انطلقت الأسبوع الفارط الوحدة المتنقلة للتوعية عن الكشف المبكر لسرطان الثدي من مقر وزارة الصحة بالعاصمة باتجاه ولاية بسكرة، وجاءت هذه الحملة التحسيسية عقب الانتشار الواسع الذي شهدته الجزائر لهذا المرض الخبيث الذي مازال يفتك بحياة فتيات في عز شبابهن ونساء من مختلف الأعمار. حيث أكدت الإحصائيات الأخيرة التي رصدتها جمعية الأمل لمكافحة داء السرطان الذي يسجل 10الاف حالة جديدة ويودي بحياة 3500 إمراة في السنة. شهدت وزارة الصحة الانطلاقة الرسمية للحملة التحسيسية للكشف المبكر عن سرطان الثدي بمشاركة جمعية الأمل لمكافحة داء السرطان، تحت قيادة رئيستها حميدة كتاب، وبالتعاون مع فريق طبي متعدد الاختصاصات من مركز بيار وماري كوري، حيث تعتبر الجمعية المشرف الرسمي علي هذه الحملة منذ انطلاقتها الأولى سنة 2009 وفي مرحلتها الثانية تنقلت حافلات وردية اللون إلى مدينة بسكرة، التي أخذت كمدينة نموذجية لتعميم هذا المشروع عبر باقي ولايات الوطن مستقبلا وذلك بتوفير تشخيص الماموغرافي لنساء ذات الفئات العمرية ما بين 40 و69 سنة حتى تزيل عنهن عناء التنقل لمسافات بعيدة خاصة اللواتي يتواجدن في المناطق النائية أين منعتهم ظروف الحياة من إجراء الفحص وكذا إهمال بعض النساء من جهة والحياء الذي يمنعهن من زيارة الطبيب من جهة أخرى، وقد أكد الأطباء أن معظم الحالات يتم اكتشافها في حالة متأخرة من المرض. آلام نفسية ومعاناة اجتماعية لمرضى سرطان الثدي بالجزائر وفي جولة استطلاعية قامت بها “السلام” الى مركز بيار وماري كوري، اقتربنا من هؤلاء المريضات حيث وقفنا على مشاهد ينفطر لها القلب نساء على اختلاف أعمارهن جاؤوا من مختلف ولايات الوطن متحديات جل الظروف من صعوبات النقل وكذا نقص الإمكانات الطبية لعدم قدرة المركز استيعاب عددهن الكبير بما انه المركز الوحيد على غرار المركز المتواجد بولاية البليدة، ناهيك عن المعاناة النفسية نتيجة تغير بنيتهن الفيزيولوجية وكذا إهمال المجتمع نتيجة تخلي الأقارب عن بعضهن. رغم المعاناة التي يتجرعنها إلا أننا من خلال حديثنا مع هؤلاء المريضات هناك التمسنا قوة إيمانهن التي جعلتهن يتحدين الظروف، آملين في الحياة متضرعين لله عزوجل أن يشفيهن من هذا المرض الخبيث الذي تغلغل في أجسادهن دون سابق إنذار، وأخريات ينتظرن اجلهن بشجاعة قوية متذكرات قول الله تعالى “كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام”. من صدمة اكتشاف المرض إلى معاناة تعاطي العلاج أكدت السيدات المتواجدات قاعة إجراء الأشعة في محاولة منهن سرد تجربتهن ومعاناتهن في كيفية إخبارهن عن إصابتهن بالمرض ومن ثم إمكانية استئصال الثدي الذي يمثل جزءا من انوثتهن، حيث توضح إحدى السيدات أن صدمة اكتشاف المرض هي اكبر فاجعة يمكن أن يتلقاها المرء في كل حياته خاصة. وإن الكل يعرف أن السرطان مرض خبيث يؤدي بالموت لا محال فتقبل المرض ومحاولة التعايش معه هي مرحلة أساسية للقيام بالعملية، حيث تقول انه عندما اخبرنها الطبيب عن ضرورة استئصال ثديها دخلت زنقة الهبال على حد تعبيرها بعدها تأتي مرحلة تلقي العلاج الكيميائي الذي يؤدي إلى تساقط الشعر وميل لون وجوههن إلى السواد. اقتربنا من سعيدة في الخامسة والأربعين من عمرها أم لأربعة أطفال تقول انها كانت تمارس رياضة أي روبيك و بينما كانت تستحم أحست بوجود مثل حبة الحمص على مستوى الصدر لكنها تجاهلت الأمر حينها لأنها لم تتوقع أبدا خطورة ما اكتشفته لكنها حدثت زوجها بالأمر ولأنه مر سابقا بتجربة مؤلمة مع أمه التي توفيت لإصابتها بالمرض نفسه تقول انه أخذها على الفور لإجراء الفحص لتتلقى خبر ضرورة استئصال ثديها الذي كان كالصاعقة لكن قوة إرادتها و حبها لزوجها و أولادها أعطاها القوة لتتقبل المرض هذا ناهيك عن الإرهاق تساقط الشعر و انقطاع الدورة الشهرية نتيجة تلقي العلاج الكيمائي كلها تسبب معاناة سرية لا تعلمها إلا مريضة السرطان. غياب المتابعة الطبية ما بعد العلاج نظيرة صيدلية في السابعة والأربعين من العمر أم لثلاثة أطفال تقول أنني لم أكن اعلم يوما