شيع آلاف الجزائريين، أمس، جنازة الطفلة نهال في مقبرة عين البيضاءبوهران، وسط ترتيبات أمنية مشددة وأجواء مهيبة، تعالت بعدها أصوات المنددين باستمرار مسلسل اختطاف الأطفال والمطالبين برفع التجميد عن عقوبة الإعدام المعطلة منذ 1993. جنّدت السلطات المئات من رجال الأمن لتأمين جنازة شعبية مهيبة للطفلة المغدورة نهال سي محند، التي انطلقت منذ الساعة التاسعة صباحًا إلى حين أداء الصلاة عليها بأحد مساجد مدينة وهران، ثم نقل النعش إلى مقبرة عين البيضاء. وسار في الموكب الجنائزي من بيت عائلة الضحية نهال إلى المقبرة الآلاف من المواطنين وسلطات المدينة وممثلو الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني، وسط تعزيزات أمنية مشدة، لتوديع الطفلة نهال، والتعبير عن غضبهم من الجريمة الشنعاء التي تطال البراءة. واختلطت هتافات السائرين في الموكب الجنائزي بين التهليل والتكبير وعبارات التنديد والاستنكار تجاه تكرر هذه جرائم خطف الأطفال وقتلهم والتنكيل بهم والاعتداء عليهم جنسيا، رافعين مطالبهم بالقصاص ورفع التجميد عن تنفيذ حكم الإعدام. وحظيت جنازة الطفلة، التي عُثر على أشلاء من جثتها بإحدى قرى تيزي وزو بعد أيام من اختطافها على أيدي مجهولين، باهتمام وسائل الإعلام التي أفردت لها حيزًا مهمًا لنقل أجوائها، كما فتحت الفضائيات الخاصة خدمة النقل المباشر لتهافت آلاف المواطنين أمام المسكن العائلي للضحية. وتحول مقتل الطفلة نهال، بعد اختفائها وترجيح فرضية اختطافها وقتلها، إلى قضية رأي عام، وكانت بمثابة القطرة التي أفاضت الكأس وهيّجت غضب الرأي العام من استمرار وتنامي ظاهرة اختطاف الأطفال وقتلهم أو الاعتداء عليهم جنسيا أو المساومة بهم في طلب فدية. وأكد والي تيزي وزو، إبراهيم مراد، أمس الأول، خلال تقديمه العزاء إلى عائلة الضحية نهال، عزم الحكومة على محاربة ظاهرة اختطاف الأطفال بتجنيدها كل الوسائل، وأنها ستضرب بيد من حديد كل من سيحاول مستقبلا المساس بهذه الفئة من المجتمع. وطمأن الوالي أولياء الطفلة نهال باستغلال كل المسارات لتسليط الضوء على هذه القضية، مؤكدا: لن نهمل أي فرضية لتحديد ملابسات هذه الجريمة الشنعاء وتوقيف مرتكبيها . وأعرب الوالي عن أمله أن تكون الشهيدة نهال آخر ضحايا هذا الظاهرة الدخيلة عن المجتمع، مؤكدا أن عقوبة قصوى ستلحق بخاطفي الأطفال أو قاتليهم، معترفا بأن المطالبة بإعدام الجناة مطلب مشروع. من جهته، أكد المحامي، فاروق قسنطيني، رئيس اللجنة وطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان، إمكانية وقف العمل بالاتفاقية الدولية التي انضمت إليها ووقّعت عليها الجزائر، ومنها لائحة الأممالمتحدة المتعلقة بإلغاء حكم الإعدام الذي بموجبه أوقفت الجزائر تنفيذ أحكام الإعدام منذ عام 1993. ووعد فاروق قسنطيني بأن يرفع تقريرا إلى الرئيس، عبد العزيز بوتفليقة، بتفاصيل حادثة مقتل الطفلة نهال.