ستشهد محكمة الجنايات بمقتضى التعديلات الجوهرية المقترحة على قانون الإجراءات الجزائية، إعادة نظر عميقة في تشكيلتها وطريقة عملها، من خلال إقرار حق المتقاضي في الاستئناف وزيادة عدد المحلفين ومراجعة الأحكام المتعلقة بالشرطة القضائية. وقال وزير العدل حافظ الأختام، الطيب لوح، أمس، خلال عرض قدمه أمام لجنة الشؤون القانونية والإدارية والحريات للمجلس الشعبي الوطني، كشف لوح على أن مشروع القانون المعدل والمتمم للأمر رقم 66-155 المتعلق بالإجراءات الجزائية، يتضمن استحداث العديد من الآليات القانونية أهمها إنشاء محكمة جنايات استئنافية بمقر كل مجلس قضائي. ويأتي هذا الإجراء الهام تماشيا مع المبدأ الدستوري الذي جاء به التعديل الأخير والمتمثل في وجوب ضمان التقاضي على درجتين في المجال الجزائي، وكذا تعزيزا لضمانات المحاكمة العادلة وفقا للمعايير الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان. وأوضح لوح في هذا الإطار بأنه، وعلى الرغم من إضفاء العديد من التعديلات على قانون الإجراءات الجزائية منذ صدوره عام 1966، فإن القليل منها فقط مس تشكيلة هذه المحكمة وكيفية عملها. ومن بين أهم ما جاءت به المقترحات المعروضة أمام الغرفة السفلى للبرلمان، تكريس التقاضي على درجتين من منطلق أن لكل شخص أدين بجريمة، حق اللجوء وفقا للقانون، إلى محكمة أعلى لتعيد النظر في قرار إدانته والعقوبة الصادرة في حقه. ولفت لوح إلى أنه كان من الضروري منح حق الاستئناف للمحكوم عليهم في محكمة الجنايات، خاصة وأن هذه الأخيرة تصدر عقوبات مشددة قد تصل إلى حد الإعدام، في حين يمنح هذا الحق للمتهم المحاكم من طرف محكمة الجنح والمخالفات حتى ولو كان متابعا من أجل غرامة بسيطة. ومن شأن هذا التعديل، القضاء على الانتقادات التي كانت قد وجهت للجزائر من قبل هياكل المنظمة الأممية لحقوق الإنسان، يضيف ذات المسؤول. ومن بين التعديلات المقترحة أيضا على هذا القانون، العودة إلى التشكيلة القديمة المميزة لنظام محكمة الجنايات والمتمثلة في أربعة محلفين وثلاثة قضاة بعد أن تم إبطال العمل بها خلال العشرية السوداء نظرا للتهديدات التي كان يتلقاها هؤلاء خاصة عندما كان يتعلق الأمر بالفصل في القضايا المتعلقة بالإرهاب، وهو ما دفع إلى تقليص عددهم إلى محلفين فقط نتيجة عدم توفر النصاب القانوني. غير أن لوح لفت إلى أن القضايا المتعلقة بالإرهاب والمخدرات والتهريب سيتم إسنادها إلى تشكيلة تضم القضاة فقط، وذلك بالنظر إلى التجربة المكتسبة في معالجة هذا النوع من القضايا. كما يتضمن مشروع القانون أيضا إلغاء الأمر بالقبض الجسدي، وذلك عملا بمبدأ قرينة البراءة، حيث يقترح النص إلزام الشخص المتابع بجناية والذي أفرج عنه أو الذي لم يكن قد حبس أثناء التحقيق أن يقدم نفسه للسجن في موعد لا يتجاوز اليوم السابق للجلسة. أما فيما يتعلق بمراجعة الأحكام المتعلقة بالشرطة القضائية، فيتضمن مشروع القانون أحكام جديدة تنص على أنه لا يمكن لضباط الشرطة القضائية القيام بمهامهم كإجراء التحقيقات والاستجوابات، إلا بعد تأهيلهم من قبل النائب العام المختص. وفي حال رفض النائب العام منح هذا التأهيل لضابط الشرطة القضائية أو سحبه منه، يمكن لهذا الأخير تقديم طعن أمام لجنة مختصة يقترح إنشاؤها ذات النص وتتشكل من ثلاثة قضاة حكم من المحكمة العليا يعينهم الرئيس الأول لهذه الهيئة، يوضح لوح. وفي هذا الإطار، شدد المسؤول الأول عن قطاع العدالة على أنه وحرصا منها على تنسيق عمل الشرطة القضائية وضمان عدم التداخل في الصلاحيات بين مختلف الأسلاك، تم تحديد، وبدقة، مجال تدخل الشرطة القضائية التابعة للمصالح العسكرية للأمن، بحيث يقتصر دورها على معاينة الجرائم المتعلقة بالمساس بأمن الدولة المنصوص عليها والمعاقب عليها في قانون العقوبات والتي تتضمن جرائم الخيانة والتجسس ومكافحة الإرهاب والتخريب. كما قام أيضا لوح بعرض أهم التعديلات المقترحة على القانون العضوي رقم 05-11 المتعلق بالتنظيم القضائي، حيث أفاد بأنه وتحسبا لإنشاء جهة قضائية تستأنف أمامها الأحكام الصادرة عن المحاكم العسكرية، وبالتنسيق مع وزارة الدفاع الوطني، يقترح المشروع تعديل المادة 19 منه والمتعلقة بالمحكمة العسكرية عن طريق النص على أن القواعد المتعلقة باختصاص الجهات القضائية العسكرية و تنظيمها وسيرها تحدد بموجب قانون القضاء العسكري. ومن شأن هذه الصياغة، يوضح لوح، السماح بإنشاء جهات قضائية عسكرية للإستئناف بغض النظر عن التسمية الممنوحة لها في قانون القضاء العسكري.