لازالت حلقات مسلسل إختطاف الأطفال متواصلة، سيما وأننا أصبحنا نستفيق على قضية سرقة طفل وننام على محاولة إختطاف آخر، وهي الجرائم التي باتت مصيرا مجهولا يهدّد أطفالنا لترجح فرضيات جرائم أخرى متعددة منها الإعتداء الجنسي والمتاجرة بالأعضاء، حيث ساهمت «فوبيا» الإختطافات في تغيير نمط الحياة اليومية للعائلات الجزائرية التي أعدت برامج خاصة لمجابهة الظاهرة، فبعض العائلات حجزت أطفالها في المنازل ومنعتهم من مغادرته على الإطلاق، فيما عمدت عائلات أخرى إلى تجميد مهامها في زمن توصيل الأبناء من وإلى المدرسة، لتضع أخرى حراسا لأبنائها خوفا من أي محاولات اخْتطاف واقتصر دور بعض العائلات على توعية الأطفال وتحذيرهم من سلبيات هذه الظاهرة، وهذا لايخفي حجم المعاناة التي أحدثتها عملية الإختطافات في البيوت الجزائرية وفي قلوب الأطفال الذين أصبح الكثير منهم متتبع قوي للأحداث عبر وسائل الإعلام المختلفة. إتصلنا بعدد من الأسر الجزائرية لتتبع تعاطي العائلات مع ظاهرة الإختطافات، التي أصبحت جرائم الساعة المنتشرة في أنحاء التراب الوطني، فكانت درجة التعاطي مختلفة من أسرة إلى أخرى، كل منها على حسب إمكانياتها المادية وقدراتها التعليمية. أولياء أصبحوا «بودي غارد» لأبنائهم
قادتنا جولة إلى بعض مدارس العاصمة، فكانت البداية من إبتدائية تتوسط حي العناصر، أين كان الشارع يعج بسيارات بها أولياء تلاميذ، كانوا يقبعون بالمكان قبل رنين الجرس وبمجرد رنين الجرس وخروج الوفود الأولى للتلاميذ، أخذ كل تلميذ يتجه نحو سيارة عائلته، ثم إنتقلنا إلى إبتدائية تتوسط ساحة أول ماي بالعاصمة، فكانت الأجواء نفسها أمهات وآباء قرروا إنتظار متمدرسيهم عند خروجهم أمام باب المؤسسة التعليمية تجنبا لأي خطر محتمل، وكانت الأجواء كاسابقاتها بإبتدائية تقع ببراقي ضواحي العاصمة، أين شاهدنا طابورات من السيارات كانت مصطفة قرب الإبتدائية قبل رنين الجرس.
بعض الأولياء جمدوا نشاطاتهم واهتموا بتوصيل متمدرسيهم
ولم يخف الكثير من الأولياء الذين الْتقيناهم، مدى إنشغالهم خلال الفترة الأخيرة بعد موجة الإختطافات التي طالت الأطفال مؤخرا، إذ قرر الكثير منهم تجميد نشاطاتهم إلى حين، فمنهم من قرر إيصال أبنائه إلى المدارس قبل الْتحاقه بمكان عمله حتى وإن تطلب الأمر تكرار التأخرات والغيابات، وفي هذا الإطار كشفت سيدة في عقدها الرابع، أنها أصبحت مواضبة على إيصال أبنائها إلى مدارسهم يوميا رغم أن ذلك يكلفها في كثير من الأحيان تأخرات وغيابات في أحايين أخرى، بينما كشف (فيصل. م) وهو أب لمتمدرسين، أن امْتهانه لتجارة حرة بما أنه صاحب محل، ساعده في مهمة نقل أبنائه إلى مدرستهم، حيث يضطر إلى غلق محله خلال مواعيد دخول وخروج أبنائه من المدرسة، وفي نفس الشأن أفصحت (وسيلة) أم لمتمدرسين ماكثة بالبيت، أنها أصبحت حريصة على نقل أبنائها إلى المدرسة يوميا تخوفا من أي خطر محتمل قد يتعرض له طفليها.
الشرطة تحذّر من «الفوبيا» التي سبّبتها موجة الإختطافات
وفي هذا الإطار كشفت (م. لعويرم) ملازم أول، أن هستيريا الإختطافات ضاعفت من تخوفات العائلات وحتى الأطفال الذين باتوا يؤولون كل التصرفات حتى العادية منها إلى محاولات الإختطافات وسرقات الأطفال، وإستشهدت المتحدثة بحادثة شهدتها مدينة القليعة مؤخرا، حيث هرع طفل وركب مشهدا مأسويا تخلله البكاء والعويل لتعرضه لمحاولة إختطاف، رغم أن التحقيقات أثبتت أن الواقعة كانت عادية.
العائلات تناشد السلطات تكثيف مجهوداتها لتطويق الظاهرة
ناشدت العديد من العائلات الجزائرية على لسان «السياسي»، السلطات المسؤولة في البلاد لتكثيف مجهوداتها قصد القضاء على ظاهرة الإختطافات، التي أصبحت اليوم أكبر مهدد لأطفالنا، وذلك من خلال تعزيز تواجد العناصر الأمنية وتوفير الأمن في الأحياء، الشوارع والمؤسسات التعليمية، وهو مايستوجب تظافر مجهودات الكل لمحاربة مجرمي الأطفال الذين شنوا حملتهم مؤخرا، واستهدفوا ضحاياهم عبر كامل التراب الوطني. أضحت ظاهرة الإختطافات التي تهدد الأطفال، أفضع كابوس يعيشه الضحايا وكل الأطفال في المدارس، الشوارع ومختلف الأماكن العمومية في ظل الإنتشار الرهيب لعدد الضحايا.