أنني على هذا القدر من القوة تحديت كل من جاء في طريقي في سبيل صحتي أردت الحياة من اجل زوجي وأطفالي فتقبلت المرض تصالحت معه رضيت بما قدمه الله لي اجتزت كل مراحل العلاج التي اقل ما يمكن وصفها انها مدمرة ومتعبة الى حد لا يمكن تصويره خاصة مع تلك الصعوبات التي يتلقاها المريض خلال العلاج من مماطلات في المواعيد وغياب الاطباء في الحالات الاستعجالية وغيرها من المعوقات اليومية في حياة مريضة سرطان الثدي بالنسبة لنظيرة بعد سنتين من تلقيها العلاج تربص المرض بها مرة أخرى وهي ترجع ذلك إلى غياب المتابعة الطبية للمريض بمستشفى العاصمة بعد اجراء العلاج الكيميائي. الأمر الذي جعلها تهاجر إلى احدى البلدان الاروروبية أين يقطن أخوها حتى تتلقى العلاج اللازم وهي تؤكد أن تجربتها مع المرض صحيح أنها كانت قاسية لكنها تجربة منحتها فرصة التقرب أكثر إلى المولى عزوجل، وكذا التعرف إلى الكثير من الناس تقول أنها اكتشفت ذاتها من خلال ما عاشته. حيائي منعني من زيارة الطبيب وبسب مرضي تخلى زوجي عني لفت انتباهنا بقاعة الانتظار فتاة في مقتبل العمر على قدر كبير من الجمال تنتظر دورها لاجراء العلاج الكيميائي جاءت من مدينة بجاية، وعند تقربنا منها ما ان سألناها عن مرضها حتى بدأت بالبكاء فهي تقول انها تعيش في ظروفا جد قاسية لانها ليس لديها اقارب او احد المعارف بالعاصمة، الأمر الذي جعلها تبيت في كثير من المرات هي ووالدها في الشارع، ناهيك عن صعوبات التنقل التي ترهقها كثيرا خاصة في طريق العودة بعد تلقيها العلاج الكميائي، اما عن كيفية اكتشافها لمرضها تروي أنها بعد مرور سنة من زواجها مع ابن خالها، اكتشفت وجود ورم بصدرها لكنها عملت على اخفاء الامر عن شريكها لعلمها بمحدودية قدراته المالية فهو دائما يشتكي عدم وفرة المال لديه كرد على طلباتها تقول انها بعد عدة اشهر من اكتشافها للورم بدات تحس بالام متكررة بصدرها الامر الذي اخافهها كثيرا فلم تجد الا امها التي اعتقدت ان ابنتها حامل بما انها تنتظر ذالك بفارغ الصبر، فرجعت كهينة الى زوجها وكلها فرحة بالخبر لكن الالام ازدادت يوما بعد يوم والاغرب نزول الدورة الشهرية في تاريخها المحدد فلجأت الفتاة الى امها مرة اخرى خوفا من زوجها الذي اعتقدت انه سيتهمها بتلفيق خبر حملها، اخذت الام ابنتهاالى الطبيب الذي طلب اجراء التحاليل التي كشفت باننها لست حاملا وعن تلك الالام قال الطبيب انها تعود الى بعض التغيرات الهرمونية والامر يعد طبيعيا يحدث مع كل امراة حديثة الزواج لكن الامر تعقد لان الالم زاد وبشكل غير طبيعي مما جعلني اعاود زيارة الطبيب الذي طلب مني اجراء فحص الماموغرافي تؤكد ان زوجها وقف الى جانبها في البداية لكنه ما ان علم بخطورة المرض وانه سيتم اسئصال اثديها تركها في بيت اهلها دون ان يسال عنها، حيث قال وبكل بساطة انه لم يعد يريدها زوجة له وانه سيبعث بورقة الطلاق لانه لا يرضى بنصف امراة روت لنا حكايتها وهي تبكي بحرقة ومرارة تهز الجبال، حيث ان الطريقة التى تعامل بها زوجها معها جعلتها تعاني اكتئاب نفسي دائم فهي تبكي طيلة الوقت الشيئ الذي زاد في تعقد مرضها خاصة عندما ترى عائلتها يعانون بسبها فهي تحتاج الى رفيق يومي الى المستشفى. زيارتنا الى المركز مكنتنا من الوقوف على حالات كثيرة وروايات متنوعة لا تنتهي معاناة نفسية واخرى اجتماعية لمريضات سرطان الثدي، فعلى غرار اللائي تم التخلي عنهن من طرف ازواجهن كثيرات هن من لم يجدن الدعم النفسي من العائلة و كل المحيطين بهن، فهو مرض يتطلب قوة الشخصية بتقبل المرض خاصة وان الاطباء يؤكدون ان الحالة النفسية للمريضة لها دور هام في علاج هذا الداء الخبيث من اجل اجتياز كل مراحل العلاج من صدمة اكتشاف المرض وتقبله، ومن ثم اجراء العملية الى مرحلة تلقي العلاج الكميائي وما يليها من اعراض جانبية كسقوط الشعر وانقطاع الدورة الشهرية وكذا الاعراض النفسية، مثل لااكتئاب بعدها تاتي اصعب المراحل وهي مرحلة ما بعد العلاج، اين يعيش المريض في شك دائم ما بين انه شفي تماما من المرض او امكانية عودته مرة اخرى.