انطلقت سنة 2016 بمؤشرات اقتصادية تنبئ بانطلاق عدّاد السنوات العجاف التي سيعيشها الجزائريون ابتداء من هذه السنة، بسعر برميل نزل إلى مستوى 30 دولارا، أي بفارق 7 دولارات مقارنة بالسعر المرجعي لقانون المالية لهذه السنة، ما سيتسبب في اختلال توازنات ميزانية الدولة، لاسيما بعد أن عجزت عائدات البترول لسنة 2015 عن تسديد 14 مليار دولار من فاتورة احتياجات الجزائريين من الواردات. تضاف هذه الأرقام لتلك التي قدّمها مؤخرا محافظ بنك الجزائر، والتي دق من خلالها ناقوس الخطر، ليحذر من وضعية اقتصادية غير متحكم فيها يمكن أن تعود بالجزائر إلى أزمة سنوات الثمانينات، بعائدات خزينة أقل من 30 مليار دولار، واحتياطات صرف نزلت تحت مستوى 153 مليار دولار، حيث أصبحت لا تكفي لسد احتياجات الجزائريين للثلاث سنوات المقبلة. وكان رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة قد دعا، في اجتماع وزاري عقده خلال شهر ديسمبر، أعضاءَ الحكومة إلى "قول الحقيقة للجزائريين" واطلاعهم على الوضع الاقتصادي المزري الذي آلت إليه البلاد بعد انهيار أسعار البرميل، دون أن يطلب منهم توضيحات عن السياسيات الاقتصادية الفاشلة التي انتهجتها الحكومات المتعاقبة للخروج من التبعية للمحروقات، والتي جعلت الجزائريين رهينة تقلبات أسواق النفط. وتشير أرقام وزارة المالية لنهاية سنة 2015، والتي تحصلت "الخبر" على نسخة منها، إلى تراجع رهيب لصادرات الجزائر إلى ما قيمته 38 مليار دولار، منها 36 مليار عائدات البترول والغاز (مقابل 63 مليار دولار سنة 2014)، والمرشحة إلى الانخفاض أكثر هذه السنة، بعد تراجع معدل سعر البرميل إلى أقل من 40 دولارا، لينزل إلى 30 دولارا بداية هذه السنة. بالمقابل، لازالت فاتورة الواردات مرتفعة رغم الانخفاض الطفيف المسجل في مشتريات بعض السلع الكمالية، حيث بلغ مستواها نهاية السنة الماضية، استنادا لنفس الأرقام، إلى 52 مليار دولار بالنسبة للسلع والبضائع، دون احتساب فاتورة واردات الخدمات التي تتجاوز سنويا 10 ملايير دولار. وبحساب بسيط، فإن معدل تغطية الواردات عن طريق عائدات الصادرات سيسجل انخفاضا محسوسا بعجز تجاري يصل مستواه 14 مليار دولار سيصعب على الحكومة تسديده للتكفل باحتياجات الجزائريين من الواردات، ويضطرها للجوء إلى احتياطات الصرف، لتتآكل هذه الأخيرة قبل الآجال المحددة لها، أي قبل 3 سنوات. وأكد مصدر مسؤول من وزارة المالية أن شد الأحزمة سيكون إجباريا على الجزائريين خلال هذه السنة التي سيميزها ارتفاع محسوس للأسعار، مع انطلاق اعتماد زيادات في العديد من المواد الأساسية مثل الوقود والكهرباء، ما سينعكس سلبا على أسعار مواد استهلاكية أخرى تنوي الحكومة التخلي تدريجيا عن دعمها، مقابل أجور لن تعرف زيادة خلال 5 سنوات المقبلة على الأقل، في انتظار انتعاش سعر البرميل. يضاف إلى ذلك ما ستعرفه أسعار المنتجات الفلاحية واللحوم من ارتفاع قياسي نتيجة الجفاف الذي سجله موسم هذه السنة. وزيادة على الأسعار التي ستستنزف جيوب الجزائريين في 2016، قررت جميع المؤسسات الوطنية، وحتى الكبرى منها مثل سونلغاز، وفقا لتصريحات نفس المصدر، تجميد عمليات التوظيف إلى أجل غير مسمى، إلى جانب مؤسسات وإدارات قطاع الوظيف العمومي، ما يعني بطالة مقنعة للجزائريين ستدوم العديد من السنوات. وكان الديوان الوطني للإحصائيات قد أعلن عن ارتفاع معدل البطالة في الجزائر إلى 11.2% حتى نهاية سبتمبر من سنة 2015، مقابل 10.6% سنة 2014.