سجلت الجزائر، إلى غاية مطلع أوت الجاري، عاما عاديا من حيث حرائق الغابات، بالنظر إلى السياق المناخي العالمي، على الرغم من تضرر مساحات هامة من الغابات قدرت ب9.000 هكتار، حسب ما أفاد به المدير العام للغابات، علي محمودي. وأوضح محمودي، في حوار خاص، أن الجزائر سجلت خلال العشرين سنة الأخيرة متوسطا اجماليا يقدر ب32 ألف هكتار/السنة من المساحات المتضررة من حرائق الغابات، معتبرا سنة 2018 ذات حصيلة استثنائية بتسجيلها أقل مساحة متضررة منذ الاستقلال بلغت 2.300 هكتار. وبالنظر إلى الظروف المناخية العالمية، لفت محمودي إلى أن شهر جوان عرف أقصى درجات الحرارة المسجلة منذ القرن الماضي وتراجع كميات الامطار خلال السنة، ما أدى الى جفاف الغطاء النباتي عبر العالم وسهل نشوب عدة حرائق بدول البرتغال وآلاسكا والصين واسبانيا وسيريلانكا بالولاياتالمتحدةالامريكية وغيرهم. وبالنسبة للجزائر، أتت الحرائق المسجلة إلى غاية اوت الجاري على عدة انواع من الاشجار سيما منها الصنوبر من الصنف الاول والصنوبر الحلبي والبلوط الأخضر والفليني، وهي من الأصناف التي تستعيد نموها تلقائيا وسريعا. وتسببت هذه الحرائق التي شملت 1.246 بؤرة حريق منذ الفاتح جوان في اتلاف 2.363 هكتار من الغابات (26%) و2.530 هكتار من الأدغال (28 %) و4.111 هكتار من الأحراش (46 %). ونفى نفس المسؤول تعرض الاشجار أو الحيوانات المهددة بالانقراض الى مخاطر الحريق، اين تم تسجيل عددا ضئيلا جدا يقدر ب11 شجرة ارز اطلسي و3 شجرات لأرز مينة بكل من الحضيرتين الوطنيتين لجرجرة وثنية الحد، إلى جانب 5 قردة في مناطق تالارنة وحضيرة جرجرة، مبرزا أن القردة التي تعرضت للحريق هي التي اعتادت الخروج الى قارعة الطريق. وفي هذا الإطار، دعا محمودي المواطنين وزوار الغابات الى عدم تقديم الطعام للحيوانات على اختلافها ذلك أن هذا التصرف يغير من طبيعتها البرية، ويجعلها تتوقف عن عمليات الصيد لتطعم نفسها. ويعد شهر جويلية الى حد اليوم الأكثر خسارة من حيث الحرائق، وفقا لمحمودي، بعد تسجيل 27 حريقا أودى على 5.940 هكتار تمثل 66 بالمائة من الحصيلة السنوية للحرائق. وحسب نفس المصدر، تمثل ولايات تيزي وزو وعين الدفلى وتيسمسيلت وبجاية الأكثر عرضة للحرائق بنسبة بلغت 53 في المائة من حرائق الغابات التي اندلعت ما بين 1 جوان و4 اوت 2019 بمساحة اجمالية قدرت ب4.769 هكتار من الغابات المتلفة، وهو ما أرجعه إلى التضاريس الوعرة لهذه الولايات وصعوبة الوصول إلى الحرائق لإخمادها. وبالنسبة للتقنيات المستعملة في اخماد الحرائق، قال محمودي أن المديرية العامة للغابات استغلت مختلف التقنيات المتوفرة على غرار ال48 رتلا متنقلا التابع لمصالح الحماية المدنية والتي اعطت نتائج جيدة من حيث الفعالية في اخماد الحرائق، مضيفا أن توفر هذه التقنيات سمح بتقليص المساحات المتضررة من الحرائق. ويرتقب وفق محمودي تطوير آليات إطفاء الحرائق جوا أفق العام 2020، إلى جانب مضاعفة الآليات المتوفرة في الوقت لحالي لتغطية اكبر مساحة ممكنة من الغابات. شراكة مع الفاو وقنصلية اليابان لبلوغ 0 في المائة حادث مجهول وحول مسببات هذه الحرائق، قال محمودي