الطبعة ال48 للاوكوكو : المجتمع الدولي يتحمل المسؤولية الكاملة لتسوية النزاع في الصحراء الغربية    إقامة صلاة الاستسقاء عبر كافة مساجد الوطن    لصوص الأحذية يتعدّون على حرمة المساجد    مجالس عزاء تتحوّل إلى شبه ولائم    محلات بيع الخبز التقليدي تنافس المخابز العصرية    الذكرى ال64 لاستقلال موريتانيا: المجلس الأعلى للشباب ينظم حفلا على شرف الطلبة الموريتانيين بالجزائر    الجزائر الجديدة حريصة على دعم الشراكة والتكامل الإفريقيين    نثمّن قرارات الرئيس تبون لدعم الفلاحين ضمانا للأمن الغذائي    قرار محكمة العدل الأوروبية، إقرار دولي جديد بعدالة القضية الصحراوية واعتراف صريح بأن الوجود المغربي في الإقليم استعمار    الدورة ال40 لمجلس وزراء العدل العرب: بوجمعة يبرز جهود الجزائر في المرافعة لصالح القضية الفلسطينية    قانون الاستثمار يفتح آفاقًا جديدة لقطاع الصحة بالجزائر    المرأة الصحراوية شَجاعة لا متناهية    دعوات لوقف العدوان الصهيوني وتجسيد الدولة الفلسطينية    طابع بريدي "مع غزّة" نصرة للقضية الفلسطينية    الجزائر تستضيف الاجتماع السنوي ال14 ل"اتحاد أمان"    تنصيب مدير جديد لديوان عميد جامع الجزائر    تأكيد على محاربة الجرائم وتعزيز الحريات    عودة لأدب المقاومة والصمود    أدب الخيال العلمي أكثر صدقا في وصف الواقع    توظيف فضاء الخشبة لترسيخ الهوية الثقافية    قفزة نوعية في قطاع البريد والمواصلات    برنامج لتلقيح التلاميذ    سارق خطير في قبضة الشرطة    توقيف مروّجَي مهلوسات    رياضة/ الألعاب الإفريقية العسكرية-2024: المنتخب الوطني العسكري للرمي يحصد 32 ميدالية منها 11 ذهبية    سيدات "الخضر" للتأكيد أمام أوغندا    "الحمراوة" لتفادي التعثر بأيِّ ثمن    "الخضر" يحافظون على المرتبة 37 في تصنيف "الفيفا"    مالية: الصكوك السيادية, أداة جديدة لتنويع مصادر تمويل البنية التحتية    فيفا/جوائز: الدولي الجزائري ياسين بن زية مرشح لنيل جائزة الفيفا لأجمل هدف ل2024    الجزائر ضيف شرف بعنوان إفريقيا في الطبعة ال28 للصالون الدولي للصناعة التقليدية بإيطاليا    الغرفة الوطنية للفلاحة تثمن قرارات رئيس الجمهورية الأخيرة لدعم الفلاحين    حشيشي يتباحث بأبيجان فرص الشراكة مع وزير المناجم والبترول والطاقة الإيفواري    بلدية الجزائر الوسطى تنظم تظاهرة "يوم بدون سيارات" طيلة هذا الجمعة    باتنة: افتتاح المهرجان الثقافي الوطني للمسرح الناطق بالأمازيغية في طبعته ال13    متحف "أحمد زبانة" لوهران: معرض لتخليد روح الفنان التشكيلي الراحل مكي عبد الرحمان    تدشين "دار الصنعة" بالجزائر العاصمة, فضاء ثقافي جديد مخصص للفنون والصناعات التقليدية    المهرجان الدولي الثامن للفن المعاصر: تكريم الفنانين التشكيليين الفلسطينيين    زيتوني يترأس اجتماعا تنسيقيا لإطلاق المرحلة الثانية للإحصاء الاقتصادي الوطني    