- الجيش يتجه لكسب معركة التصنيع بعد 55 سنة من الاستقلال الذي تنعم به الجزائر، لا يزال سليل جيش التحرير الوطني يؤدي الأمانة بكل حزم ويحقق نتائج مبهرة، يقف لها العالم إجلالا كما وقف بالأمس لأجداده خلال الثورة النوفمبرية المظفرة، فالتحديات التي يواجهها اليوم لا تقل عن تلك التي وقف فيها أبطال الجزائر ضد المحتل الفرنسي الغاشم. لذلك، فإن الجيش الوطني الشعبي، سليل جيش التحرير، هو مفخرة للوطن بكل ما يزخم به تاريخه المشرف، كيف لا وهو سليل رجال ونساء انهوا أسطورة استعمار فرنسي دام 132 سنة كاملة، حيث حقق ويحقق نتائج مبهرة مكنته من تبوء الصفوف الأولى في التصنيفات الدولية لأحسن الجيوش في العالم، خاصة مع العمليات النوعية التي نفذها خلال السنوات الأخيرة التي تزامنت والإصلاحات التي قام بها رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، حيث تعيش فلول بقايا الجماعات الإرهابية بفضل حنكة ويقظة وإحترافية افراد الجيش الوطني الشعبي ومعه كل الاسلاك الأمنية مراحلها الأخيرة، وذلك رغم التحديات الأمنية التي تعرفها المنطقة والإنفلات غير المسبوق. هكذا قاد رجال الثورة الجزائر نحو تحقيق الاستقلال إن حجم النجاحات التي يحققها افراد الجيش الشعبي الوطني ما هي إلا مرآة تعكس عمق انتماءه، فكما اسقط مخططات استهدفت الإطاحة بأمن الجزائر، وأوقع توقعات أعداء الوطن بسيناريو للدم في الماء، وقال كلمته في الميدان بفضل احترافيته وتميز عملياته النوعية اليوم، حقق جيش التحرير بالأمس ما كانت تعتقد فرنسا الاستعمارية انه مستحيل، هي ميزة ينفرد بها تأسيس جيش التحرير الوطني عن كل جيوش العالم، ألا وهي خروجه من رحم المعاناة التي ألمّت بالشعب الجزائري جراء الاستعمار الفرنسي الغاشم لذلك فلا تخيفه أي تحديات كانت مهما ارعبت أكبر الدول المتقدمة، برجال ونساء آمنوا بالكفاح المسلح، وبأقل الإمكانيات الحربية صنع أبناء الجزائر الفارق أمام أقوى جيوش العالم في ذلك الوقت، فقد فهم مفجّرو الثورة منذ البداية أن السر الوحيد الذي يمكن أن ينجح عمليات جيش التحرير الوطني الذراع العسكري لجبهة التحرير الوطني ضد الجيش الفرنسي هو الزخم الشعبي وحب افتكاك الحرية ووقف المعاناة الاستعمارية، هي السر الذي سيحدث الفرق في حربهم ضد فرنسا، لأن إنشاء جيش نظامي كلاسيكي منذ البداية كان غاية في الصعوبة، وهو ما يترجم على الواقع عندما نعلم أن جيش التحرير الوطني لم يؤسس بمرسوم من فوق، وإنما نشأ من رحم الشعب ومن كل طبقاته وشرائحه، وقرر قيادي الثورة تشكيل مجموعات صغيرة قادرة على خوض حرب عصابات تبعا لظروف المعركة التي كان ينبغي خوضها مع الجيش الاستعماري، الذي كان متفوقا عدة وعددا. تشكل الجيش الوطني الشعبي بميلاد جبهة التحرير الوطني في اجتماع مجموعة ال22 في جوان 1954، ليكون اليد التي أطلقت بها أول رصاصة لتحرير الجزائر في الفاتح نوفمبر 54، وجاء صمود جيش التحرير الوطني وكان السند الشعبي المتعاظم الذي لقيه جيش التحرير الوطني، وازدياد عدد المنخرطين في