يرتقب سكان دلس (63 كلم شرق مقر الولاية بومرداس بشغف إعادة الحياة لمنارة بن قوت العتيقة أو برج فنار ، كما يحبون تسميتها بعد الانتهاء من الدراسات التي شرع في إنجازها مؤخرا بغية ترميمها و إعادة بنائها من جديد. وأفاد مدير الثقافة محمد كبور بأنه تم إدراج إنجاز الدراسات المذكورة (تدوم 12 شهرا) التي كلف بها مكتب دراسات متخصص في إطار البرامج القطاعية و سيتم من خلالها تحديد الإجراءات الإستعجالية لتوقيف تدهور هذا المعلم الهام الذي زادت وضعيته سوءا جراء زلزال 21 مايو 2003 . و يبقي هذا المعلم التاريخي الذي سجل في قائمة الجرد للممتلكات الثقافية العقارية للولاية -حسبما لوحظ- شامخا بطرازه المعماري الرفيع و موقعه الفريد المطل من الأعالي على خليج البحر و يشد أنظار الزائرين من كل الاتجاهات و يراه البحارة و ربان السفن من كل الجوانب. ويحتاج هذا المعلم التاريخي حاليا إلى أشغال إستعجالية فعليا خاصة وأنه معرض للانهيار في أي وقت بسبب حالة التردي و اللامبالاة التي آل إليها بمرور الزمن بعد توقفه عن العمل. - معلم تاريخي بامتياز يعود إلى نهاية القرن 19 يرجع عدد من المؤرخين وفقا للوثائق التي تحوزها مديرية الثقافة تاريخ تشييد هذا الصرح الراقي الذي يعد من بين 25 منارة أخرى شيدت على مستوى الوطن ما بين 1886 و 1954 من طرف المحتل الفرنسي إلى نهاية القرن 19، وبالضبط سنة 1881 أي بعد أزيد من 40 سنة من احتلال مدينة دلس، وتحمل هذه المنارة التاريخية إلى اليوم إسم مصممها الهندسي بن قوت الذي لم تتوفر حول حياته وأعماله أية تفاصيل أخرى وأنجزت منارة برج فنار بمنطقة البساتين الساحرة في قطعة أرض هي الأعلى و الأكثر ولوجا في البحر ويحدها الميناء والقطاع المحفوظ لقصبة دلس من الشرق وقلعة قديمة من الغرب. - خصائصها تقنية مميزة وعتادها ثمين وتعد هذه البناية البحرية التي اقتبست هندستها من العمارة الإسلامية (منارات المساجد) من بين أجمل المنارات على المستوى الوطني حيث يبلغ علوها إستنادا للبطاقة التقنية 25 مترا من سطح البحر ويصل مدى أشعتها الضوئية من مصباحها الضخم إلى زهاء 95 كلم. وكان يشتغل المصباح المذكور الذي يوجد ببرج المنارة المبنية من الداخل بالرخام بقوة 6000 واط، حيث يبعث سلسلة من الومضات الضوئية للسفن البعيدة لمدة 17 ثانية بدون انقطاع ويمكن رؤية أضوائه ليلا من مرتفعات أزفون بتيزي وزو (60 كلم شرق دلس) و من مرتفعات الجزائر العاصمة غربا، و يحتوي طابق برج المنارة إلى حد الآن على أجهزة و عتاد ثمين معتمد في تشغيلها كأجهزة إنارة النجدة و ملتقط كهربائي و هيكل دائري يدور على إناء زئبقي وعتاد مراقبة الدوران وأجهزة تزويد و شحن المصباح و مصباح غازي و معبئ مصابيح و عدسة شبكية عاكسة و جهاز تحديد إتجاهات الرياح وأخرى لحماية البرج من الصواعق. - توقف عن العطاء بعد زهاء قرن من النشاط رغم تميز هذا الصرح بطابعه المعماري الهندسي والسياحي الذي أعطى قيمة مضافة لهذه المدينة على مدار زهاء قرن من الزمن إلا أن الإرهاب الأعمى لم يستثنه من أعماله التخريبية حيث استهدفه ليلة ال22 فيفري سنة 1994 بقنبلة هزت وأعطبت الكثير من أركان وأسس جدرانه، وتطلب الأمر زهاء 6 سنوات من أشغال الترميم و إعادة البناء لتشغيله من جديد لفائدة مصالح الملاحة البحرية و الجوية، وبعد سنوات قليلة من عودته للتشغيل أتى زلزال 21 ماي 2003 المدمر على ما تبقى من أجزائه القديمة حيث تشققت البناية من كل جوانبها ليتوقف استغلالها نهائيا وتترك على حالتها إلى اليوم حيث ازداد تدهورها من الداخل رغم بقاء الجدران من الخارج واقفة و صامدة. - جمعيات المجتمع المدني تطالب بتحويله إلى متحف بحري وبعد توقف إستغلال منارة برج فنار نهائيا جراء الزلزال المذكور تم إنجاز أخرى بمحاذاتها بشكل استعجالي و ترتفع عن القديمة بسبعة أمتار، ومن المرتقب حسبما أفاد به مدير الثقافة العودة إلى استغلال المنارة القديمة بعد إعادة ترميمها و إنجاز ما تهدم من أجزائها في المستقبل. ويطالب من جهة أخرى عدد من رؤساء الجمعيات على غرار جمعية قصبة دلس و نوتيلوس بضرورة الاستعجال في إنقاذ هذا المعلم التاريخي والعمل على تحويله إلى متحف بحري للحفاظ على الكنوز البحرية والآثار التاريخية التي هي حاليا بحوزة عدد من السكان والجمعيات بمدينة دلس.