مقاعد فارغة وانسحابات في مهزلة جديدة غاب رئيس الدولة، عبد القادر بن صالح، أمس، عن ندوة مشاورات سياسية كان قد دعا إليها لحل الأزمة الراهنة، وإنشاء هيئة مستقلة تشرف على تنظيم الانتخابات الرئاسية المقررة في 4 جويلية المقبل، بينما قاطعتها عدة أحزاب وشخصيات سياسية، وانسحبت أخرى خلال الجلسات لأسباب تنظيمية، الأمر الذي جعل مراقبين كثر يحكمون عليها بالفشل. وفوجئ عدد قليل من قادة أحزاب سياسية وشخصيات مدنية وخبراء قانونيين، قبلوا دعوة بن صالح، بتغيّبه عن الندوة التي كان يفترض أن يقوم بافتتاحها، في نادي الصنوبر، وناب عنه في ترؤسها الأمين العام للرئاسة، حبة العقبي، الأمر الذي أثار استغراب المشاركين على قلتهم. وقال العقبي في افتتاح الندوة، إنّ باب المشاورات السياسية سيبقى مفتوحاً للجميع، برغم مقاطعة بعض الأطراف. وشارك في الندوة، أحزاب معدودة على أصابع اليد الواحدة في صورة جبهة المستقبل وحركة الإصلاح الوطني ، والتحالف الوطني الجمهوري إضافة إلى بعض التنظيمات المدنية والشخصيات، فيما قاطعتها أغلب الأحزاب والقوى والشخصيات السياسية والمدنية، بما فيها بعض الأحزاب الموالية في صورة الافلان، تاج والامبيا. أشغال ندوة الحوار التي دعا إليها رئيس الدولة، عبد القادر بن صالح، مع الطبقة السياسية والشخصيات الوطنية وممثلي المجتمع المدني شهدت تباين أراء المراقبين في الساحة السياسية، بين معتقد أن الندوة من شأنها فتح الطريق لمخرج سياسي دستوري، وبين من يرى أن هذه المشاورات لم تأت في وضع سياسي موات لإنجاح هذا اللقاء. وفي هذا الشأن، أوضح رئيس حزب جيل جديد، سفيان جيلالي، في تصريح إذاعي، أمس، ضرورة أن تكون هناك هيئة تمثل رئاسة الدولة بوجوه مقبولة من الحراك الشعبي ومن ثم الدخول في مرحلة انتقالية لتحضير كل الظروف للذهاب إلى انتخابات تكون نزيهة، معربا عن استعدادهم لإعطاء رأيهم في المشاورات. من جهته، يرى القيادي بحزب التجمع الوطني الديمقراطي، محمد قيجي، أن الحوار هو السبيل الأمثل والوحيد للخروج من الأزمة السياسية التي تشهدها البلاد. بدوره، شدّد بلقاسم ساحلي، رئيس حزب التحالف الوطني الجمهوري، على ضرورة الابتعاد عن المزايدات في المجال السياسي، وقال ساحلي إن هناك أحزاب ترفض دعوة لقاء رسمي، وبالمقابل تقبل مشاورات خارج إطار الدستور، مضيفا أن هذه اللقاءات تبرمج من أجل تمديد الرئاسيات. هذه هي محاور ندوة بن صالح وتمحور اللقاء التشاوري حول ضرورة إنشاء هيئة وطنية مستقلة مكلفة بتحضير وتنظيم الانتخابات الرئاسية المقررة يوم 4 جويلية المقبل بشكل عاجل، لتمكينها في أقرب الآجال من التكفل بكل المسار الانتخابي. وحسب وثيقة تتضمن مشروع أرضية إنشاء هذه الهيئة، فإن تنصيب هذه الهيئة يندرج في إطار تطبيق التزامات رئيس الدولة، عبد القادر بن صالح، والتي تضمنها خطابه الموجه للأمة في التاسع من الشهر الجاري. وأضافت الوثيقة، أن الضرورة الدستورية تفرض تشكيل هذه الهيئة الجامعة بشكل عاجل لتمكينها في أقرب الآجال من التكفل بكل المسار الانتخابي، وهو الأمر الذي