المواطنون يتخبطون بواقع مزرٍ وسط غياب تام للضروريات المياه القذرة تهدد العشرات من المحاصيل الفلاحية بالتلف النقل أكبر هاجس يؤرّق حياة المواطنين تعتبر قرية الرحوات من أجمل المناطق على مستوى ولاية باتنة، ما جعل العديد من زوارها يطلقون عليها عدة تسميات على غرار لؤلؤة الأوراس ، كونها تتوفر على منابع طبيعية وشلالات صغيرة ومناظر خلابة جعلت منها قبلة للسياح من مختلف ربوع الوطن وحتى من خارجه، فضلا عن ذلك تتميز المنطقة بطابعها الفلاحي المشهور بإنتاج فاكهة التفاح بمختلف أصنافه والذي يسوّق محليا ووطنيا، بالإضافة إلى نجاح تجارب زراعة الجوز، غير أن وراء كل هذا يختفي واقع مؤلم لسكان مازالوا يتخبطون في ظروف معيشية صعبة ومزرية نتيجة انعدام العديد من المرافق الضرورية على رأسها انعدام الغاز الطبيعي ووسائل النقل، فضلا عن تدني مستوى الخدمات الصحية وغياب المرافق الشبانية وكذا هاجس البطالة وغيرها من النقائص التي وقفت عليها السياسي خلال الزيارة الميدانية التي قادتها إلى قرية الرحوات التابعة إقليميا لبلدية حيدوسة التي تبعد على مقر ولاية باتنة بحوالي 25 كلم. النقل أكبر هاجس يؤرق المواطنين أول مشكل صادفناه أثناء الزيارة الميدانية التي قادتنا إلى قرية الرحوات، هو انعدام وسائل النقل التي تقل الزائرين لهذه المنطقة السياحية نتيجة غياب خطوط النقل التي تربط الأخيرة بالبلديات المجاورة القريبة لها على غرار بلديات مروانة ونقاوس ومقر الولاية، وهو الإنشغال الذي لمسناه عند السكان بعد وصولنا إلى القرية، أين وجدنا العشرات من المواطنين غارقين في رحلة البحث عن مركبة تقلهم إلى إحدى البلديات القريبة لقضاء حاجياتهم، حيث أكد لنا بعضهم أنهم يقضون ساعات طويلة في انتظار بعض حافلات النقل التي تمرّ صدفة على قريتهم آتية من بلدية مروانة ومتجهة إلى عاصمة الولاية، فيما يضطر آخرون الى ارتياد سيارات الأجرة الخاصة القليلة التي تشتغل بصفة غير دورية بالمنطقة، حيث يستغل أصحابها غياب حافلات النقل ليفرضوا منطقهم على السكان الذين يجدون أنفسهم مضطرين لدفع مبالغ كبيرة في سبيل قضاء متطلباتهم وضمان الوصول إلى وجهتهم في الوقت المناسب خاصة الطلبة والعاملين ممن لا يتوفرون على وسيلة نقل. وفي هذا الشأن، عبّر السكان عن استيائهم من هذا المشكل الذي يتخبطون فيه يوميا حيث قال لنا أحدهم (سئمنا من هذا الوضع، حتى حافلات النقل التي تقلنا إلى مقر بلديتنا التي تبعد ب3 كلم لا توجد... أي حياة هذه التي نعيشها؟!)، هي إذا شهادات حيّة لسكان عانوا ولا يزالوا يعانون مع أزمة النقل التي أدخلت قريتهم في عزلة شبه تامة. مشروع الغاز الطبيعي متوقف منذ أشهر لا يزال سكان الرحوات يعيشون تحت رحمة قارورات غاز البوتان التي باتت كابوسا مرعبا يلاحقهم لسنوات طويلة خصوصا مع حول فصل الشتاء، أين يصبح الظفر بواحدة منها من الأمور الصعبة جدا، فضلا عن ذلك أكد بعض المواطنين ممن التقت بهم السياسي أن القارورة الواحدة لا تتجاوز مدة استعمالها يومين في ظل موجة الطقس البارد الذي تشهده القرية باعْتبارها منطقة جبلية. وما زاد الطين بلة -حسبهم- هو تهاطل الأمطار والثلوج بشكل كثيف يؤدي في أغلب الأحيان إلى انسداد الطرق التي تعرقل بدورها حركة تنقل بائعي هذه المادة لتتضاعف بذلك معاناة السكان، ما أدى ببعضهم إلى أخذ احتياطاته بشراء عدد من القارورت تحسبا لأي طارئ، فيما فضّل البعض الآخر الإستعانة بمادة المازوت لإسْتخدامها في تشغيل المدافئ لتخفيف الضغط على قارورات البوتان. وفي ذات السياق، عبّر سكان الرحوات عن تذمرهم وغضبهم الشديد من سياسة الإهمال والتماطل المنتهجة من طرف المسؤولين بما في ذلك المقاول المكلف بمشروع ربط منازلهم بالغازالطبيعيو هذا الأخير الذي توقفت به الاأشغال منذ حوالي ثلاث أشهر -حسب ذات المتحدثين- رغم أن نسبة الإنجاز تجاوزت ال70 بالمائة لأسباب عجز السكان عن إيجاد تفسير لها لحد الآن، لتستمر بذلك معاناة مواطني الرحوات مع هذا المشكل الذي بات يؤرق يومياتهم رغم احتجاحهم في عديد المرات لكن