- رجال عاهدوا.. فصدقوا يعتبر الجيش الوطني الشعبي مفخرة للوطن، بفضل تاريخه المشرف، كيف لا وهو سليل جيش التحرير الوطني، الذي أنهى تواجد استعمار فرنسي دام 132 سنة على أرض الجزائر الطاهرة، حيث لايزال يحقق نتائج مبهرة مكنته من تبوأ الصفوف الأولى في التصنيفات الدولية لأحسن الجيوش في العالم، خاصة مع العمليات النوعية التي نفذها خلال السنوات الأخيرة التي تزامنت والإصلاحات التي قام بها رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، حيث تعيش فلول بقايا الجماعات الإرهابية، بفضل حنكة ويقظة واحترافية أفراد الجيش، مراحلها الأخيرة، وهذا رغم الفوضى والانفلات الأمني الذي تعرفه المنطقة، والتي كانت تداعياتها وخيمة على استقرار البلاد، لولا يقظة واحترافية أفراد الجيش وفطنتهم، الذين أحبطوا كل محاولات ضرب أمن البلاد، مجنبين مؤامرات كانت تحاك ضد الجزائر، إلا ان رهانات المتربصين بالبلاد سقطت جلها في الماء، وأكد الجيش الوطني الشعبي، مرة أخرى، انه درع الجزائر الحصين، وحامي حمى استقرارها وأمنها، والمدافع الشرس عن رسالة الشهداء. هكذا أسّس رجال الثورة جيش التحرير الوطني هي ميزة ينفرد بها تأسيس جيش التحرير الوطني عن كل جيوش العالم، ألا وهي خروجه من رحم المعاناة التي ألمّت بالشعب الجزائري جراء الاستعمار الفرنسي الغاشم، برجال ونساء آمنوا بالكفاح المسلح، وبأقل الإمكانيات الحربية، صنع أبناء الجزائر الفارق أمام أقوى جيوش العالم في ذلك الوقت، فقد فهم مفجرو الثورة منذ البداية أن السر الوحيد الذي يمكن أن ينجح عمليات جيش التحرير الوطني، الذراع العسكري لجبهة التحرير الوطني، ضد الجيش الفرنسي هو الزخم الشعبي وحب افتكاك الحرية ووقف المعاناة الاستعمارية، هي السر الذي سيحدث الفرق في حربهم ضد فرنسا، لأن إنشاء جيش نظامي كلاسيكي منذ البداية كان غاية في الصعوبة، وهو ما يترجم على الواقع عندما نعلم أن جيش التحرير الوطني لم يؤسس بمرسوم من فوق وإنما نشأ من رحم الشعب ومن كل طبقاته وشرائحه، وقرر قياديو الثورة تشكيل مجموعات صغيرة قادرة على خوض حرب عصابات تبعا لظروف المعركة التي كان ينبغي خوضها مع الجيش الاستعماري، الذي كان متفوقا عدة وعددا. تشكّل الجيش الوطني الشعبي بميلاد جبهة التحرير الوطني في اجتماع مجموعة ال22 في جوان 1954، ليكون اليد التي أطلقت بها أول رصاصة لتحرير الجزائر في الفاتح نوفمبر 1954، وجاء صمود جيش التحرير الوطني وكان السند الشعبي المتعاظم الذي لقيه جيش التحرير الوطني، وازدياد عدد المنخرطين في صفوفه منذ بدايته بعد تبني مفجري الثورة خيار الكفاح المسلح إيمانا بالثورة ودفاعا عن الوطن، قد مكّنه من متابعة مسيرة الكفاح وبدأ في تحسين وتطوير هياكله بصفة تدريجية وفقا لمعطيات الحرب، واعتمد على حرب العصابات وألحق، منذ البداية، هزائم ثقيلة بأبسط الإمكانيات بجيش فرنسي منظم وقوي وبهياكله التي كان يفرض عليها طوقا أمنيا محكما، غير أن إيمان رجال جيش التحرير الوطني بقضيتهم صنع الفارق بشكل ملفت للانتباه، وأصبح فيما بعد مرجعا للشعوب المحتلة في العالم. أهم انتصارات جيش التحرير الوطني ضد المستعمر الفرنسي حقق جيش التحرير الوطني، عبر مراحل الثورة، انتصارات هامة كان لها صدى عالميا، وكان لها تأثير كبير وواضح على الصعيد الداخلي والخارجي، وتنوعت هذه الانتصارات بين معارك طويلة