أعيدت صياغة أولويات الجزائر في العالم العربي بتقديم المغرب العربي واتحاده في المقام الأول على غير ما درج عليه الدبلوماسيون حتى وقت قريب، ما يعني أن تفعيل الاتحاد المغاربي لن يطول زمنه، وتم استحداث مديريات ومديريات فرعية حسب أولويات المرحلة القادمة في العلاقات الدولية والاقتصادية بالخصوص، وبرز الاتحاد الأوربي والدول التي تتعامل الجزائر في تعاون دائم على قائمة التغييرات "الثورية" على الإدارة المركزية لوزارة الخارجية. تخلت وزارة مراد مدلسي وللأبد عن التداخل في الصلاحيات، الذي ساد الوزارة لعقود بسبب التقسيم العام، الذي طبع إدارة الوزارة على غرار دائرة إفريقيا، دائرة أوربا، دائرة آسيا، إلخ، وظهرت لمسات جديدة وعملية على هرمية الإدارة المركزية للخارجية الجزائرية تتماشى مع الرهانات المستقبلية سواء كانت إقليمية كاتحاد المغرب العربي أو دولية كالاتحاد الأوربي، وتراجع اهتمام الجزائر بالجامعة العربية كمنبر لتبادل التحيات الدبلوماسية أو التهم وفضلت التعامل مع المنطقة العربية على أساس العلاقات الثنائية الجيدة المتبادلة بما يعطي حيزا أفضل للفعل الدبلوماسي في الشرق الأوسط. وتضمنت الخارطة الجديدة للمهام في الخارجية نقاطا تواكب ما يحتاجه الاقتصاد الوطني كلما تعلق الأمر بالاستثمار الأجنبي والرغبات التي تبدو على وجوه شركات متعددة الجنسية، وفي هذه النقطة جرى تقنين تسيير الملف عبر مديرية فرعية لتحليل المعلومة التجارية والاقتصادية، أي التعامل قبليا مع الملفات المرشحة للعرض على الحكومة عبر بوابة الخارجية. يفيد العدد السابع من الجريدة الرسمية أن الأولويات رسمت على غير العادة حسب القرار الوزاري المشترك المؤرخ في 16 نوفمبر الماضي والمنظم للإدارة المركزية لوزارة الشؤون الخارجية، ويظهر المغرب العربي مهيكلا بشكل جيد في هرمية الإدارة الجديدة: مديرية المغرب العربي واتحاد المغرب العربي أولا، ومديرية فرعية لبلدان المغرب العربي بأربع مكاتب في تونس وليبيا والمغرب وموريتانيا. وجرت إعادة نظر في المديرية العامة للتشريفات بما يعطي أولوية للحصانات والامتيازات الدبلوماسية الملحقة بها، ومنه مراقبة الامتيازات الممنوحة بشكل أدق عما كان معمولا به في السابق حسب المادة الثانية. واستحدثت المادة الخامسة تنظيما شبه جديد يسمح للعاملين في "مديرية التعاون مع الاتحاد الأوربي" بمواكبة التطورات الحاصلة على هذا المستوى في العلاقات الدولية وما ارتبط منها بانضمام الجزائر إلى هذا الاتحاد، الذي بات اقرب متعامل مع البلاد اقتصاديا ككتلة دولية وإقليمية. وفي هذه المديرية الهامة نجد مكتبا خاصا ب"غرب المتوسط"، ومديرية فرعية للعلاقات الاورو-متوسطية ومكتب لمتابعة النشاطات مع الاتحاد الأوربي، ومديرية فرعية لوسائل الأمن الجهوي تتعاطي مع منظمة حلف الأطلسي ومنظمة التعاون والأمن في أوربا، واستحدثت مديرية أو جرى تغيير في طريقة تسييرها بما يتماشى مع الرهانات المستقبلية مثل "المديرية الفرعية لتحليل وتسيير المعلومة التجارية".