كانت سنة 2017 بفرنسا استثنائية بالنسبة لملف الصحراء الغربية بما أنه كسب مزيدا من التفهم رغم الموقف الفرنسي المؤيد للمغرب والتعتيم الاعلامي الذي تفرضه وسائل الاعلام الفرنسية على الكفاح المشروع للشعب الصحراوي. فقد حظي موضوع استعمار المغرب لإقليم الصحراء الغربية وانتهاكات حقوق الانسان في تلك الاراضي المحتلة منذ اكثر من 40 سنة ومحاكمة المناضلين الصحراويين الساحة الفرنسية بمزيد من الاهتمام بعد ان نظمت في شهر اكتوبر بفيتري سور سين (جنوبباريس) الدورة ال42 للندوة الاوروبية لتنسيق دعم الشعب الصحراوي (اوكوكو) ولقاء برلماني بالجمعية العامة الفرنسية. وقد جرى هاذان الحدثان الهامان بفرنسا التي تعد الداعم الرئيسي للمملكة المغربية التي تحتل الصحراء الغربية بشكل غير مشروع رغم اعتراف الاممالمتحدة به كإقليم غير مستقل وبالتالي قابل لتقرير المصير. كما ارست الدورة ال42 للندوة الاوروبية لتنسيق دعم الشعب الصحراوي (اوكوكو) معالم جديدة لاستراتيجية جديدة اكثر هجومية واكثر قوة من اجل توسيع التضامن مع الشعب الصحراوي سيما في اوروبا. ويمكن لفريق العمل هذا ان يوحد في المستقبل جميع الاعمال الناجعة تجاه البلدان والمؤسسات والبرلمانيين والجمعيات التي تولي قليلا من الاهتمام لمسالة الصحراء الغربية. وقد اشار المشاركون من المدافعين عن القضية الصحراوية وجامعيون ومنتخبون ومسؤولون سابقون وقانونيون الى الانسداد على مستوى مجلس الامن الدولي بسبب سلاح الفيتو الذي تستعمله فرنسا لما يتعلق الامر بلوائح لا تكون في صالح المغرب. إنتقاد فرنسا بسبب سياسة الكيل بمكيالين كما تم التطرق في شهر اكتوبر الفارط خلال لقاء برلماني الثاني من نوعه بعد ذلك الذي نظم في افريل 2016 على مستوى الجمعية الوطنية الفرنسية الى مسالة تصفية الاستعمار مع دور اوروبا في تسوية النزاع. وضم هذا اللقاء الذي نظم بمبادرة من النائب جون بول لوكوك، الذي يعد اكبر المدافعين عن القضية الصحراوية، عديد النواب الاوروبيين جاؤوا من اسبانيا وايطاليا والسويد وبرلمانيين جزائريين وممثلين عن الحركة الجمعوية ومسؤولين صحراويين. واعلن جون بول لوكوك انه اقترح على لجنة الشؤون الخارجية بالجمعية إدراج مسالة الصحراء الغربية في اشغالها مع برمجة جلسة استماع للسيد هورست كوهلر، المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة للصحراء الغربية. كما اعرب عن اسفه لموقف وسائل الاعلام الفرنسية التي لا تحضر لما يتعلق الامر بنزاع الصحراء الغربية، معترفا انه يقوم بكفاح يومي في فرنسا البلد الذي يساهم في الانسداد بدعمه للمغرب. واضاف ان فرنسا ليست فقط الحكام، فهناك ايضا برلمانيون وجمعيات التي تشكل فضاءات للنضال من اجل احراز تقدم في تطبيق القانون الدولي بالصحراء الغربية، منتقدا السياسة الفرنسية للكيل بمكيالين في معالجة هذه المسالة. وعلى عكس الموقف الرسمي، فان الحركة الجمعوية بفرنسا لم تدخر اي جهد في سنة 2017 لكي تبرز من خلال الاجتماعات والتجمعات والندوات الصحفية مسالة انتهاك حقوق الانسان التي يتعرض لها الشعب الصحراوي سيما المحاكمة التي جرت بالرباط للسجناء السياسيين الصحراويين الذين حكم عليهم بأحكام قاسية. في هذا الصدد، نظمت جامعة باريس السوربون في شهر اكتوبر للمرة الثانية على التوالي ملتقى حول اشكالية دور القوى الغربية في تسوية نزاع الصحراء الغربية وحماية حقوق انسان الشعب الصحراوي. ظروف الإحتجاز المأساوية للسجناء الصحراويين كما نظم بالمجلس الاوروبي بستراسبورغ في مطلع السنة ملتقى حول موضوع السجناء الصحراويين في المغرب: دور و لوائح الجمعية البرلمانية لمجلس اوروبا ، داعيا هذه المؤسسة الى اليقظة امام انتهاكات حقوق الانسان التي تقوم بها السلطات المغربية في حق الشعب الصحراوي. لذلك فان الامر يتعلق بالنسبة للمغرب الذي يوقع بكل اريحية على جميع الاتفاقيات الدولية (ضد التعذيب والسجن التعسفي الخ) لكنه لا يطبقها او لا يطبقها ابدا، بإعطاء قيمة حقيقية لشراكته من اجل الديمقراطية مع الجمعية البرلمانية لمجلس اوروبا. المغرب يصدر حكما جائرا مدته 20 سنة سجنا نافذا في هذا السياق، استوقفت مجموعة دولية من المحامين في شهر نوفمبر الاخير، الوزير الاول الفرنسي، ايدوارد فيليب، حول ظروف الاحتجاز المأساوية للسجناء الصحراويين وذلك عشية زيارته الى المغرب. من جانبهم، اكد المحامون الفرنسيون والبلجيكيون والاسبان والايطاليون والالمان ان الحالة الصحية لعديد السجناء السياسيين الصحراويين المحتجزين في المغرب تثير القلق لانهم لا يتلقون، كما قالوا، العلاج الطبي المناسب لحالاتهم. كما طلبوا منهم ان يثير خلال زيارته موضوع وضعية حقوق الانسان في المغرب وعلاقته الوثيقة بكل تعاون دبلوماسي واقتصادي، كما يتعلق الامر بتذكير المغرب بضرورة تقديم العلاج المناسب للسجناء السياسيين الصحراويين في ظل احترام حقوق الانسان وحمايتهم من كل شكل من اشكال التعذيب والمعاملات غير الانسانية، وان يضمن لهم العلاج الطبي الضروري لهم.