يستدعي تحديد النص القانوني المتعلق بهذه الهيئة والتصديق عليه. وبحث هذا اللقاء التشاوري في الأساس، حسب نص الوثيقة، الطبيعة القانونية للهيئة واختيار تسميتها وتحديد مهامها وتشكيلتها وصفة أعضائها وقواعد تنظيمها وسيرها. وفي هذا الصدد، أكدت الوثيقة على استقلالية هذه الهيئة عن السلطات العمومية، لكونها سيدة في تسيير شؤونها، كما يمكن لها أن تضطلع بنفس المهام الأساسية التي تمارسها الإدارة العمومية فيما يخص الانتخابات. ويمكن أن تكلف هذه الهيئة بإجراء كل العمليات المتعلقة بالانتخابات، انطلاقا من مراجعة القوائم الانتخابية إلى غاية الإعلان المؤقت عن نتائج الاقتراع. كما تتوفر الهيئة على ميزانية تسير خاصة بها، وقد يتعين عليها إعداد وتسيير ميزانية خاصة بتنظيم الانتخابات. وتتمتع أيضا باستقلالية تامة في تسيير وسائلها ومواردها ومستخدميها. وتقترح الوثيقة تنظيما مركزيا للهيئة مزودا بفروع على المستوى المحلي بهدف تغطية كاملة للتراب الوطني، بالإضافة الى مشاركة عدد من الشخصيات الوطنية وممثلين عن الأحزاب السياسية والمجتمع المدني وخبراء. مقاطعة شاملة وانسحابات وانسحب ممثل حزب جبهة المستقبل، وافي عبد الله، من الندوة الوطنية التي دعا إليها رئيس الدولة، عبد القادر بن صالح، المنعقدة أمس بقاعة المؤتمرات بقصر الأمم بنادي الصنوبر، بعدما طلب من الطاقم الصحفي مغادرة القاعدة لمداولة المشاورات في جلسة مغلقة. هذا وعبر ممثل حزب جبهة المستقبل عن رفضه لعقد اللقاء في جلسة مغلقة، حيث وصفه بالمهزلة، وقال: جئنا لنعمل بكل جدية ولا نقبل العمل في الظلام . وفي تصريح صحفي أضاف: نتحمل مسؤوليتنا أينما كنا ونقول كلمتنا، لأننا نرد الخروج من الأزمة بشكل علني في إطار الشفافية وليسمع الجميع، لم نأتي للعمل في الظلام . وأعلن 34 حزباً سياسياً من المعارضة والموالاة، رفض المشاركة في ندوة المشاورات التي دعا بن صالح لها، الخميس الماضي، بهدف مناقشة آليات حل الأزمة السياسية، وتشكيل هيئة مستقلة لتنظيم الانتخابات الرئاسية. كما أعلنت مجموعة من الشخصيات السياسية والمدنية المستقلة، بينهم أربعة من رؤساء الحكومات السابقين هم مولود حمروش، وأحمد بن بيتور، ومقداد سيفي، وسيد أحد غزالي، مقاطعة ندوة بن صالح. وكان رئيس الدولة قد باشر الأسبوع الفارط، في إطار المساعي التشاورية لمعالجة الأوضاع السياسية في البلاد، عقد لقاءات مع عدة شخصيات وطنية، على غرار رئيسي المجلس الشعبي الوطني الأسبقين، عبد العزيز زياري ومحمد العربي ولد خليفة والحقوقي ميلود براهيمي وكذا مسؤولي أحزاب سياسية من بينهم رئيس جبهة المستقبل عبد العزيز بلعيد ورئيس حركة الإصلاح الوطني فيلالي غويني. ومن شأن هذه التطورات، بحسب مراقبين، أن تعقد أكثر من مأمورية بن صالح، خصوصا في ظل تواصل الحراك الشعبي المطالب برحيل كل رموز ووجوه نظام بوتفليقة، ومنهم بن صالح الذي تولى في 9 افريل الحالي، رئاسة الجزائر مؤقتاً لمدة 3 أشهر، بموجب المادّة 102 من الدستور، بعد استقالة الرئيس الاسبق عبد العزيز بوتفليقة، في 2 أفريل.