تعد ظاهرة العنف ضد المرأة من بين اخطر الظواهر العالمية التي تهدد كيان وسطنا الاجتماعي، فرغم تفاوت نسبها من مجتمع إلى آخر، فإن المجتمع الجزائري ليس بمنأى عن هذه الأخيرة. وتؤكد الإحصائيات انتشار الظاهرة في وسطنا الجزائري، رغم أن نسبة الإعتداءات التي تسجلها مصالح الشرطة في تراجع مستمر بسبب الجهود المبذولة، إلا أن المرأة تدفع الثمن باهظا وينتهي الأمر في الكثير من الأحيان بنهايات مأساوية قد تصل إلى حد القتل وهذا بالرغم من إنتمائنا إلى بلد دينه الإسلام ويحث على احترام المرأة والإحسان إليها، فمن المفترض إنعدام حالات العنف ضد المرأة في مجتمعنا، الا أن الواقع غير ذلك، وقد يكون صمت العديد من النساء الجزائريات عما يتعرضن له من بين احد الأسباب التي ساهمت في انتشار هذه المأساة التي باتت تشكّل خطرا على سلامة مجتمعنا خاصة وأن المرأة هي عماد الأسرة. ولعل ابرز حالات الطلاق في الجزائر سببها هذا العنف دون الحديث عن الحالات التي لم تكشف خوفا من تدمير العائلة وآثاره الجانبية على الأبناء من جهة ومن حديث المجتمع الذي لا يرحم من جهة أخرى، وهنا يبقى السؤال يطرح نفسه العنف ضد المرأة في الجزائر.. إلى أين؟. شائعة جعفري: «العنف جريمة يجب مكافحتها» وأمام الانتشار الرهيب لهذه الظاهرة في وسطنا الاجتماعي وتعدد أشكال نتائجها وتأثيرها على الحياة الاجتماعية، تقول رئيسة المرصد الجزائري للمرأة، شائعة جعفري، "إن الأرقام والإحصائيات التي تم التوصل إليها خلال هذه السنة وبالرغم من أنها إنخفضت عن السنة الماضية، الا أن الأرقام مخيفة وتتطلب دراسة اجتماعية خاصة وأن هذا العنف تحول إلى جريمة، فمقارنة بالسنة الفارطة والتي سجلت 12 ألف حالة قتل عمدي، تستوجب البحث عن الأسباب والطرق التي تساهم بشكل أو بآخر في انتشار مثل هذه الظواهر المخيفة في مجتمعنا خاصة وأن الامر يتعلق بالمرأة وتم التوصل إلى أن الظروف الاقتصادية الصعبة ضاعفت من هذه الظاهرة، فالمعنف اليوم تغير فبعد أن كان يقتصر على المرأة في البيت أصبح منتشرا في جل المجالات وهذا بدخول محتالين آخرين في عدة اوساط وقد يترجم هذا في التحرش الجنسي في العمل وفي الشارع"، وحسب رئيسة المرصد، فإن العنف هو أحد أسباب الطلاق في الجزائر حيث قدر ب49 ألف حالة طلاق و11 حالة خلع في الجزائر ناتجة عن العنف، وتضيف جعفري في هذا الصدد قائلة "أقترح كعضو بالمجلس الوطني للأسرة والمرأة وكوني رئيسة المرصد الجزائري للمرأة بإدراج برنامج للتكفل الاجتماعي يبدأ من الأم في البيت وتعليمها كيفية بناء وتجسيد الاحترام بين الجنسين وقد يتجسد هذا بالأساس في المدرسة وأيضا المسجد، فللإمام دور كبير في تقليص الظاهرة بإقامة دروس كل جمعة للحديث عن سيرة النبي، صلى الله عليه وسلم، مع زوجاته وتذكير الرجال بأن النساء شقائقهم والمرأة أمانة حملها الرسول، صلى الله عليه وسلم، للرجال وهل يرضى الرجل في هذا الاتجاه أن يخون الأمانة؟ وبالرغم من انخفاض نسبة العنف من 12 الف حالة إلى 7 آلاف حالة، إلا أن الوضع مؤسف والنسب تترجم معاناة المرأة في بلدنا خاصة وأن أول مواد الدستور تقر بمساواة المرأة مع الرجل والأولى احترام المرأة، "وكرئيسة للمرصد الجزائري للمرأة، أعمل من اجل إنهاء العنف ضد المرأة وبمناسبة اليوم العالمي لمكافحة العنف ضد المرأة وزعنا مطويات وآليات توجيهية تطوعية من اجل توعية المواطن بمدى خطورة هذه الظاهرة ونحن بصدد إصدار لائحة بيانات قانونية تنظم حياة المرأة، وفي الأخير، أنا أوصي الرجل بتقوى الله واستعمال السياسة الحكيمة خاصة في تعامل الزوج مع زوجته وهذا بناء على المودة والرحمة". حقائق وأرقام مخيفة تعرض المرأة للعنف يعد من ابرز المخاطر التي تهدد الكيان الأسري والاجتماعي بصفة عامة، فاستنادا إلى تقارير مصالح الأمن خلال التسعة أشهر الأولى من السنة الجارية، فإن العنف ضد المرأة في الجزائر قد عرف تراجعا ملحوظا مقارنة بالسنة الفارطة حيث تعرضت أكثر من 7000 امرأة لمختلف أشكال العنف بعد أن كانت سجلت نسبة 12 ألف حالة في السنة الماضية وهذا على المستوى الوطني وأودعت 7.01 امرأة شكاوى بسبب تعرضهن للعنف من بينهن 5.03 تعرضن للعنف الجسدي، كما تم تسجيل 1673 امرأة ضحية سوء المعاملة و27 امرأة ضحية للقتل العمدي، وهذا الامر يتعلق بنساء تتراوح أعمارهن من 18 سنة إلى أكثر من 75 سنة من بينهن 3.87 امرأة متزوجة و1953 عازبة و688 مطلقة و439 أرملة... وفي هذا الصدد، تضيف جعفري قائلة "فكل هذه الأرقام والإحصائيات تبين أن هناك عددا كبيرا من النساء ضحايا العنف الجنسي وهو في الواقع أكبر بكثير من الأرقام المقدمة حيث أن هناك نساء يعانين في صمت وإيداع شكوى ضد العنف الجنسي مازال من الطابوهات لا تأبى العديد من النساء الكشف عنه وهذا خوفا من آثاره في مجتمعنا الذي لا يرحم بنظرته الاحتكارية لمثل هذه الحالات دون علمه بالأسباب".