هكذا أنقذ الجيش البلاد من مستنقع الدم إن ما قام ويقوم به الجيش الوطني الشعبي منذ التسعينات بطولة حقيقية تنم عن قوة واحترافية ومتانة تكوينية بالغة الدقة، حيث يقف بكل حزم في وجه الإرهاب الغاشم والمؤامرات التي حيكت وتحاك ضد البلاد في الداخل والخارج، وكما نجح جيش التحرير في الإنتصار على المستعمر الغاشم، نجح سليله في مواجهة عدو لا يقل خطورة عن المستعمر، بعد أن أوصل الجماعات الإرهابية إلى مرحلة لفظ آخر أنفاسها، وذلك رغم ما تعرفه المنطقة من انفلات أمني منذ سنوات، ففي وقت تنبأ أعداء الجزائر بوضع امني متردي، جاء رد رجال الجزائر حاسم وحافظ على أمن واستقرار البلاد، عززته الإصلاحات التي أقرها رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، لمنح فاعلية أكثر داخل هذه المؤسسة. الجيش يعطي العالم درساً في الصمود والإحترافية إذا كان جيش التحرير قد واجه بالأمس أعتى قوة إستعمارية إستيطانية، فإن الجيش الوطني الشعبي يواجه منذ تسعينات عدوا لايقل خطورة عن الأول وهو الإرهاب الهمجي، ولقد أثبت الجيش الوطني الشعبي في مكافحته للإرهاب وفاءه لرسالة الشهداء، حيث حافظ على الدولة الجمهورية ومؤسساتها بعد أن كانت مهددة بالإنهيار، وهذا بفضل صموده وتحليه بالروح الإنضباطية العالية والسلوك العسكري القويم والإنسجام ووحدة الصف، التي راهن الأعداء على تفكيكها. ولما كانت وحدات الجيش الوطني الشعبي تواجه الإرهاب في الميدان وتواصل اقتلاع جذوره وملاحقة فلوله، ناشدت الجزائر منذ البداية المجموعة الدولية، داعية إياها إلى تكاثف الجهود لمحاصرة هذه الظاهرة، التي تعتبر الحدود الدولية خطوطا وهمية، قبل إستفحال خطرها الذي يهدد الأمن والإستقرار الدوليين. ولكن بعض الأطراف الدولية كانت مترددة، كما كانت مواقف بعضها محتشمة ومخجلة، وقد وصل الأمر بالبعض إلى حد التدعيم اللوجستيكي للجماعات الإرهابية، إلى أن استهدفت أقوى دولة في العالم، في أهم مراكزها الحساسة وتأكد للرأي العام العالمي بما لايدع مجالا للشك تنبؤ الجزائر بهذا الوباء الداهم الذي يهدد الإنسانية في كياناتها، وهو ما عزّز موقف الجزائر الدولي في هذا المجال، وزاد من مصداقية قواتنا المسلحة التي جنبت البلاد خطرا كان محدقا بها بانتصارها على قوى الشّر. إجهاض مخططات أعداء الوطن ومع نجاح قوات الجيش الوطني الشعبي في رهانها ضد الإرهاب، بالموزاة مع تدابير المصالحة الوطنية، حيث أصبحت تجربة الجزائر في مكافحة الإرهاب رائدة دوليا، بعد عودة الأمن والاستقرار للوطن بالداخل، ظهر خلال السنوات الأخيرة الإنفلات الأمني بدول جوار وكل المنطقة، وهو ما يعد ثان أكبر تحد لقوات الجيش بعد الإستقلال، فبين دحر تنامي نشاط بارونات المخدرات بجوار البلد رقم واحد في إنتاج الكيف المعالج في العالم، وبين انفلات أمني في كل من ليبيا وتونس والنيجر ومالي، تولد عنه سهولة التنقل غير الشرعي لترسانة أسلحة ضخمة من ليبيا، وظهور جماعات إرهابية نشطة بكل من تونس والنيجر، كاد أن يؤدي إلى كارثة لولا حنكة وبراعة قوات الجيش الوطني الشعبي، وبعدها منع عمليات التسلل والدخول لارض الوطن، وأيضا حرب مالي التي حولت شريط الحدود معها إلى مصدر لأخطار كبيرة. أمام كل هذا، يثبت الجيش الوطني الشعبي أنه يستحق، بجدارة، لقب أول قوة عسكرية في المنطقة، بعد أن تحولت الجماعات الإرهابية إلى بقايا تعاني من نقص فادح في المؤونة والتموين وعجزت عن تنفيذ عمليات إرهابية ذات صدى بسبب الخناق المفروض عليها، وعمليات التمشيط الواسعة التي ما فتئت قوات الجيش الشعبي الوطني تواصلها، والتي عرفت منحى تصاعديا بنتائج مبهرة، ومنعت تعاونها مع شبكات الجريمة المنظمة. إنتشار غير مسبوق للأسلحة بالحدود الشرقية والجنوبية وتواجه قوات الجيش الوطني الشعبي، على الحدود الشرقية والجنوبية، جبهة ساخنة منذ سنوات أمام استمرار الانفلات الأمني في دول الجوار على غرار