عادت مأساة بريان إلى الواجهة من جديد، مع اقتراب الموعد الانتخابي، لكن هذه المرة بسجل ثقيل، قتيلين وعدد من الجرحى والكثير من الضغائن والأحقاد التي جاءت لتحيي أحقاد الماضي• أول مرة سمعت عن مأساة الخلاف الطائفي، كانت في أول انتخابات تعددية سنة 1990 عندما اختلطت أوراق المنطقة بين مالكيين وإباضيين، حول قوائم المرشحين للانتخابات المحلية• ولم تهدأ العاصفة وقتها إلا بتدخل أعيان مجلس عمي السعيد الذي فصل في القضية وعمل على عودة الهدوء والتلاحم• وهذه المرة الثالثة في ظرف أقل من سنة، تهتز فيها منطقة بريان ويتأجج فيها الصراع الطائفي ويسقط ضحايا من الطرفين، عرب وبربر، ويبدو أن لا أحد قادر على فض هذا الخلاف الذي طال أمده، وما من أحد تمكن من تحديد الجهة التي تقف وراء هذا الخلط، وهل هي من خارج المنطقة، ومن المستفيد من اشتعال النار في هذه المنطقة التي فيها ما فيها من مشاكل اجتماعية كما هو حال بلديات الجنوب المنكوبة؟! ومع أن الدولة جربت الكثير من الوصفات لتهدئة المنطقة، إلا أنها لم تنجح، ومع ذلك ما زالت تلجأ إلى نفس الحلول التي لم تثمر، وقضية بريان مثلما كانت قبلها قضية العروش لا يمكن حلها بالقمع، بل بالبحث عن أصل المشكلة، الذي من الأرجح أن يكون سياسيا أكثر منه طائفيا، لأن الطائفتين عاشتا في وئام لقرون مضت ولم يظهر التناحر بينهما إلا منذ مجيء التعدية ومجيء أحزاب معينة إلى المنطقة ولعبها على وتر العصبية القبلية الحساس• فأين الخلل يا ترى، وهل هو في الدولة التي تركت المنطقة لأهواء سماسرة السياسة والمزايدات الانتخابية فرفضت السقوط في المطب وتركت المنطقة رهينة نار الصراع؟.