صفوفه منذ بدايته بعد تبني مفجري الثورة خيار الكفاح المسلح إيمانا بالثورة ودفاعا عن الوطن، ويتمثل التنظيم العسكري لجيش التحرير الوطني في نصف المجموعة، المجموعة، الفصيلة، وعدة أقسام منها قسم المتفجرات، قسم الإشارة، القسم المكلف بالمخابئ ووضعت المنظمة برنامجا تدريبيا، عسكريا وذلك فيما يخص استخدام المتفجرات والأسلحة وتكتيك العصابات وفن الكمائن والإغارة، وقد اعتمد جيش التحرير الوطني على عنصر المباغتة ومعرفة الميدان حيث أن ذلك لا يتطلب إمكانيات كبيرة. وحقق جيش التحرير الوطني عبر مراحل الثورة انتصارات هامة كان لها صدى عالمي، وكان لها تأثير كبير وواضح على الصعيد الداخلي والخارجي، وتنوعت هذه الانتصارات بين معارك طويلة دامت عدة أيام، وكمائن خاطفة، وعمليات تصفية الخونة والمتعاونين مع الاستعمار، وكانت معارك جيش التحرير قد عمت كل القطر الجزائري في كل الولايات التاريخية الولاية الأولى والثانية والثالثة والرابعة والخامسة والسادسة والمنطقتين الشرقية والغربية، بالإضافة إلى ما كان يقوم به جيش التحرير الوطني من حرب عالية المستوى في التضحية والفداء واختراق السدين الشائكين المكهربين على الحدود الشرقية والغربية، وبشكل منظم كان يتسوى مع العمل الدبلوماسي والسياسي لقيادات جبهة التحرير الوطني، فحقق ابطال الجزائر الاستقلال وانتزعوا حرية الوطن واصبحوا اسطورة الشعوب المستعمرة وقدوتهم في تحدي الموت والتضحية من أجل جزائر مستقلة، امانة سلمها لسليله جيش التحرير الوطني الذي كان الحافظ والمحاظ عليها بكل عزم ودون كلل أو ملل واصل مسيرة التضحية وقدم الشهداء فداءا للوطن. وعشية الاحتفال بذكرى عيد الاستقال ال55، أكد نائب وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أحمد ڤايد صالح، خلال زيارته الى الأكاديمية العسكرية لشرشال، أن الثورة التحريرية كانت مدرسة حقيقية لتخريج الرجال من ذوي الهمم العالية والعزائم القوية. سليل جيش التحرير.. خروج من رحم المعاناة واصل سليل جيش التحرير الوطني بعد الاستقلال مهمة أبطال الجزائر بنفس العزم والإرادة، ونجح في سد شغور المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية والإدارية، وتطهير الحدود الشرقية والغربية من الألغام الممتدة على خطي شال وموريس بشكل كلي، حسبما أعلنه مؤخرا، وإزالة آثار الحرب المدمّرة، وبناء مرافق الخدمات وتقريبها من المواطنين لفك العزلة عنهم، رسم الحدود مع الدول المجاورة وتأمين سلامتها، وبالموازاة مع هذه المهمة، لم يتوان الجيش الوطني الشعبي في الاهتمام بالتكوين العسكري وتدعيم قدراته القتالية، فلم تمض السنة الأولى على الاستقلال، حتى ظهرت إلى الوجود قيادة الدرك الوطني في أوت 1962 ومصلحة الإشارة في 15 سبتمبر 1962، كما عين وزير الدفاع في 27 سبتمبر 1962، وفي أكتوبر 1962، وصلت إلى الجزائر وحدة صغيرة من الطائرات العمودية، كما وصلت في نفس الشهر، مجموعة من الطائرات المقاتلة، وفي هذا الإطار، شرع في إنشاء هياكل التكوين والتدريب وإرسال