ليبيا، التي عجزت في ضمان استتباب الأمن والسيطرة على الميليشيات المسلحة التي باتت تفرضها منطقها وصعب التحكم فيها، تجوال كبير لكميات ضخمة من الأسلحة تحولت لمورد للجماعات الإرهابية في المنطقة، ناهيك عن علاقاتها بشبكات تهريب المخدرات. وعلى الحدود مع تونس، قالت قوات الجيش الوطني الشعبي كلمتها عندما تمكنت من منع تسلل الجماعات الإرهابية بها، حيث لم توفق في القيام بأي عمل إرهابي داخل الحدود باتجاه الجزائر، رغم محاولاتها المتكررة. وكان الفريق أحمد ڤايد صالح، نائب وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، قد اكد خلال زيارة عمل إلى الناحية العسكرية الرابعة بورڤلة، على الأهمية القصوى لما أوكل من مهام رئيسية لهذه الناحية، تماشيا مع الأهمية الاستراتيجية التي يتمتع بها إقليمها بكافة خصوصياته الجغرافية والحدودية، باعتبارها تمثل الجهة الجنوبية الشرقية للوطن، والتي تعود لها، ليس فقط، مهمة الدفاع عن أمن وسيادة الجزائر في هذه المنطقة الحيوية وحماية ترابها الوطني من أية محاولة معادية مهما كانت طبيعتها، بل أيضا السهر على تأمين وحماية المنشآت والمُركبات الاقتصادية والطاقوية، منها بالخصوص المنتشرة عبر إقليم الناحية. وكما شدد الفريق أحمد ڤايد صالح، نائب وزير الدفاع، رئيس أركان الجيش، خلال زيارته للناحية العسكرية الثانية بوهران، على أنه رغم المشاكل التي تفاقمت بمحيط الحدود الجزائرية ورغم تعقد الأزمات، ستبقى جهود الجيش بمختلف تشكيلاته ترتكز على حماية التراب الوطني حتى لا تكون منفذا لمخاطر عدم الاستقرار. وقال الفريق ڤايد صالح: مهما تعاظمت مشاكل محيطنا الجغرافي القريب والبعيد وتعقدت أزماته، فتيقنوا أن جهودنا ستبقى دوما متمحورة حول حماية كل ربوع الجزائر بكافة حدودها الوطنية ومشارفها البحرية، حتى لا تكون منفذا لمخاطر عدم الاستقرار، بل نريدها أن تبقى دوما مصدرا لا ينضب لنعمة الأمن والسلام، فالدفاع عن سيادة الجزائر وحفظ استقلالها الوطني، هي منتهى غاياتنا ومبلغ مساعينا، وسنبقى نعمل باستمرار على تنشيط وتفعيل كافة العوامل الموصلة إلى أعتاب القوة والنجاعة العملياتية لقوام المعركة للجيش . عمليات متتالية تحبط مخططات تدفق المخدرات تعتبر السنوات الأخيرة من أكثر السنوات الساخنة في تأمين الحدود الجزائرية الشاسعة، كيف لا والحدود الغربية تنهكها شبكات التهريب وفي مقدمتها المخدرات باعتبار أن الجارة المغرب اكبر دول العالم في انتاج الكيف المعالج، التي تعمل شبكات تهريب دولية على محاولة تمريرها عبر الجزائر نحو الدول الأوروبية. ورغم ان ما يحدث في الحدود الشرقية والجنوبية تحديات جديدة للجيش الوطني الشعبي، غير أن تأمين الحدود مع المغرب يمثل تحديا للجيش ولمختلف مصالح الأمن، بالنظر لطولها على مسافة 1739 كلم، بالإضافة لسهولة تحرك شبكات التهريب والجريمة المنظمة في الجارة المغرب، حيث كانت الشريط الحدودي الغربي الأكثر تركيزا عليه أمنيا قبل أن تظهر الإضطرابات الأمنية في باقي دول الجوار وخاصة الانتشار غير المسبوق للأسلحة الذي لا يبتعد كثيرا من حيث علاقات شبكات تهريب المخدرات بشبكات تهريب الأسلحة، ومع ذلك لم تتراجع القبضة المحكمة من خلال إحباط العديد من عمليات تهريب الأطنان من المخدرات، بل تزايدت وتيرتها لمختلف الأسلاك الأمنية وذلك رغم التحديات الأمنية الجديدة على الحدود الشرقية والجنوبية. ويؤكد الخبراء الأمنيين، أن التحكم الأمني في شريط حدودي مضطرب يفوق 6 آلاف كلم، يعتبر نقطة قوة كبيرة لا يمكن أن يختلف عليها اثنان، كيف لا وقوات الجيش الوطني الشعبي ومعها باقي الأسلاك الأمنية تواجه تسونامي الكيف المعالج بحكم جوار المنتج رقم واحد له في العالم، شبكات دولية تعمل على نقل كميات ضخمة من المخدرات من المغرب نحو أوروبا، وجدت أمام مهمة صعبة لحنكة القوات الأمنية الجزائرية التي أحبطت اكبر عملياتها والأمر لا يتعلق