قسنطينة.. دخول عدة هياكل صحية عمومية جديدة ستعزز منظومة القطاع بالولاية    أدرار: توقيع إتفاقيتي تعاون لفتح مركزين لتطوير المقاولاتية بقطاع التكوين والتعليم المهنيين    سبعينية الثورة التحريرية: المسرح الجهوي لتيزي وزو يعرض "سفينة كاليدونيا    قسنطينة: دخول عدة هياكل صحية عمومية جديدة ستعزز منظومة القطاع بالولاية    افتتاح السنة القضائية الجديدة بولايات جنوب البلاد    الألعاب الإفريقية العسكرية: الجزائر تتوج بثلاث ذهبيات جديدة في الجيدو وأخرى في الكرة الطائرة    إرهابي يسلم نفسه ببرج باجي مختار    جوع شديد في غزّة    البرتغال تستضيف الندوة ال48 ل أوكوكو    الحسني: فلسطين قضيتنا الأولى    إمضاء اتفاقية شراكة وتعاون بين جامعة صالح بوبنيدر ومؤسسة خاصة مختصة في الصناعة الصيدلانية    جانت.. أكثر من 1900 مشارك في التصفيات المؤهلة للبطولة الولائية للرياضات الجماعية    المسؤولية..تكليف أم تشريف ؟!    نال جائزة أفضل لاعب في المباراة..أنيس حاج موسى يثير إعجاب الجزائريين ويصدم غوارديولا    أيام توعوية حول مضادات الميكروبات    الفترة المكية.. دروس وعبر    الابتلاء المفاجئ اختبار للصبر        هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



25 عاما‮ في‮ المخابرات‮ الفرنسية
نشر في المشوار السياسي يوم 03 - 08 - 2010

صاحب هذا الكتاب هو بيير سيرامي، وهي كنية اختارها المؤلف طيلة اشتغاله لمدة ربع قرن في المخابرات الفرنسية قبل أن يتقاعد من مهامه في نوفمبر 2009، وشارك معه في تأليف الكتاب لورون ليجيه الصحفي في أسبوعية شارلي إيبدو، وهو مؤلف كتاب »طابي ساركوزي مفاتيح الفضيحة‮« وأيضا‮ »‬سيسيليا،‮ الوجه‮ الخفي‮ للسيدة‮ الأولى‮ السابقة‮«.‬
يجول الكتاب في عدة قضايا ساخنة لا تغادر مجال السياسة الداخلية والخارجية لفرنسا، في تشابك قوي بين المصالح الفرنسية والأمريكية واليابانية وغيرها. ويستعرض الكتاب المناخ المتقلب الذي تشتغل فيه أجهزة خفية تتسابق مع أجهزة أخرى لجمع المعلومات وتقديمها لأصحاب القرار‮ السياسي‮.‬
ويفتتح المؤلف كتابه بالحديث عن دواعي نشر غسيل أخطر الأجهزة الأمنية ببلاده وأكثرها تعرضا للخطر، رغم أن الدولة لا تتحمل مسؤولية الآثار المترتبة عن أي عملية من العمليات سواء نجحت أم فشلت. ويرى المؤلف أنه أراد بكتابه هذا إلقاء الضوء على جهاز أمني فرنسي لا يعرف‮ كثير‮ من‮ الناس‮ كيفية‮ اشتغاله‮ ووضعه‮ الإداري‮ والسياسي‮ بين‮ الأجهزة‮ الأخرى‮. وتوقع‮ أن‮ خطوته‮ لن‮ تعجب‮ كثيرا‮ من‮ الأطراف،‮ لكنها‮ في‮ المقابل‮ ستجد‮ المعجبين‮ بها‮ والمدافعين‮ عنها‮.‬
وينبه المسؤول الاستخباراتي إلى أن ما رواه في كتابه ليس مبنيا على وثائق ومستندات، فهذا أمر ممنوع في عالم الأجهزة السرية، ولكنه اعتمد فيه على ذاكرته وذاكرة أصدقائه المقربين، كما أنه التزم بعدم كشف الأسرار الجوهرية، مدركا أن كل كلمة وكل حرف ستخضع للتفكيك والتحليل‮ من‮ الخبراء‮ القانونيين‮ بالمصالح‮ السرية،‮ وقد‮ يجدون‮ منفذا‮ لاتهام‮ الكاتب‮ بهتك‮ أسرار‮ الدفاع‮ ثم‮ تقديمه‮ للمحاكمة‮.‬
صوت‮ بن‮ لادن
ويحدثنا المؤلف عن قصة صوت بن لادن ومبادرة المخابرات الفرنسية للتأكد من أصالته في رسالة صوتية بثتها قناة الجزيرة بعد أشهر من هجمات 11 سبتمبر 2001. وفي معرض الحديث يكشف عن التعاون الحاصل مع المخابرات الإسرائيلية التي تعرف قيمة عمل الفرنسيين في هذا المجال، فترسل‮ بعض‮ الأشرطة‮ لناشطين‮ فلسطينيين‮ للتعرف‮ على‮ أصحابها‮.‬
ويخبرنا أن الأجهزة الفرنسية استطاعت بجهد ذاتي وبوسائل خاصة لا ترقى إلى الوسائل الأمريكية أن تثبت أن الصوت هو فعلا صوت بن لادن بنسبة 90٪، مع أنها كانت متأكدة بنسبة 100٪. أما الجهات النافذة التي أرسلت إليها النتائج، وهي قصر الإليزيه، الوزارة الأولى، وزارة الخارجية ووزارة الدفاع، فلم يصدر عنها أي رد فعل إيجابي. السبب هو أن قسما من المخابرات المكلف بمحاربة الإرهاب سبق له أن أعلن عن وفاة بن لادن قبل ظهور رسالته الصوتية الأخيرة. وكم كانت المفاجأة كبيرة في اليوم التالي عندما نشرت صحيفة فرنسية كبرى أن الأمريكيين استطاعوا‮ أن‮ يثبتوا‮ أصالة‮ صوت‮ بن‮ لادن،‮ ثم‮ يعلق‮ الكاتب‮ قائلا‮ "‬أما‮ نحن،‮ فالصمت‮ المطبق‮".‬
معارضة‮ الحرب‮ على‮ العراق
ومن الملفات الساخنة التي يتحدث عنها الكتاب المعارضة الفرنسية الرسمية للحرب الأمريكية على العراق بتهمة امتلاكه أسلحة نووية وجرثومية. ورغم أن قصر الإليزيه لم يطالب المخابرات بشيء، حسب ما يرويه المؤلف، بادر المسؤولون بهذه الأجهزة، والكاتب على رأسهم، إلى تكوين ملف شامل دقيق معزز بصور الأقمار الصناعية الفرنسية. وأظهرت هذه الصور بما لا يترك مجالا للشك، أنه لا وجود لأي مصانع للأسلحة المزعومة التي كان يروج لها كولن باول يومذاك في جولاته المكوكية لحشد التأييد الأوروبي. ويقول المؤلف "من المسلم به أن مبادرتنا لم تكن هي‮ الوحيدة‮ التي‮ منعت‮ فرنسا‮ من‮ الانخراط‮ في‮ الحرب‮ على‮ العراق،‮ ولكننا‮ ساهمنا‮ في‮ حدود‮ طاقتنا‮ في‮ صنع‮ قرار‮ السلطات‮ الحاكمة‮. لا‮ نشعر‮ بشيء‮ من‮ الفخر،‮ ولكننا‮ مقتنعون‮ بأننا‮ قمنا‮ بالواجب‮ المنوط‮ بنا‮".‬
"‬ساتانيك‮" والخطأ‮ القاتل
ظلت عملية "ساتانيك" علامة فارقة في تاريخ المخابرات الفرنسية، وقد سميت بهذا الاسم لمسؤولية الفرنسيين في تخريب سفينة لجمعية "غرين بيس" لحماية البيئة ووفاة صحفي بها كان مكلفا بتصوير الوقائع في جويلية 1985. وكان هدف الفرنسيين هو وضع حد لنشاط هذه الجمعية التي شوشت على إجراء فرنسا لتجارب نووية في البحر عن طريق وضع ألغام لتخويف طاقم سفينة "السلام الأخضر" وإيقاف تقدمها. عند وفاة الصحفي المصور أصبحت فرنسا في موقف حرج، وانطلقت معركة خفية أخرى بين المخابرات والصحافة، إذ بذلت العقول الأمنية جهودا مضنية للتشويش على مصادر‮ الخبر‮ على‮ رجال‮ الصحافة،‮ ونجحوا‮ في‮ ذلك‮.‬
