استمتع عشاق أب الفنون بعاصمة الأوراس، مساء أول أمس، بالإنتاج الجديد لمسرح باتنة الجهوي بعنوان وسخ كوم في عرضه العام. وتدور أحداث المسرحية، التي أخرجها لحسن شيبة وقامت بدورها الرئيسي الممثلة نوال مسعودي، في حمام شعبي وتروي قصة همامة الفتاة التي فتحت عينيها وشبت وأصبحت عاملة في هذا المكان الذي تقصده النسوة للنظافة ك كياسة تساعد الوافدات من مختلف أطياف المجتمع على التخلص من الأوساخ. وتكبر همامة في الحمام ويكبر معها حلم الزواج وتكوين أسرة وهي ترى العدد الهائل من العرائس المحظوظات في نظرها اللواتي تجبرهن التقاليد على المرور الرمزي على الحمام، قبل أن يلتحقن بعش الزوجية وتتمنى أن يتحقق لها مبتغاها ولا يهم إن كانت الزوجة الثانية أو الثالثة وحتى الرابعة، فالمهم أن تبتعد عن الحمام وأوساخه وحكاياته التي لا تنتهي. وشدت نوال مسعودي أو همامة بطلة هذه المونودراما، طيلة 55 دقيقة، الحضور إلى خشبة المسرح وهي تنتقل بين شخصية وأخرى من زبونات الحمام من خلال استعمال ذكي لفوطات أو منشفات تتحول عند الحاجة إلى عرائس تتحدث كل واحدة عن شخصيتها المختلفة، ليتبين في نهاية المسرحية أن همامة تقبع في مستشفى للمجانين وما القصة التي دارت على الركح سوى هلوسة وأضغاث أحلام عاشتها المسكينة طيلة عملها بالحمام وكان صديقها الوفي فيه دلو كبير للماء. ولم تخف بطلة العرض نوال مسعودي، التي بدا عليها الإجهاد في لحظة من المسرحية، أن الوقوف لمدة حوالي ساعة كبطلة وحيدة على الخشبة تتقمص عدة شخصيات في آن واحد دون وجود ممثل آخر يساعدها صعب للغاية، مؤكدة بأنها المرة الأولى التي تؤدي مونودراما وكان لها بمثابة التحدي. لكن الكاتب المسرحي محمد بويش، رأى أن هذه الممثلة التي ساعدتها تجربتها الطويلة على الخشبة قد استطاعت أن تؤدي دور همامة وباقي الشخصيات ببراعة، موضحا أن طرح العرض كان جريئا جدا وفيه إيحاءات. واعتبر بويش، الذي تعامل لمرات عديدة مع مسرح باتنة الجهوي، أن تحويل الفوطات أو المنشفات إلى عرائس وشخصيات اجتهاد رائع وأضفى مسحة جمالية على الركح، كما أعطى متنفسا للبطلة. أما مخرج المسرحية الفنان والممثل لحسن شيبة، فأوضح بأن الاستعانة بالمنشفات كعرائس للخروج من السرد، لأن العرض يعتمد على شخصية واحدة، كما أن الفوطة وإناء الماء (المعروف لدى العامة بالطاسة)، هما من مناخ الحمام، مضيفا أن العمل الجديد تم من خلاله إعطاء الفرصة لمبدعين شباب مبتدئين هم سمية بوناب كاتبة النص وعبد الحق عبد النوري مؤلف الموسيقى الذي يشغل تقني صوت بمسرح باتنة. من جهته، أشار مدير مسرح باتنة الجهوي جمال النوي، أن وسخ كوم يعد ثاني إنتاج لمسرح باتنة خلال سنة 2019 بعد أوهام الغابة الموجه للأطفال، في انتظار أعمال أخرى سترى النور لاحقا. وعاد لأول مرة منذ سنوات طويلة تقليد فتح المناقشة مع المهتمين بأب الفنون والجمهور حول المسرحية بعد إسدال الستار الذي كان متبعا بمسرح باتنة الجهوي، حيث أكد لحسن شيبة بأن الهدف من هذه المبادرة هو إثراء المشهد الثقافي والمسرحي ومد جسور الحوار والنقد البناء بين أسرة العرض والمتلقى في جو حميمي من أجل ترقية ما يقدم على الركح.