البعثات إلى الدول الشقيقة والصديقة، لتتخرج من كبريات المدارس والمعاهد في مختلف التخصصات، مشكّلة بذلك أولى الطلائع التي ستؤطر الجيش الوطني الشعبي وتطوره تنظيما وتسليحا ولما ضبط إطار التكوين، وبدأت المدارس تظهر إلى الوجود كمدرسة أشبال الثورة في ماي 1963 والكلية العسكرية لمختلف الأسلحة بشرشال في جوان 1963. واهتمت قيادة الجيش الوطني الشعبي منذ البداية بالجانب التكويني حيث تم إنشاء هياكل التكوين الأخرى في مختلف الأسلحة بما يستجيب ومتطلبات الجيوش الحديثة والتقنيات العسكرية المعاصرة والتزويد بالأسلحة والتجهيزات المتطورة، وهو ما تواصل العمل عليه حاليا من خلال مدارس اشبال الأمة التي اعيد بعثها وتحقق نتائج مبهرة، بالإضافة لفتح تخصصات تكوينية جديدة تتوافق وتحديات راهنة في العالم، ناهيك عن تطور الحاصل في اقتناء أحدث الأسلحة والتكنولوجيات. هكذا هب جيشنا للنصرة العربية ضد إسرائيل ومع أن الجيش الوطني الشعبي كان ينتظره الكثير داخليا، غير انه لم يتوان في نصرة العربية بعد نكسة 5 جوان 1967، إثر العدوان الإسرائيلي على مصر، حيث هبّ الجيش الوطني الشعبي لنجدتها، وتحركت الطلائع الأولى لأرض المعركة، فحطّت أول طائرة عسكرية جزائرية في مطار القاهرة يوم 06 جوان 1967، ثم وصل بعد ذلك بقليل لواء بري، التحق بالخط الأول للجبهة، ومجددا، كانت قوات الجيش الوطني الشعبي في الطليعة، عندما بدأت حرب الاستنزاف حيث أظهروا قدرات عسكرية عالية المستوى رغم عدم تكافؤ الإمكانيات مع العدو الإسرائيلي، وفي حرب اكتوبر 1973، وبالرغم من طابع السرية المفاجأة التي اتسمت بهما حرب 6 أكتوبر 1973 ضد إسرائيل على الجبهتين المصرية والسورية، إلا أن هذا لم يمنع الجزائر من نصرة الأشقاء في مصر وسوريا حيث احتلت المرتبة الثانية بعد العراق من حيث الدعم العسكري الذي قدّم لهذه الحرب. الجيش يكسب معركة الإرهاب ويصد كل المؤامرات إن ما قام ويقوم به الجيش الوطني الشعبي منذ التسعينيات بطولة حقيقية تنم عن قوة احترافية ومتانة تكوينية بالغة الدقة، حيث يقف بكل حزم في وجه الإرهاب الغاشم والمؤامرات التي حيكت وتحاك ضد البلاد في الداخل والخارج، إلى أن أوصل الجماعات الإرهابية إلى مرحلة لفظ آخر أنفاسها، وبعد عودة الأمن والاستقرار للوطن بالداخل، ظهر خلال السنوات الأخيرة الإنفلات الأمني بدول الجوار وكل المنطقة وهو ما يعد ثان أكبر تحدٍّ لقوات الجيش، فبين دحر تنامي نشاط بارونات المخدرات بجوار البلد رقم واحد في إنتاج الكيف المعالج في العالم، وبين انفلات أمني في كل من ليبيا وتونس والنيجر ومالي، تولد عنه سهولة التنقل غير الشرعي لترسانة أسلحة ضخمة من ليبيا، وظهور جماعات إرهابية نشطة بكل من تونس والنيجر، كاد أن يؤدي إلى كارثة لولا حنكة وبراعة قوات الجيش الوطني الشعبي في تيڤنتورين، وبعدها منع عمليات التسلل والدخول لأرض الوطن، وأيضا حرب مالي التي حولت شريط الحدود معها إلى مصدر لأخطار كبيرة، أمام كل هذا، يثبت الجيش الوطني الشعبي أنه يستحق، بجدارة، لقب