يعيش مواطنو قرية غوم بيسر، جنوب شرق بومرداس، حالة من العزلة الإجبارية على الحياة العصرية ومتطلباتها، فرضتها عليهم سياسة مختلف المجالس التي سيّرت شؤون البلدية على مر السنوات، وتناست كلية تلك القرية التي لازالت تفتقد لأبسط شروط الحياة الكريمة? ومن بين المشاكل التي يعاني منها مواطنو قرية غوم، غياب النقل، اهتراء الطرق، ومختلف المرافق الحيوية من مؤسسات تربوية، دور شباب، مكتبة، بدون التطرق إلى المساحات الخضراء والأماكن الترفيهية التي أصبح تحقيقها ضربا من الخيال، حيث يعيش سكان القرية، حسب قولهم، على الوعود الوهمية التي تطلقها السلطات في كل مرة يتقدمون فيها من أجل إسماع صيحتهم، إضافة إلى ذلك الحا لة الكارثية التي آلت إليها شبكة الطرق وتفاقم رحلة السكان في البحث عن الغاز، وغيرها من المعاناة والنقائص التي أثقلت كاهل السكان وجعلتهم يعيشون في قهر مستمر ويومياتهم يطبعها البؤس والشقاء الذي صنعته سياسة الحرمان والإقصاء وهو ما أعرب عنه سكان القرية ?أنهم يعانون من ويلات التهميش والحرمان بسبب افتقارهم لأدنى ضروريات الحياة البسيطة، مما يجعلهم يصارعون على أكثر من صعيد وأصبحوا يلهثون وراء الحصول على لقمة العيش في ظروف قاسية يطبعها الفقر والنسيان الذي فرضته السلطات المحلية عليهم?، وعلى إثر هذه المعاناة التي يتكبدها سكان القرية، ارتات ?السياسي? التقرب من القرية لنقل معاناتها لعل وعسى ان تؤخذ مطالبها على محمل الجد? العزلة والتهميش يطالان سكان القرية خلال زيارتنا التفقدية لقرية غوم، كانت ملامح العزلة والتهميش بادية وذلك في ظل غياب الضروريات الأساسية، إذ لا طرقات معبدة، ولا غاز طبيعي في السكنات وغياب تام للماء الشروب الذي يغيب أكثر مما يحضر، بالرغم من دفعهم لفاتورة الماء وبأثمان غالية، على حد قول أحد قاطني القرية? وكل زائر إلى هذه القرية يلاحظ معاناة السكان، فهي لا توحي بأنها قرية يقطنها بشر، فلا وجود لأي هيكل أو مرفق بإمكانه أن يجعلك تتصور أنك في قرية، وبمجرد أن تتحدث مع السكان، تتأكد من أن الوضعية أخطر مما تتصورها وأن السكان يعانون، بسبب الغياب شبه الكلي للتنمية، وهي المشكلة الأولى التي طرحها السكان، حيث أكدوا أنهم يعيشون حرمانا حقيقيا من أبسط ضروريات ;العيش الكريم، ورغم مراسلاتهم المستمرة الموجهة إلى السلطات المحلية، إلا أنهم لا يتلقوا إلا الوعود التي لا تجسّد على أرض الواقع بدليل بقاء معاناتهم وحرمانهم من أدنى المشاريع التنموية? وفي هذا الصدد، أبدى قاطنو القرية في لقائنا بهم عن استيائهم الشديد من سياسة التهميش والإقصاء والتجاهل التي تنتهجها السلطات في حقهم، لا سيما فيما يخص توفير الخدمات الضرورية، كالماء الصالح للشرب والغاز الطبيعي والمرافق الصحية والهياكل الرياضية والثقافية والسكنات الاجتماعية والريفية، ناهيك عن العزلة المفروضة على السكان نتيجة صعوبة المسالك المؤدية إلى قريتهم والقرى&nb sp;المجاورة لهم? قلة النقل واهتراء الطرق?? هاجس المواطنين والناقلين وخلال الجولة التي قادت ?السياسي? إلى القرية، وقفنا على عديد النقائص التي يتخبط فيها السكان، ولعل أولها قلة النقل على مستوى القرية، حيث أن سعيد الحظ من يجد لنفسه مكانا في الحافلات التي تستغل بعض الخطوط المارة بالقرية، مما يؤدي بالغالبية منهم إلى المشي على الأقدام أو البحث عن سيارات الأجرة التي لا تكاد تجد لها أثرا لقلتها، وفي سؤالنا لصاحب حافلة حول الأسباب التي أدت إلى نفور ال ناقلين من استغلال الخطوط المؤدية إلى الأحياء الأخرى، أرجع ذلك إلى قلة المواطنين من جهة، وكذا الحالة الكارثية التي توجد عليها الطرقات من جهة أخرى، حيث يخشى الناقلون من تعرض حافلاتهم لأعطاب، وبالتالي، يتلقون خسائر مادية، كما أضاف أن المواطنين راسلوا في العديد من المرات السلطات المحلية لإيجاد حل للوضع، لكن في كل مرة تذر في أعينهم ذرات الوعود التي لم تر طريقها&nb sp;على أرض الواقع منذ سنوات، حسب تعبيره? غياب الماء والغاز زاد من حدة المعاناة
