يعد جبن بوهزة أحد أبرز المنتجات الغذائية التقليدية الأصيلة التي تطبع ولاية أم البواقي والمناطق المجاورة لها، بالنظر إلى طعمه الخاص ونكهاته المتنوعة، حيث تميز به الأجداد وورثوه للأجيال لما وجدوا فيه من قيمة غذائية وفائدة صحية، حسب ما أعرب عنه كثير من مستهلكيه بمعرض للمنتجات التقليدية، أقيم مؤخرا بدار الثقافة نوار بوبكر بمدينة أم البواقي. ومن بين من يسعون إلى حفظ هذا الموروث التقليدي الغذائي المميز لسكان الشاوية والعاملين على تطوير إنتاجه، تبرز جمعية إمسندا لترقية وحماية تسمية جبن بوهزة بولاية أم البواقي والتي تأسست سنة 2017، وفقا لما أدلى به أحد أعضائها والمكلف بملف توسيم هذا المنتج، سمير مسايلي، على هامش نفس المعرض الذي ضم عارضين قدموا من 18 ولاية، والذي بادرت إلى تنظيمه غرفة الصناعة التقليدية والحرف بالتنسيق مع المديرية المحلية للسياحة، لافتا إلى أن نشاط أعضاء الجمعية قبل تأسيسها بشكل رسمي يعود إلى أكثر من خمس سنوات. ويتميز جبن بوهزة ، الذي تدخل في تحضيره مواد طبيعية على غرار جلد حيواني معين ومواد مثل الحليب واللبن والملح، عن باقي الأجبان الأخرى بأنه الجبن الوحيد المعتق في الجزائر، أي أنه لا يستهلك إلا بعد مرور فترة معينة من إنتاجه، وفقا لذات المتحدث. وصرح مسايلي، أن جمعية إمسندا ، التي تولي اهتماما كبيرا بهذا المنتج، تفكر منذ سنوات في اكتساب علامة المنشأ الجغرافي لجبن بوهزة من خلال التعريف به كخطوة أولية عبر عديد معارض المنتجات التقليدية المحلية والوطنية، وكذا بإقامة عيد سنوي له في أحد أيام الفترة الممتدة من 15 مارس إلى 30 أفريل من كل سنة والذي سيدرك سنة 2019 طبعته السادسة. ملف توسيم جبن بوهزة في آخر محطات المصادقة عليه ويحتاج توسيم أي منتج المرور عبر عدة مراحل، مثلما ذكره عضو جمعية امسندا مسايلي، الذي يشغل في نفس الوقت منصب رئيس مصلحة تنظيم الانتاج والدعم التقني بمديرية المصالح الفلاحية. ومن بين ما عرج عليه أيضا مرحلة تعتبر مبدئية وضرورية تتمثل في اشتراط وجود كيان مهني حامل للمشروع، وهو الجمعية المؤسسة التي تأسست لهذا الغرض، فضلا عن أن يكون المنتج ينتمي إلى مجال جغرافي معين، بالإضافة إلى أن يكون له تاريخ وسمعة (أي أن يكون منتجا قابلا للتوسيم)، ثم يليها تحضير دفتر شروط خاص بالمنتج. وعن قيمة جبن بوهزة الغذائية ومدى مطابقته للمعايير الصحية، أكد ذات المتحدث أن جمعية إمسندا تعمل بالتنسيق مع جامعة قسنطينة 2 والمخبر الوطني للتكنولوجيات الحديثة، حيث كللت نتائج البحوث التي أجريت على جبن بوهزة في هذا السياق بمطابقة المنتج لمعايير الصحة اللازمة لتسويق أي منتج غذائي. بدوره، أفاد المدير المحلي للمصالح الفلاحية بولاية أم البواقي، لعلى معاشي، بأن مجمل شروط ملف التوسيم متوفرة، وقد تم الانتهاء من إعداد دفتر شروط خاص بهذا المنتج في شكل مسودة وكذا إيداع طلب رسمي لتوسيم المنتج لدى الأمانة الدائمة للجنة الوطنية لتوسيم المنتجات الفلاحية بوزارة الفلاحة والتنمية الريفية والصيد البحري. وقد تم دراسة الطلب، يضيف المصدر، من قبل اللجنة المختصة مع إبداء بعض التحفظات التي عملت لجنة فرعية مختصة على مستوى محلي بولاية أم البواقي على تعديلها وإعادة إيداع مسودة دفتر الشروط لدى اللجنة الوطنية في انتظار الموافقة عليها، والتي ستليها مستقبلا عملية الإنتاج في إطار الوسم. وأشار في هذا الصدد، إلى أن إنتاج جبن بوهزة يتم حاليا من طرف أعضاء جمعية إمسندا والبالغ عددهم 16 فردا، وذلك على مستوى مزارعهم وممتلكاتهم الخاصة، وأن التفكير في تطويره تطلع تسعى له الجمعية. وذكر مسؤول الفلاحة بالولاية في سياق توسيم المنتجات الوطنية، بأنه تم مؤخرا بوزارة الفلاحة والتنمية الريفية والصيد البحري عقد اجتماع أشرف عليه وزير القطاع وحضره ممثل عن مديرية المصالح الفلاحية لأم البواقي وآخرون عن عديد القطاعات التي لها علاقة بملف التوسيم، بالإضافة إلى خبراء ممن عملوا سابقا على توسيم دڤلة نور و تين بني معوش . وتم خلال الاجتماع مناقشة ملفات التوسيم التي أودعت لدى الوزارة الوصية من قبل المعنيين، على غرار ملف توسيم جبن بوهزة بولاية أم البواقي وزيتون سيڤ بولاية معسكر. الجلد واللبن والملح.. الوصفة الرئيسة للجبن ويحتاج تحضير جبن بوهزة في بادئ الأمر إلى جلد حيواني يكون إما لغنم أو ماعز، يجلبه منتجو هذا الجبن مباشرة بعد ذبح الشاة وتركه في مكان ما ليتحلل، ومن ثمة مباشرة عملية نزع الشعر أو الصوف منه وتنظيفه جيدا باستعمال الملح والعرعار من أجل المحافظة عليه من التلف، وفقا لما أدلى به أحد أعضاء جمعية امسندا ، نذير معنصر. وأردف معنصر، إبن بلدية هنشير تومغني بأم البواقي، الأربعيني الذي له خبرة في صناعة جبن بوهزة منذ الصغر والتي إكتسبها من والدته التي كانت تحضر هذا الجبن باستمرار، أنه وبعد لانتهاء من تنظيف الجلد جيدا يتم ربط أطرافه على شاكلة تشبه الشكوة ، وهي عبارة عن جلد حيواني يشبه شكله الكيس ويتم تعليقه في مكان معين. بعد ذلك يصبح الجلد، يضيف نفس المصدر، جاهزا لصناعة الجبن حيث يوضع فيه اللبن والملح وتترك هاتين المادتين لمدة أيام ويتم خلال هذه الفترة خروج ماء اللبن من مسامات الجلد ويبقى الجبن محفوظا داخله، وفي كل مرة تتكرر العملية لمدة شهرين إلى أن يمتلئ الجلد بالجبن ليصبح جاهزا للاستهلاك بعد إضافة شيء من الحليب له بهدف إنقاص نسبة الحموضة منه. يذكر بأن تسمية جبن بوهزة معناها مشتق من إسمها هز بالعامية، والذي يعني ارفع والذي يقصد به أن جبن بوهزة يصنع في جلد مرفوع عن الأرض ومعلق في مكان ما.