دامت عدة أيام، وكمائن خاطفة، وعمليات تصفية الخونة والمتعاونين مع الاستعمار، وكانت معارك جيش التحرير قد عمّت كل القطر الجزائري في كل الولايات التاريخية، الولاية الأولى والثانية والثالثة والرابعة والخامسة والسادسة والمنطقتين الشرقية والغربية، بالإضافة إلى ما كان يقوم به جيش التحرير الوطني من حرب عالية المستوى في التضحية والفداء واختراق السدين الشائكين المكهربين على الحدود الشرقية والغربية، فقد عرفت الولاية الأولى عدة معارك كبرى، أشهرها معركة الجرف التي وقعت بين 22 و29 سبتمبر 1955 بقيادة بشير شيهاني وعباس لغرور وعاجل عجول، وصل صيتها إلى المحافل الدولية ودعمت نتائج هجومات 20 أوت 1955 في تدويل القضية الجزائرية، ومعركة جبل أرقو بتبسة بقيادة الشهيد لزهر شريط في جويلية 1956 والتي أصيب فيها العقيد بيجار برصاصة قرب قلبه، وفي الولاية الثانية، لا يمكن أن نتحدث عن انتصارات جيش التحرير بالولاية الثانية دون أن تكون البداية بهجمات 20 أوت 1955 التي أعطت نفسا جديدا للثورة، هذه الولاية وقعت بها عدة معارك استشهد خلالها قادة الولاية منهم الشهيد مراد ديدوش ويوسف زيغود، وفي الولاية الثالثة، حققت انتصارات كبيرة وواجهت قيادات هذه الولاية القوى المضادة للثورة ومنها حركة بلونيس ، التي تمركزت في قرية ملوزة وتسبّبت في مضايقات واعتداءات على الثوار والشعب معا، حيث تم القضاء على أنصار حركة بلونيس ، وكانت المعارك بالولاية الرابعة متواصلة عبر الجبال والمدن، ومن تلك المعارك معركة جبل بوزڤزة، معركة أولاد بوعشرة، معركة أولاد سنان، معركة الكاف الأخضر، وكان بالولاية الخامسة مجموعة من القادة العسكريين الذين لا يمكن وصفهم إلا بالكبار، منهم بن مهيدي وبوصوفو، عبد الملك رمضان وهواري بومدين ولطفي، وقد استمرت بها المعارك والكمائن طيلة الثورة من بينها معركة جبل عمور في 2 أكتوبر 1956، وامتازت الولاية السادسة بالتنظيم السياسي والإداري لخلايا جبهة التحرير الوطني وذلك بحكم طابعها الصحراوي أولا، بحكم مواجهتها لمختلف الحركات المناوئة للثورة ومن المعارك البارزة في هذه الولاية، نذكر معارك جبال القعدة وبوكحيل والكرمة والجريبيع، وكان أعظم انتصار للجيش التحرير الوطني انه انتصر على أعتى قوة عالمية، آنذاك، واسترجع الاستقلال والحرية للشعب الجزائري. هذه هي أولى مهام الجيش الوطني الشعبي بعد الاستقلال لم تكن مهمة سليل جيش التحرير الوطني بعد الاستقلال أقل صعوبة من مهمة تحرير الجزائر، حيث باشر تحدٍّ جديد ألا وهو بناء الوطن، وذلك بسد شغور المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية والإدارية، وتطهير الحدود الشرقية والغربية من الألغام الممتدة على خطي شال وموريس وإزالة آثار الحرب المدمّرة، وبناء مرافق الخدمات وتقريبها من المواطنين لفك العزلة عنهم، رسم الحدود مع الدول المجاورة وتأمين سلامتها، وبالموازاة مع هذه المهمة، لم يتوان الجيش الوطني الشعبي في الاهتمام بالتكوين العسكري وتدعيم قدراته القتالية، فلم تمض السنة الأولى على الاستقلال، حتى ظهرت إلى الوجود قيادة الدرك الوطني في أوت 1962 ومصلحة الإشارة في 15 سبتمبر 1962، كما عين وزير الدفاع في 27 سبتمبر 1962، وفي أكتوبر 1962، وصلت إلى الجزائر وحدة صغيرة من الطائرات العمودية، كما وصلت في نفس الشهر، مجموعة من الطائرات المقاتلة، وفي