تسعى دول أوروبية عديدة إلى انتداب أئمة جزائريين لتأطير العمل المسجدي وتوحيد الخطاب الديني بعيدا عن التطرف. وفي هذا الإطار جاء لقاء وزير الشؤون الدينية والأوقاف، محمد عيسى، الثلاثاء الماضي، بوفد عن الاتحاد الأوروبي، اللذان بحثا معا موضوع محاربة التطرف والتشدد الديني. والتقى وزير الشؤون الدينية والأوقاف، محمد عيسى، بوفد الاتحاد الأوروبي الذي ترأسه الأمين العام المساعد للنشاط الخارجي لدى هيئة الاتحاد الأوروبي، بيدرو سيرانو، وحضره منسق الاتحاد الأوروبي بالجزائر، جيل كيرشوف. وتبادل الطرفان التجارب والخبرات بين الجزائر والاتحاد الأوروبي والاستفادة على وجه الخصوص من تجربة الجزائر في موضوع محاربة التطرف والتشدد الديني وكيفية ترقيتها. وأفادت مصادر "الخبر" بأن الطرف الأوروبي أبدى اهتماما كبيرا بالعمل المسجدي للأئمة الجزائريين، كونهم يحملون خطابا دينيا معتدلا، كما هو الشأن بالنسبة للأئمة المنتدبين في عدد من المساجد الفرنسية، واعتمادهم على تأطير محكم بعيد عن التطرف، خصوصا أن انتداب هؤلاء يتم عن طريق مسجد باريس الذي يعتبر، بحسب عدد من الدول الأوروبية، مرجعية في العمل المسجدي المعتدل، كما أن هؤلاء يخضعون لمسابقة خاصة قبل انتدابهم. وأبدت دول أوروبية عديدة مثل بلجيكا وهولندا وألمانيا حسب مصدرنا، اهتماما كبيرا بهذه القضية، بحيث قررت تكثيف تعاونها مع الجزائر لإيجاد صيغ خاصة لتأطير العمل المسجدي، قد تنتهي بانتداب أئمة جزائريين من خلال مسابقة يعلن عنها عن طريق مسجد باريس، أي أن هذه المؤسسة الدينية التي تسيرها الجزائر قد تصبح مرجعية دينية في أوروبا، كما هو الشأن بالنسبة للأزهر بمصر. وأفاد مصدرنا أيضا أن عميد مسجد باريس، دليل بوبكر، طرح الفكرة على عدد من الدول الأوروبية، وهي طريقة تمكن من توحيد العمل المسجدي والتحكم في ظاهرة التطرف، خصوصا أن تقارير مصالح الأمن الأوروبية تؤكد بأن أغلب المتطرفين والضالعين في الأعمال الإرهابية في أوروبا لم يتخرجوا من المساجد والمصليات التي يشرف على تأطيرها مسجد باريس. وقد طرحت وزارة الشؤون الدينية، الأسبوع الماضي، مسابقة الترشح للانتداب لدى مسجد باريس لتولي مناصب أئمة وأساتذة رئيسيين ومرشدات دينيات رئيسيات، وأخرى تتعلق برتبة أئمة وأساتذة عاديين ومرشدات دينيات عاديات وكذا أئمة مدرسون، وحددت الوزارة جملة من الشروط للدخول في المسابقة، منها أن يثبت المترشح مدة خمس سنوات من الخدمة الفعلية في الرتبة وأن يكون حافظا للقرآن الكريم كليا ومتحكما في اللغة الفرنسية. وفي رده على هذه الفكرة، أثنى رئيس المجلس الوطني المستقل للأئمة الجزائريين، جمال غول، على المبادرة التي تسعى عدة دول أوروبية، على أن يتبعها الإجراء بتبني المرجعية الدينية الوطنية من خلال إصدار القانون التوجيهي الذي تحدد من خلاله جميع الضوابط مثل المرجعية الفكرية، وكيفية محاربة التطرف الذي يسمح بنقل الصورة الحقيقية للإسلام في البلدان الأوروبية. واعتبر جمال غول أن الأئمة الجزائريين في فرنسا يتسمون بالخطاب الديني المعتدل الذي يدفع إلى التسامح ونبذ العنف، وهو محل إعجاب عدد من الدول الأوروبية. وعن فكرة جعل مسجد باريس الذي تشرف عليه الجزائر، ك"أزهر" لأوروبا، تمنى غول تجسيد هذه الفكرة، التي، حسبه "ستسمح بتوحيد الخطاب الديني، بعيدا عن التطرف"، يقول.