دون رد لحد الآن. المياه القذرة تهدّد العشرات من الأراضي الفلاحية عبّر العشرات من الفلاحين ممن التقت بهم السياسي عن استيائهم الشديد من مشكل المياه القذرة والملوثة التي باتت تهدد أراضيهم الزراعية، نتيجة اختلاط مياه السقي النابعة من مرتفعات الجبال والعيون الطبيعية بمياه قنوات الصرف الصحي التابعة لمقر بلدية حيدوسة والتي تصبّ في مجرى هذه المياه على مستوى قرية الرحوات، ما أدى إلى إلحاق الضرر بمنتجاتهم الفلاحية وإتلاف كميات معتبرة منها، وهو الوضع الذي لم يتقبله الفلاحون الذين يناشدون الجهات المعنية بضرورة التدخل وإنقاذ ما يمكن إنقاذه والعمل على تغيير وجهة قنوات الصرف وإبعادها عن أراضيهم، خصوصا وأن الفلاحة هي المهنة الوحيدة لسكان البلدة ومصدر رزقهم الرئيسي. الطرقات الترابية تنتظر ردّ الإعتبار يشتكي سكان الرحوات من مشكل اهتراء الطرق التي باتت لا تصلح لسير الأشخاص فما بالك المركبات نظرا لاحْتوائها على الحفر والمطبات الناتجة عن عملية الحفر المستمر قصد إنجاز مشاريع أخرى على غرار تجديد أو صيانة شبكة الصرف الصحي وكذا ربط المنازل بأنابيب الغاز الطبيعي. وما يزيد الوضع سوءا -حسب السكان- هو أن تهاطل الأمطار بكميات كبيرة تحوّل هذه الطرق إلى برك ومستنقعات تؤدي في أغلب الأحيان إلى انسداد الأخيرة، فضلا عن انتشار الأوحال التي يغرق فيها الراجلون في بعض الطرق التي لم تعبّد لغاية اليوم. وفي ذات السياق، أضاف ذات المتحدثون أن هذه الطرق أضحت تشكل خطرا كبيرا خاصة على كبار السن بما في ذلك الأطفال الصغار الذين يتخذونها مكانا للعب في ظل غياب مرافق رياضية وملاعب جوارية. عيادة التوليد مطلب رئيسي رغم توفر المنطقة على عيادة متعددة الخدمات، إلا أن مواطني الرحوات يعتبرون المركز هيكل بدون روح، حيث أكدوا أن هذا الأخير يقدم خدمات محدودة جدا تقتصر على حقن الإبر وتقديم بعض الإسعافات الأولية، في ظل انْعدامه على التجهيزات والإمكانيات المادية الضرورية وكذا نقص التأطير البشري، فضلا عن غياب سيارة إسعاف تكفَل نقل الحالات الخطيرة والمستعجلة للعلاج في مستشفى الولاية. وأضاف ذات المتحدثون أن العيادة لا تشتغل ليلا وهو مازاد الطين بلة، حيث يضطر كثيرون إلى استئجار سيارة لنقل مرضاهم لتلقي العلاج بأحد المستشفيات القريبة بما في ذلك مستشفى (على النمر) بمروانة، فيما تبقى عيادة التوليد مطلبا رئيسيا لسكان القرية قصد تمكين الحوامل من الولادة في أحسن الظروف. الملاعب الجوارية الغائب الأكبر لا تزال قرية الرحوات لغاية اليوم تفتقد لعدة مرافق بما في ذلك تلك التي تمس قطاع الشباب والرياضة، فلا وجود لدار الشباب ولا قاعة مطالعة ولا حتى ملاعب جوارية، وهو ماجعل الشباب يعيشون في عزلة تامة عن العالم الخارجي، فيما يضطر مرتادو وعشاق الشبكة العنكبوتية التوجه إلى بلدية مروانة لتلبية رغباتهم والعودة إلى مقر إقامتهم، وقد تسبب غياب مثل هذه المرافق في تفشي العديد من الآفات الاجتماعية وسط الشباب كالمخدرات وغيرها -حسب بعض السكان- الذين أكدوا في نفس الوقت أن بعض المرافق التي استفادت منها بلدية حيدوسة التابعين إليها على رأسها قاعة متعددة الرياضات التي لا تزال أبوابها موصدة في وجه شباب المنطقة، رغم اكتمال الأشغال بها. شبح البطالة يطارد شباب المنطقة رغم تميزها بطابعا الفلاحي، إلا أن قرية الرحوات تنعدم على مرافق عمومية ومشاريع تنموية من شأنها امتصاص مشكل البطالة الذي بات يتربص بشباب القرية ويهدّد مستقبلهم بالضياع، إذ أن الزائر لهذه القرية يقف على حجم المعاناة التي يتخبط فيها هؤلاء الشباب فحتى المقاهي التي باتت وجهتهم المفضلة لقضاء وقتهم الطويل أضحت هي الأخرى منعدمة بهذه البلدية المعزولة، ما جعل بعضهم يهجرها بحثا عن عمل يقتات منه هو وعائلته. وأمام هذه الأوضاع المزرية التي يتخبط فيها سكان الرحوات، يناشد المعنيون السلطات المحلية والوطنية بضرورة الإلتفات إلى انشغالاتهم ومطالبهم ونفض الغبار عليها، آملين في غد أفضل يحمل الجديد لهم ولقريتهم التي أضحت في طيّ النسيان.