بات اصطحاب الأبناء، أو حتى الأحفاد، إلى المدارس ظاهرة متفشية تبناها الجميع، غير أنها لم تقتصر على تلاميذ المستوى الإبتدائي بل تعدته إلى المستوى المتوسط في بعض الأحيان، بالرغم من قرب المدارس إلى سكناتهم، إلا أن الإشاعات التي انتشرت في الأعوام الأخيرة خاصة وتناقلتها الألسنة عن تعرض الأطفال إلى حوادث سيارات أو اختطافهم للتجارة بأعضائهم، ولّدت لدى بعض الأولياء كابوسا يطاردهم كلما فكروا في يوم من الأيام ترك أبنائهم يتنقلون بمفردهم لمزاولة دراستهم، وأصبح اصطحاب التلاميذ وملاقاتهم عند خروجهم الشغل الشاغل للأولياء، ليصل عدد المشاوير ذهابا وإيابا ثمان مرات يوميا، هذا إذا استثنينا البعض الذي يفضل تقليصها إلى النصف بطرق شتى، فمنهم من يقضي وقته متجولا في الأسواق في انتظار جرس التسريح المدرسي• والملفت للإنتباه تلك العجائز اللاتي يجلبن أحفادهن وهن غير قادرات حتى على المشي، يستعنّ في ذلك بعكازات حتى أنهن يجبدن الجلوس أمام أبواب المدارس للتمتع بربيع الطقس وتبادل الأحاديث مع أمثالهن عن شبابهن وأيامهن، ويذهبن إلى أبعد من ذلك بإقامة المفارقات بين جيل اليوم والأمس.. هي صور ألفنا رؤيتها أمام أبواب المدارس، حتى تكاد لا تخلو هذه الأخيرة من أباء بترقبون خروج أبنائهم ظنا منهم أنهم بذلك وفروا لهم الحماية متجاهلين حريتهم في تكوين علاقات، بإلغاء ثالث مؤسسة من مؤسسات التنشئة الإجتماعية التي يتعرف الفرد فيها على كيانه وربطه بالعالم الخارجي، وهي مؤسسة الرفاق بعد مؤسسة المدرسة، والأسرة كمؤسسة أولى•