هذا الإطار، شرع في إنشاء هياكل التكوين والتدريب وإرسال البعثات إلى الدول الشقيقة والصديقة، لتتخرج من كبريات المدارس والمعاهد في مختلف التخصصات، مشكّلة بذلك أولى الطلائع التي ستؤطر الجيش الوطني الشعبي وتطوره تنظيما وتسليحا، وبدأت المدارس تظهر إلى الوجود كمدرسة أشبال الثورة في ماي 1963 والكلية العسكرية لمختلف الأسلحة بشرشال في جوان 1963، واهتمت قيادة الجيش الوطني الشعبي، منذ البداية، بالجانب التكويني حيث تم إنشاء هياكل التكوين الأخرى في مختلف الأسلحة بما يستجيب ومتطلبات الجيوش الحديثة والتقنيات العسكرية المعاصرة والتزويد بالأسلحة والتجهيزات المتطورة. جيشنا يهب لنصرة فلسطين ومع أن الجيش الوطني الشعبي كان ينتظره الكثير داخليا، غير انه لم يتوان في نصرة فلسطين بعد نكسة 5 جوان 1967، إثر العدوان الإسرائيلي على مصر ولنصرة القضية الفلسطينية، هبّ الجيش الوطني الشعبي لنجدتها، وتحركت الطلائع الأولى لأرض المعركة، فحطّت أول طائرة عسكرية جزائرية في مطار القاهرة يوم 06 جوان 1967، ثم وصل بعد ذلك بقليل لواء بري، التحق بالخط الأول للجبهة، ومجددا، كانت قوات الجيش الوطني الشعبي في الطليعة، عندما بدأت حرب الاستنزاف حيث أظهروا قدرات عسكرية عالية المستوى رغم عدم تكافؤ الإمكانيات مع العدو الإسرائيلي، وفي حرب أكتوبر 1973، وبالرغم من طابع السرية والمفاجأة التي اتسمت بهما حرب 06 أكتوبر 1973 ضد إسرائيل على الجبهتين المصرية والسورية، إلا أن هذا لم يمنع الجزائر من نصرة الأشقاء في مصر وسوريا، حيث احتلت المرتبة الثانية بعد العراق من حيث الدعم العسكري الذي قدّم لهذه الحرب. قوات الجيش تعيد الجزائر لبر الأمان وواصل الجيش الوطني الشعبي المساهمة في المعركة التنموية التي باشرتها الجزائر، حتى استقام عودها، وقويت شوكتها، وكان من المفروض أن ينال الجيش الوطني الشعبي، على الأقل، استراحة محارب، لكن ذلك لم يكن، ففي سنوات التسعينيات عصفت على الجزائر عاصفة هوجاء، لو عصفت على أي بلد من بلدان العالم لمزقته قطعا، لكن بفضل وحدة الجيش الوطني الشعبي وقوته، وبمساهمة أسلاك الأمن وكل الوطنيين، الذين وقفوا في وجه الإرهاب الغاشم والمؤامرات التي حيكت ضد البلاد في الداخل والخارج، بقيت الجزائر واقفة وخرجت إلى بر الأمان، وبعد عودة الأمن والاستقرار للوطن بالداخل، تواصلت مسيرة عصرنة قوات الجيش الوطني الشعبي باقتناء أحدث الأسلحة. الإرهاب يلفظ آخر أنفاسه في الجزائر ومرة أخرى، وجد الجيش الوطني الشعبي نفسه في مواجهة مع أحد أهم التحديات الأمنية للجزائر، بعد أن عصف انفلات أمني غير مسبوق بالمنطقة وراهن أعداء الجزائر على سيناريو دموي آخر بها، لكن الرد كان حاسما ومبهرا أسكت كل المتآمرين ضد الوطن، فبعد أن تمكّن من حصر الجماعات الإرهابية في الداخل، وتحولت إلى بقايا تعاني من نقص فادح في المؤونة والتموين وعجزت عن تنفيذ عمليات إرهابية ذات صدى بسبب الخناق المفروض عليها، وعمليات التمشيط الواسعة التي ما فتئت قوات الجيش الشعبي الوطني تواصلها، والتي عرفت منحى تصاعديا بنتائج مبهرة خلال السنتين الفارطتين، نجحت قوات الجيش في حماية حدود الوطن وحصلوا، بجدارة، على لقب أول قوة عسكرية في منطقة شمال إفريقيا والساحل، حيث واجهوا تنامي ظهور الخطر الكبير على كل الجهات، فمن الجهة الجنوبية، أدت الاضطرابات الأمنية