خلال سرد السكان لواقعهم المعيشي، أكدوا لنا أن حلمهم ينحصر في التخلص من قارورات غاز البوتان والحطب وتعويضهما بالغاز الطبيعي، حيث يفتقدون لنعمة حياة عادية، ووجهوا نداء استغاثة للسلطات المعنية قصد تحقيق حلمهم وربط منازلهم بشبكة الغاز، وبالتالي، التقليل من معاناتهم مع قارورات الغاز وجلب الحطب من مناطق جبلية بعيدة لمجابهة البرد الذي تعرفه المنطقة في فصل الشتاء، و في السياق ذاته، أكد السكان أنهم يجدون صعوبات كبيرة في الحصول على قارورة الغاز في فصل الشتاء بسبب الإقبال المتزايد عليها، حيث يلجأون إلى المناطق المجاورة لجلبها، وأكدوا أن الكمية الموزعة على بلديتهم لا تكفي لسد حاجياتهم، ما يتطلب التدخل السريع للمسؤولين قصد التفكير جديا في وضع حد لمعاناتهم وبالتالي، تزويدهم بشبكة الغاز الطبيعي، كما طرح سكان القرية مشكلة الماء ال شروب التي يعانون منها، مؤكدين أنها تغيب أكثر مما تحضر، وفي بعض الأحيان تغيب أكثر من أسبوع، الوضع الذي حرم العائلات من هذه المادة التي تعد ضرورية، خاصة ونحن في فصل الصيف، حيث أصبحوا عرضة لمشقة الرحلات المستمرة للبحث عن هذه المادة الحيوية التي اعتبرها أهالي القرية ضرورية والتزود بها حلم صعب المنال، في ظل اكتفاء المسؤولين بالصمت إزاء معاناتهم? وفي هذا الصدد، أكد عمي علي، الساكن بالقرية منذ سنوات، أن الطرقات بحاجة إلى صيانة، مضيفا أنها تتحوّل بمجرد سقوط قطرات قليلة من المطر إلى أوحال والدخول إلى الحي مستحيل، إلا باستعمال الأحذية المطاطية، لذلك، يأمل سكان القرية أن تتدخل السلطات البلدية لفك العزلة عنهم وبرمجة مشاريع تهيئة مسالك القرية في القريب العاجل? مرافق رياضية?? حلم شباب المنطقة ولعل ما زاد من متاعب سكان القرية، هو غياب المرافق ذات الطابع الاجتماعي، الثقافي والرياضي، حيث أكد بعض المواطنين ل?السياسي?، أن قريتهم وعلى مدى سنوات طويلة، لم تحظ بأي مشروع من تلك المشاريع ?التي تعتبر ضرورية في البلدان المتطورة، فيما لا يعطى لها أي اعتبار عندنا نحن في الجزائر، لذا أصبحت حلما يجب أن يتحقق على أرض الواقع?، فباستثناء الملعب الذي تم تشييده بطريقتهم والذي يشكو من انعدام أدنى الضروريات، في ظل الأرضية التي يتواجد عليها، فهم يشكون من غياب دار للشباب، مقاهي للانترنت وقاعات متعددة الرياضات التي من شأنها أن تفك العزلة عنهم من جهة، وتقيهم من الدخول في عالم المخدرات، من جهة أخرى? ويعتبر الشباب الفئة الأكثر تضررا في قرية غوم بسبب البطالة المتفشية في المنطقة، وغياب كل مظاهر التشغيل، فالمنطقة، حسبهم، تنعدم فيها فرص العمل، ولا وجود للاستثمار عكس البلديات الأخرى التابعة لولاية بومرداس، حيث عبّروا عن غضبهم الشديد من عدم التفات السلطات إليهم لتوفير فرص العمل في بلديتهم، وأكدوا أن العديد من الشباب هجروا المنطقة، هروبا من شبح البطالة وتو جّهوا إلى الولايات الأخرى بحثا عن لقمة العيش، في حين أن البعض الآخر لجأ إلى العمل في القطاع الفلاحي والرعي وورشات البناء? ??وعلى أمل تحقيق أحلامهم
وجراء ما تعيشه قرية غوم بيسر، جنوب شرق ولاية بومرداس، يطالب سكان المنطقة السلطات المعنية بالتدخل العاجل من اجل الدفع بعجلة التنمية في هذه القرية، وبالتالي، إخراجها من دائرة الاقصاء والحرمان الذي يعيشه سكان القرية لسنين عديدة?