أن 85 في المائة من مسببات الحرائق تبقى مجهولة المصدر، وهو ما دفع بالمديرية العامة إلى إطلاق مشروع شراكة مع منظمة الاممالمتحدة للأغذية والزراعة الفاو وقنصلية اليابانبالجزائر في 17 جوان الماضي، حول تحريات ما بعد الحرائق وتقنيات بعد الحرائق. ويهدف هذا المشروع إلى الاعتماد على الجانب العلمي بشكل مكثف لتقليص نسبة الحوادث المجهولة الى 0 بالمائة عل المدى المتوسط. وتعمل مديرية الغابات في حالة الشك في وجود تصرف عمدي على تحرير محضر ضد مجهول يوجه للنائب العام بالمحكمة، هذا الاخير الذي يتابع الاجراءات اللازمة، إلى جانب قيام مصالح الدرك الوطني بفتح تحقيقات حول ملابسات هذه الحرائق. وأبرمت المديرية العامة للغابات عدة اتفاقيات مع مصالح الدرك الوطني والجمارك تقضي بفتح تحريات متى تم الاشتباه في تعمد اضرام النيران، يؤكد المدير العام الذي أوضح قائلا أن: كل الفرق تقوم بإطلاق تحريات حول الاماكن التي يشتبه فيها ارتكاب فعل متعمد لالحاق الضرر بالغابات سواء بالحرائق او انجراف التربة او قطع العشوائي للأشجار أو الصيد غير المشروع . وتترقب المديرية العامة للغابات ابرام اتفاقيات اخرى عن قريب مع مصالح الامن الوطني والمديرية العامة للبحث العلمي. وحسب محمودي، فقد ساهم المواطنون الى جانب اعوان حماية الغابات في إخماد عدة حرائق قبل اندلاعها في الغابات مما قلص من حدة الخسائر المسجلة. وتبقى البقايا الزجاجية والحديدية وبقايا حفلات الشواء التي يخلفها زوار الغابات والمفارغ العشوائية التي تتضمن بقايا المنتجات سريعة الاشتعال، من أهم مسببات الحرائق، نافيا ان تكون حالات حرق عمدية للحصول على الفحم او لتوسيع المساحات السكانية. وأضاف محمودي: علميا الاشجار تفقد خاصية الاشتعال بعد تعرضها للحرق في بيئة تتوفر على اكسجين، ولهذا من المستحيل استعمال بقاياها لصناعة الفحم، إلى جانب وجود اجراءات عديدة لحيازة الملكيات ولا تقتصر على حرق جزء من الغابة لغرض التوسعة . وحسب نفس المسؤول، فإن الجزائر تتوفر على وحدات خاصة لإنتاج الفحم تحصل على التراخيص الخاصة بها من طرف المديرية العامة للغابات بعد خضوعها للمناقصة لاستغلال كميات من الحطب والتي توضع داخل أفران خاصة لانتاج الفحم. وخلال 2019، سجلت مصالح الغابات انتاج حوالي 9.000 قنطار من الفحم عبر 34 وحدة صناعية متخصصة في الفحم، بكل من ولايات معسكر وأم البواقي وقسنطينة وجيجل وعين الدفلى والبليدة والشلف، كما تم حجز كمية تقدر ب402 كغ تم انتاجها بطرق غير شرعية. وتشرف على عملية إحصاء الخسائر لجان مختصة يترأسها الولاة وتتضمن مدراء المصالح الفلاحية ومدراء الغابات للولايات ورؤساء الدوائر والبلديات ومصالح الحماية المدنية. أما بالنسبة للتعويضات حول الحرائق، قال محمودي أنه توجد اجراءات قبلية لتامين الممتلكات الزراعية والفلاحية والخاصة والتي تسمح لهم بالحصول على تعويضات من طرف مؤسسات التأمين. ودعا المدير العام للغابات المواطنين الى استعمال الرقم الأخضر للمديرية العامة للغابات 7010 والرقم الأخضر للحماية المدنية 1021 في حال رصد اي حريق بجوار منازلهم او حقولهم او في الاماكن العامة المجاورة لهم.