الحادة في مالي وحتى النيجر لمحاولات بروز تسلل للجماعات الإرهابية لتنفيذ عمليات استعراضية في جنوبالجزائر، وبالرغم من صعوبة مهمة التحكم في الحدود الشاسعة، ردّت قوات الجيش بقوة في تيڤنتورين وتواصل هذا الرد بتوالي عمليات إحباط تمرير الأسلحة للداخل، فلا يمر يوم واحد دون عملية نوعية، حيث أصبحت القوة الأمنية للجيش الوطني الشعبي تجربة رائدة في مكافحة الإرهاب يثنى عليها في أكبر المحافل الدولية، ويعترف بها من أكبر القوى في العالم، وتحولت الجزائر إلى الشريك الأهم لمكافحة الإرهاب في المنطقة، بسبب تمكنها من إحباط أخطر العمليات الإرهابية، ومساعدة دول الجوار على مواجهة الجماعات الإرهابية بما فيها التميّز الاستعلاماتي في الوصول إلى هذه الجماعات، كما أن الجيش الوطني قال كلمته ضد تطور شبكات الجريمة المنظمة وانتشار تجارة السلاح، حيث ما فتئ يدمر عشرات المخابئ على الحدود. والجدير بالذكر أنه ليس من السهل تأمين حدود ب1329 كلم مع مالي ولا 951 كلم مع النيجر وهما دولتان تعرفان تناميا للهيب الحرب الداخلية، ساهمت في سهولة تحرك الجماعات الإرهابية بها، والتي كانت تعتقد أن مهمتها ستكون سهلة بعد ذلك في الجزائر، غير أنها وجدت قوات ترفض أي مساومة على أمن واستقرار الجزائر، مما عرضها للعجز عن إيصال أي تموين لبقايا الجماعات الإرهابية في الشمال بسبب اليقظة والحرص والإنتشار الدائم لقوات الجيش على الحدود، مع أقصى درجات الجاهزية العملياتية والكفاءة القتالية، وتواجه قوات الجيش الوطني الشعبي على الحدود الشرقية جبهة لا تقل سخونة أمام استمرار الانفلات الأمني في ليبيا، وعلى الحدود مع تونس، قالت قوات الجيش الوطني الشعبي كلمتها عندما تمكنت من منع تسلل الجماعات الإرهابية الى أرض الوطن، حيث لم توفّق في القيام بأي عمل إرهابي، رغم محاولاتها المتكررة. الجيش يكسب رهان الصناعة العسكرية يملك الجيش الوطني الشعبي قدرات هائلة في مجال الصناعات العسكرية ومجال البحث والتطوير والإنتاج الصناعي والحربي، بعد تبنيه سياسة الرفع من جاهزية مختلف الوحدات العسكرية وعصرنة وتطوير القوات المسلحة مع المساهمة في النسيج الصناعي والاقتصادي للبلاد، ومن بين أهمها، على غرار مشروع عصرنة رادار المراقبة الأرضية البرية، وعصرنة سلاح الجوي الجزائري، الذي يعتبر الأول على المستوى الإفريقي والعربي، أنها تمكنت من إنتاج نوعين من الطائرات من دون طيّار المقذوفة يدويا والطائرات متوسطة المدى، وتمكنت القوات البحرية من تجسيد المشروع الخاص بالآليات تحت المائية، كما تمكنت قاعدة المنظومات الإلكترونية بالشراكة مع الألمان من إنتاج كاميرات مراقبة ومناظير ليلية ونهارية مصنعة في الجزائر. ويتوفر الجيش الوطني الشعبي على سبع مؤسسات صناعية أخرى كمؤسسة الإنجازات الصناعية بسريانة بخنشلة مختصة في إنتاج الذخائر الحربية ومولدات الطاقة ومؤسسة البنايات الميكانيكية الخاصة بتصنيع الأسلحة الخفيفة، بالإضافة الى مجمع ترقية الصناعات الميكانيكية الذي يعكف على تصنيع العربات الدفع الرباعي نمر والعربات المدرعة ذات الدفع السداسي 6 ،6 من نوع فوكس بالشراكة مع الألمان والإماراتيين، أما مؤسسة تطوير صناعة السيارات بتيارت، فهي بصدد، بالشراكة مع الإماراتيين والألمان ومؤسسة سوناكوم الجزائرية، تصنيع سيارات ذات علامة مرسيدس موجهة للأسلاك الأمنية والعسكرية.