أخصائيون: «الأمل والدعم الأسري يقهران سرطان الثدي» سرطان الثدي من أكثر السرطانات التي تصيب النساء ليكون قدرهن مع هذا المرض خيبة أمل خاصة من حرمن من الدعم النفسي ليجدن أنفسهن أمام واقع مر يحدد الصبر درجاته، في ظل الإنتشار الرهيب للداء وسط شريحة الجنس اللطيف بمختلف الأعمار، وعلى إثر هذا ارتات «السياسي» التقرب من العديد ممن وقفن بصلابة وقوة ليعرضن تجربتهن مع هذا المرض الذي غيّر مجرى حياتهن فور اكتشافه. نساء قهرهن المرض الحديث عن تجارب الآخرين يحمل في طياته الصدق والتفاعل، ويبقى سرد التجربة من أفواه أصحابها أبلغ وأسرع وصولاً إلى قلب وعقل الناس أكثر من الأطباء، لذلك ارتات «السياسي» عرض تجربة العديد منهن مع المرض لتروي لنا سمية قصتها قائلة أنها «عانت من ورم صغير وعمرها 18 سنة، وتم استئصاله، واستكملت مسيرتها الدراسية الناجحة، وقبل فترة اكتشفت والدتها أنها تعاني تكتلاً تحت إبطها، وبعد التشخيص تبين أنها تعاني من سرطان الثدي في مراحله المتأخرة فكانت الصدمة كبيرة جدا، لكن التشجيع والدعم جعلها تستأصل الثدي وتتابع العلاج وتتماثل للشفاء. أما «ع.ن» التي التقينا بها بمستشفى مصطفى باشا، وجدناها تتجرع ألما جديدا وهي ترى خصلات شعرها وما تبقى من أنوثتها بين يديها، لتقول في هذا السياق «قدري هو هذا، ومن الصعب أن يشعر أحد بما أشعر به سوى من عاش هذا الوضع والذي لا اتمناه لأحد». أما سامية التي كانت ترتعش ومراسم الحزن على وجهها تقول «أنا خائفة جدا من هذا المرض خاصة وأن اختي الكبرى ماتت وتركت ابناءها الصغار بسبب هذا المرض الخبيث الذي ينخر جسم العديد من النساء». الناجيات من سرطان الثدي.. تحدين الانكسار بعد أن عشن تجربة مريرة مع أنفسهن وصعبة على عائلاتهن كشفت مصابات بالمرض الصامت «سرطان الثدي» الستار عن معاناتهن النفسية والجسدية مع داء السرطان بعد وضوح نتائج الكشف المبكر، وروين تجربتهن في الصراع مع المرض، ووجهن من خلالها رسائل أمل متفائلة لنساء مصابات صبغت حياتهن بيأس أسود ولم يعدن قادرات على مواجهة المرض بعد تحليهن بالإرادة بالصبر والإيمان بالقضاء والقدر، كان سببا داعما في تخطيهن المرحلة الأولى من المرض، واجتياز جرعة الكيماويّ الأولى، ليبدأن بعده مشوارا يدوم أشهرا من المعاناة الجسديّة والنفسيّة أملا في الوصول إلى الشفاء، وأثناء تواجدنا بمركز الكشف الإشعاعي صادفنا مجموعة من السيدات يتحدثن بلغة واحدة مشتركة نابعة من تجربة شخصيّة صعبة يعيشها مرضى السرطان من كلا الجنسين وبأعمار مختلفة، فمن دعمهن ولد سند للدعم والإرشاد النفسيّ بعد معاناتهن مع المرض لسنوات شفين بعد أن منّ الله عليهن بالشفاء، ومع هذا يبقى عليهن الاستمرار بإجراء الفحوصات الدوريّة للتأكد من شفائهن التام، وعلى حد تعبيرهن فإن مرحلة العلاج الأولى هي الأصعب وخاصة جرعة الكيماويّ الأولى التي تُعدّ أملهن للاستمرار في الحياة، وفي هذا الصدد تقول سامية والتي حدثتنا وهي تذرف الدموع قائلة «إن أصعب ما يواجهه الإنسان هو هذا المرض لكن الله يمنح الإرادة، صحيح أن تقبله صعب خاصة في الأيام الأولى مع بداية العلاج الكيماوي الذي يعد الأمل في الحياة لتسترسل في كلامها قائلة: «استمر علاجي 6 أشهر، والعلاج بالكيماوي استمر إلى 5 أشهر، بعد مرور21 يوما تساقط شعري بعد الجرعة الأولى وكانت هذه أصعب لحظات حياتي، لكن الحمد لله الآن شفيت وأحضر للمستشفى كل 6 أشهر للكشف». أما سعاد وهي ربة بيت والتي بدأت قصتها قائلة «كنت قد أجريت فحوصات طبيّة شاملة عندما رأيت دما ينزف من صدري، توقع حينها الأطباء جفافا بقنوات الحليب، وبعد إجراء عدة فحوصات وعمل أشعة «المامو غرافي»-أشعة الكشف المبكر عن سرطان الثدي-، فكان وضعي جيدا تمّ أخذ عينة من الصدر تبين وجود خلايا سرطانيّة واكتشفت حينها الإصابة بالسرطان وأجريت عملية استئصال بعد عدة استشارات طبيّة، كانت الصدمة قوية عليّ، تماسكت ووقفت على قدمي من جديد فكنت أرى في عيني سوى فقدان عائلتي خاصة وأن طفلي كان صغيرا، إلا أنني بإرادة الله شفيت، وها أنا الآن بين عائلتي ولتؤكد أن السرطان من وجهة نظرها ليس مرضا، لكن المرض الحقيقي هو ما بعد السرطان وما تعانيه المرأة من ضغوط نفسيّة وتوتر، وتؤكد أن اكتشاف المرض في مراحله الأولى يسهّل العلاج». .. وأزواج يتخلّون عن زوجاتهن بسبب المرض
كم من عذاب نفسيّ وتعامل بطريقة لا إنسانيّة ذاقته العديد من النساء ممن كان المرض مصيرهن في هذه الدنيا وليكون طلاقهن في آخر المطاف بسبب عدم تقبل أزواج فكرة إصابة زوجاتهم بمرض السرطان، وفي هذا كانت لنا قصة جميلة لتقول «كانت بداية مرضي بداية كابوس حياتي لأجد حياتي تتحطم، خاصة مع عدم تقبل زوجي فكرة مرضي، ليكون الطلاق هو الحل في ذلك، ها أنا خسرت زوجي لكن الله عوضني صحتي بعد عامين من الصراع مع سرطان الثدي»، وهناك حالة أخرى كانت تعيش وضعا لا إنسانيّا مع زوجها الذي كان يخاف أن يأكل أي طعام من يد زوجته إلى درجة أنه يطلب منها أن لا تلمسه وهو الأمر الذي أصبح لا يطاق، وبعد أشهر من المرض هجر البيت لأبقى وحدي أصارع المرض، ومن جهة أخرى أعربت العديد من النساء على أنهن أصبحن سلعة انتهت صلاحيتها فيكون مآلها سلة المهملات، لتضيف إحدى المريضات بالمستشفى الجامعي مصطفى باشا قائلة «إن الرجل لا يرحم المراة، إن مسها ضرر استبدلها بأخرى وهذا على عكسنا نحن النساء نصبر ونتحمل معه». أخصائيون: «الأمل والدعم الأسري يقهران داء سرطان الثدي» وفي هذا الصدد يقول الأخصائي النفسي «ب.ي» أن سرطان الثدي أكثر أنواع السرطان دراسة من النواحي النفسية والاجتماعية بسبب ارتفاع نسبة انتشاره والتأثيرات النفسية للجراحة على عضو مهم في الجسم، فتشخيص الإصابة بالسرطان وطرق العلاج منه وآثار العلاج الجانبية تشكل ضغط كبير لأي سيدة، ومع ذلك فإن ردود الفعل النفسية للتشخيص عند أي سيدة تختلف حسب متغيرات المرض، البنية النفسية وقدرات التكيف والدعم المعنوي، ونحن في شهر أكتوبر للتوعية بمرض سرطان الثدي لابد أن نلفت الانتباه لهذا المرض مهما كثر الحديث عنه، ومهما تكاثرت حملات اللون الوردي، فهذا واقع موجود لابد أن نأخذه بعين الاعتبار، فالكثير من القصص الحزينة التي سمعنا بها، والكثير من الحالات عانت من هذا الورم، والكثير من قصص التحدي تماثلت للشفاء منه والكثير من هذه الحالات شفيت بالأمل والدعم الاسري الذي كانت تتلاقاه من طرف الأسرة لذا فإن العامل النفسي في مثل هذه المرحلة مهم جدا بالنسبة للمريض وعلى الرغم من العلاج الطبي الذي له فائدة إلا أن الجانب النفسي يلعب دور مهم لان تهيئة المريض من الناحية النفسية يساهم في إعادة الحياة للمصاب بالسرطان. وفي هذا الصدد يؤكد الدكتور موساوي رئيس جمعية البدر لمكافحة السرطان بالبليدة أن حظوظ الشفاء من سرطان الثدي كبيرة في حال تم التشخيص وإكتشاف المرض في مراحله الأولى، وإستدل بتجارب حققت نتائجها المرجوة بفضل الخضوع إلى العلاج المبكر، وتطرق ذات الدكتور إلى الحملات التوعوية التحسيسية التي أطلقتها الجمعية مؤخرا بشأن إرشاد وتوعية الجنس اللطيف وإكسابهن خبرة في التعامل مع سرطان الثدي خاصة وأن الجمعية تمنح تسهيلات لفئة النساء كخفض تكاليف الأشعة، وإستفادة المصابات بسرطان الثدي من إقامة مجانية في دار الإحسان التي استحدثتها الجمعية للمريضات لتجنيبهن التنقل لمسافات بعيدة من أجل التداوي وهو ما ساعد نسبة كبيرة من المرضى ومرافيقهم على التواجد بالقرب من المشافي لتلقي العلاج في أحسن الظروف.