بكيلوغرامات بل بأطنان من المخدرات، ومنذ أعوام تنامى على الحدود الغربية للجزائر نشاط شبكات تهريب المخدرات والبنزين، حيث فرض هذا الوضع على الجيش زيادة حجم التواجد الأمني كان آخرها رفع عدد مراكز المراقبة الحدودية، ورغم صعوبة التضاريس الجغرافية إلا أن عناصر حرس الحدود تمكنت من صدّ الكثير من محاولات التسلل إلى جانب حجز كميات معتبرة من المخدرات والقنب الهندي والكيف المعالج. خطوات ثابتة نحو تعزيز الإحترافية بخطى ثابتة، يواصل الجيش الوطني الشعبي الاتجاه إلى المزيد من الاحترافية والعصرنة ومواكبة أحدث التقنيات العسكرية المستخدمة عالميا، وهو ما يفسر احتلاله مراتب متقدمة ضمن أقوى جيوش العالم، وهو التصنيف الذي ضمّ 106 دولة أجراه موقع غلوبال فاير باور الأمريكي المختصّ في الشؤون العسكرية. ويراعي هذا التصنيف العالمي الجيوش تأهيل القوى البشرية والقوات البحرية والجوية والاحتياطي المحلّي، وكذلك الموقع الجغرافي للدولة الذي يحدد موازين القوى التي تقع ضمنها، وهنا فإن الموقع الجغرافي للجزائر يضعها ضمن مجموعة دول تعاني ضعف كبير في منظومتها الأمنية، تتعاون معها قواتنا الأمنية من خلال مساعدتها على مكافحة الإرهاب التي تعتبر الجزائر رائدة في تجربتها فيه، وتدعمها من خلال مساعدتها بالمعلومة الامنية. الصناعة العسكرية.. الرهان الناجح لوزارة الدفاع الوطني نجحت وزارة الدفاع الوطني في رهان الصناعات العسكرية، وهي تتجه بخطى ثابتة لتحقيق أهدافها المسطرة، ويمتلك الجيش الوطني الشعبي قدرات هائلة في مجال الصناعات العسكرية ومجال البحث والتطوير والإنتاج الصناعي والحربي، وذلك بغرض الرفع من جاهزية مختلف الوحدات العسكرية وعصرنة وتطوير القوات المسلحة، مع المساهمة في النسيج الصناعي والاقتصادي للبلاد. وتمكنت، في اطار سياسة النهوض بالصناعة العسكرية والبحث العلمي، من تجسيد عدة مشاريع على غرار مشروع عصرنة رادار المراقبة الأرضية البرية الذي كان لا يتماشى ومتطلبات المعركة الحديثة، حيث أدخلت عليه تحسينات تقنية هامة ليصبح بمقدوره كشف الأهداف أوتوماتكيا باستعمال الكومبيوتر وأجهزة مراقبة أخرى مع التحكم فيه عن بعد. في نفس الإطار، تمكنت القوات الجوية من عصرنة سلاح الجوي الجزائري الذي يعتبر الاول على المستوى الافريقي والعربي، حيث تمكنت من انتاج نوعين من الطائرات من دون طيار المقدوفة يدويا والطائرات المتوسطة المدى، كما تعكف وحدة البحث والتطوير للميكانيك الطيران على مهام البحث والتطوير في مجلات هياكل الطائرات الطاقوية والمواد الطيرانية، بالاضافة الى مشروع لوحة تجارب المراقبة للمراكز الدوارة للحوامات ومحولات الطاقة الخاصة بالطائرات واجهزة استرجاع وتحليل معطيات الطائرات وأجهزة إدخال المعلومات في الطائرة. وقد تم الإعلان عام 2012 عن مشاريع مشتركة مع ألمانيا تسمح بالحصول على تكنولوجيا تتعلق بالكشف بالرادار والاتصالات التكتيكية ومعدات المراقبة الليلية، وأعلن عن مشروع آخر بدأ في أواخر عام 2013، بإنشاء مصنع مشترك بين الجزائروألمانيا لصناعة الأجهزة الإلكترونية. وفي عام 2013، تم الإعلان عن مشاريع لإنتاج السيارات الثقيلة رباعية الدفع لتغطية احتياجات الجيش، وكذلك إقامة قاعدة للمنظومات الالكترونية للدفاع، ومن بين أهم مشاريع الشراكة تلك التي جمعت الجزائر بالإمارات لإنتاج السيارات العسكرية ذات الدفع الرباعي، والتي تساهم بشكل فعال في عجلة التنمية الوطنية بتزويد باقي القطاعات باحتياجاتها، وفي نهاية عام 2015 استلم الجيش أولى العربات رباعية الدفع من نوع مرسيدس بنز من إنتاج جزائري في مصنع تيارت ، غربي البلاد، لتتولى بذلك الدفعات التي دعم بها باقي الأجهزة الأمنية والقطاعات. وفي 2016، وقّعت وزارة الدفاع الجزائرية على اتفاق شراكة صناعية مع مجموعة ليوناردو - فين ميكانيكا الإيطالية، يتضمن إنتاج طائرات مروحية من طراز أوغوستا واسلاند .