخفض سقف الإنتاج ابتداء من الفاتح نوفمبر 2008 بمقدار 1.5 مليون برميل يوميا وتسجيل فائض عرض وتجاوز للحصص وهي الأسباب التي ساهمت في عدم رد فعل قوي للسوق النفطي. من جانب آخر، كشفت مصادر مقربة من القطاع النفطي أن المشاورات ستتواصل خلال اليومين المقبلين لتحديد موقف موحد، خاصة وأن مبدأ التخفيض أقرته كافة الدول إلا أن التباين يكمن حاليا في مقدار التخفيض، حيث تطالب دول مثل إيران وبدرجة أقل فنزويلا في أن يكون التخفيض بمقدر كبير في حدود 2 مليون برميل يوميا وتطالب دول الخليج بمستوى يقارب مليون برميل يوميا، فيما طالبت الكويت ب 1.5 مليون برميل يوميا وهو تقريبا المقدار الذي تدعمه عدة الدول، فيما تميل أخرى إلى مقدار أقرب في حدود 1.2 و1.3 مليون برميل يوميا. وتحاول دول "أوبك" إقناع الدول غير العضو، بما في ذلك المترددة، مثل النرويج بأهمية ضمان خفض الإنتاج، خاصة وأن الثلاثي الأول من السنة يشهد تراجعا في الأسعار في الأوقات العادية، إلا أن الأزمة المالية والاقتصادية ضاعفت من الشكوك أكثر، خاصة وأن "أوبك" والوكالة الدولية للطاقة تتوقع تراجعا محسوسا للاستهلاك لدى الدول الصناعية وحتى الصاعدة، ما يؤثر أكثر على الأسعار في الثلاثي الأول من السنة لتعود الأسعار في حالة نجاح التدابير الخاصة بالإنقاذ لاسيما في الولاياتالمتحدة في الثلاثي الثاني من 2009 وارتقاب تطبيق تدابير خاصة بالإنقاذ وخصوصا تلك المتعلقة بصناعة السيارات. ويأتي اجتماع وهران في وقت سجلت فيه منظمة الدول المصدرة للنفط تراجعا كبيرا في عائداتها وفقدان سلة "أوبك" لأكثر من 95 دولارا في البرميل وتراجع أسعار النفط بقرابة 102 دولار في البرميل وخسائر لدول المنظمة قاربت 250 مليار دولار وهو ما أضحى غير محتمل، بما في ذلك بالنسبة لأكبر الدول المصدرة على رأسها المملكة السعودية وروسيا وهو ما يدفع هذه الأخيرة الى التنسيق والتعاون مع دول منظمة "أوبك" بصورة أكبر تفاديا لانهيار أكبر للأسعار، خاصة وأن المنظمة وضعت متوسطا مقبولا، حسب ما أشار إليه الخبير فرانسيس بيران في عدة تصريحات حيث يقدر "في حدود 70 الى 80 دولارا للبرميل، وما دون ذلك يشكل هاجسا كبيرا. كما أن القيمة الحالية أي 45 دولار للبرميل لا تساهم في تطوير الاستثمارات خاصة في عدد من المناطق الصعبة". ومن ثم فإن المشكل يمكن أن يعود بقوة مع زوال المخاوف المتعلقة بالأزمة المالية ويمكن أن تعود الأسعار الى الارتفاع مع استعادة الاقتصاديات الكبرى لاستقرارها.