أول قوة عسكرية في منطقة شمال إفريقيا والساحل، بعد أن تحولت الجماعات الإرهابية إلى بقايا تعاني من نقص فادح في المؤونة والتموين وعجزت عن تنفيذ عمليات إرهابية ذات صدى بسبب الخناق المفروض عليها، وعمليات التمشيط الواسعة التي ما فتئت قوات الجيش الشعبي الوطني تواصلها، والتي عرفت منحى تصاعديا بنتائج مبهرة خلال السنتين الفارطتين. وفي هذا السياق، تمكنت قوات الجيش الوطني الشعبي خلال السداسي الأول ل2017 من القضاء على 63 إرهابي وتوقيف 22 آخرين، فيما قام 10 إرهابيون آخرون بتسليم أنفسهم، حسبما أفادت به الحصيلة العملياتية للجيش الخاصة بهذه الفترة. وفي ذات الإطار، تشير ذات الحصيلة إلى العثور على جثت 5 إرهابيين وتوقيف 100 عنصر دعم للجماعات الإرهابية و4 تجار أسلحة خلال نفس الفترة مع كشف وتدمير 241 مخبأ للإرهابيين والأسلحة. الصناعات العسكرية.. مفخرة الجزائر عرفت الصناعات العسكرية تطورا كبيرا ومستوى رفيعا بمختلف فروعها حيث أصبحت تؤدي دورا بارزا في دفع عجلة التنمية الوطنية، وأوضح العقيد محمد جعفر، مفتش مركزي للصناعات العسكرية بوزارة الدفاع الوطني، مؤخرا، أن الغاية من الولوج في ميدان الصناعات العسكرية هو تحقيق الاكتفاء الذاتي في هذا المجال للتخفيف من الاستيراد، مشيرا إلى أنه مؤسسات الصناعات العسكرية الجزائرية تضم ما يقارب ال25 ألف عامل في مختلف التخصصات الصناعية ويندرج ذلك في إطار الاستراتيجية العسكرية الجديدة التي انتهجتها قيادة البلاد لتلبية الحاجيات العسكرية في جميع الميادين. وأضاف العقيد أن وزارة الدفاع الوطني أصبحت اليوم تزود كل ما تحتاجه الشرطة والجمارك والحماية المدنية بمختلف أنواع السيارات بما في ذلك شركة سوناطراك و سونلغاز وذلك قبل أن يشير إلى مشارك مؤسسات الدفاع الوطني في معرض الصناعات العسكرية الذي أنتظم مؤخرا بموريتانيا. وزارة الدفاع ترسخ الاحتفالات المتميزة لذكرى استقلال الجزائر نظم الجيش الوطني الشعبي ابتداء من الفاتح وإلى غاية 10 جويلية الجاري برنامجا ثريا يشمل عدة نشاطات على مستوى المتحف المركزي للجيش بمناسبة الذكرى ال55 لعيد الاستقلال واسترجاع السيادة الوطنية. وتهدف هذه الاحتفالات التي تندرج في إطار تقاليد الجيش الوطني الشعبي إلى تثمين مختلف المحطات التي طبعت التاريخ الوطني حيث ستشهد تنظيم استعراض لمجاهدين مرفوقين بأشبال الأمة، بالإضافة إلى عروض متنوعة في الرياضات القتالية والقفز المظلي فضلا عن مشاركة فرقة موسيقية من الحرس الجمهوري في تنشيط هذه الأجواء الاحتفالية على مستوى ساحات مقام الشهيد فيما يتم تخصيص ورشة رسم للبراعم حول موضوع الاستقلال. كما ستنظم بالمناسبة، ندوات ومحاضرات علاوة على عرض أفلام ثورية و أشرطة وثائقية وأناشيد وطنية تخلد هذه المناسبة العظيمة وستكون هذه الذكرى ايضا فرصة للتعرف الزوار عن كثب على منتجات عسكرية وطنية متنوعة تعكس مدى التطور الكبير والمستوى الرفيع الذي بلغته الصناعات العسكرية بمختلف فروعها ودورها البارز في دفع عجلة التنمية الوطنية.