ويكشف المؤلف عن خلاف سابق حول الأسلوب الأنجع في كبح أنصار السلام الأخضر وشل حركتهم، إذ إن المدير العام للمخابرات الأميرال لاكوست كان يفضل تلويث بنزين السفينة فقط لمنعها من التقدم، لكن هذا المقترح لم يحظ بالقبول، "لأن الأمر لم يكن بيد لاكوست، بل كان بيد الرئيس‮ الفرنسي‮ يومذاك‮ فرانسوا‮ ميتران،‮ ولم‮ يكن‮ بيد‮ الأميرال‮ سوى‮ تنفيذ‮ الأوامر‮ الصادرة‮ إليه‮".‬
تطوير‮ الجهاز
ينهي المؤلف كتابه بصفحات خصصها لعلاقة جهاز المخابرات برجال السياسة، وآفاق تطويره في عهد الرئيس الحالي نيكولا ساركوزي، ففي الأمر الأول يستعرض الحذر المتكرر من التداعيات السياسية للعمليات السرية ومخاوف السياسيين منها، إذ كان لحادثة "ساتانيك" أثر لا ينكر على العلاقة‮ بين‮ الحكومات‮ المتعاقبة‮ والمخابرات‮ العامة‮ التي‮ صارت‮ تحت‮ إشراف‮ وزارة‮ الدفاع‮ عقب‮ ذلك‮.‬
في البداية كان هذا الجهاز تحت مسؤولية رئيس المجلس عقب الحرب العالمية الثانية، ثم صارت المسؤولية إلى الوزير الأول في الجمهورية الخامسة عام 1958، ثم أشرك رئيس الجمهورية في الأمر. لكن العام 1965 شهد إسناد المسؤولية إلى وزارة الدفاع، خاصة بعد عملية اختطاف واغتيال‮ المعارض‮ المغربي‮ الشهير‮ المهدي‮ بن‮ بركة‮.‬
ويوضح الكاتب أنه منذ تلك الفترة صار الحذر سيد الموقف في تعامل رئيس الدولة مع المخابرات ومسؤوليته السياسية عن أفعالها، إذ يخاف من تلطيخ صورته وحشر أنفه في ملفات وقضايا لا يمتلك عنها كل التفاصيل والمعطيات. وسواء كانت العمليات التي تنفذها تلك الأجهزة ناجحة أم‮ فاشلة،‮ فإن‮ رئيس‮ الدولة‮ ظل‮ محايدا،‮ فلا‮ تنويه‮ ولا‮ توبيخ‮.‬
أما عن تطوير الجهاز، فلم يبدأ إلا بعد تنصيب نيكولا ساركوزي رئيسا لفرنسا، بحكم قربه منه واحتكاكه به عندما كان وزيرا للداخلية مرتين، المرة الأولى بين 2002 و2004، والمرة الثانية بين 2005 و2007. وتجلى التطور في إحداث منصب منسق بين أجنحة الجهاز وأقسامه، وتعيين بعض‮ المقربين‮ منه‮ في‮ المسؤوليات‮ الرفيعة‮ به‮. واعتبرت‮ هذه‮ التطورات‮ إعادة‮ للمخابرات‮ تحت‮ مسؤولية‮ رجال‮ القرار‮ السياسي،‮ اقتداء‮ بالولايات‮ المتحدة‮ الأمريكية‮.‬
حذر‮ بحذر
كل قارئ ليست له الخبرة الكافية سيصاب بالذهول من المعلومات المنشورة في الكتاب، التي تأخرت بعض الحقائق فيها فلم تظهر إلا بعد فوات الأوان، وبذلك سيتعلم أن يتعامل بحذر مع الأحداث الكبرى التي يشهد عليها، وسيدرك أن أحداثا أخرى متوازية مع ما يراه يجري في الخفاء، لكنها لن تظهر إلا بعد وقت يطول أو يقصر. فكم من المشاهد تمر أمامنا الآن، ليست مكتملة الصور، وما علينا إلا أن ننتظر وقت الاكتمال، أو استعمال الخيال لإتمام الناقص منها، وهما أمران غير واقعيين. يبقى أن نتعايش مع أنصاف الحقائق أو نتجاهلها مكرهين غير مخيرين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.