قدمت روسيا مؤخرا مجموعة من الطائرات من نوع "ميغ 29"، كهبة للبنان. وهي المرة الأولى التي يكسب فيها هذا البلد في تاريخه سلاحا جويا، رغم أنه كان لسنوات طويلة عرضة للإعتداءات الإسرائيلية التي كانت تخترق من حين إلى آخر، مجاله الجوي وتقصف مدنه وقراه إما لملاحقة المقاومة الفلسطينية، أو في محاولتها اليائسة للقضاء على حزب الله. وقيل أن روسيا ما كانت لتقدم هذه الهدية الثمينة للبنان لو أن هذا الأخير لم يقسم بأغلظ الإيمان أنه لن يستخدم هذه الطائرات ضد إسرائيل. وقيل أيضا أن إسرائيل كانت ستقيم الدنيا ولن تقعدها لو أنها لم تأخذ الضمانات الكافية أنها لن تكون عرضة لنيران لبنان. لكن ما فائدة كسب بلد مجاور لإسرائيل سلاح جوي أو أي سلاح إن كان لن يستخدمه للدفاع عن نفسه من اعتداءاتها؟ وهل للبنان عدو آخر غير إسرائيل؟ وما فائدة هذه الهبة إذا كانت ستكبل الجيش اللبناني؟ فبعد أن أجبرت سوريا على الإنسحاب، وتعرض لبنان إلى حرب بشعة في صيف 2006، هدت البناءات التحتية لهذا البلد الذي دمرته الحرب الأهلية، ها هو المجتمع الدولي اليوم يضحك على ذقن اللبنانيين بهدية مسمومة. فقد كان عذر لبنان أنها لا تملك سلاحا جويا تدافع به عن نفسها وتصد بواسطة غارات إسرائيل. هبة طائرات الميغ الروسية تطرح من جديد جدوى امتلاك أسلحة في العالم العربي كله وليس لبنان وحدها. ماذا فعل العراق بسلاحه وأسطوله الجوي الذي سمرته القنابل الأمريكية في الأرض ولم يُستعمل؟ ما جدوى امتلاك سلاح لا تطلق منه رصاصة واحدة، لأنه ضعيف ومتخلف ولا يقوى على واجهة الأسلحة الحديثة التي يمتلكها العدو؟ وهل العرب مجبرون على أن يكونوا سوقا لخردة سوق الأسلحة العالمية، ومكبلون من جهة أخرى باتفاقيات أو فقط بالخوف من قوة إسرائيل وحلفاء إسرائيل فلم ينفعهم السلاح الذي صرفوا عليه ملايير الدولارات، وشعوبهم تعيش الفقر والجهل؟ لا داعي إذن لطائرات ميغ تكلف صيانتها غاليا، وليكتف لبنان بامتلاكه هيفاء وهبي ونانسي عجرم والأخريات...