تدخل الاحتجاجات العمالية في مختلف القطاعات شهرها الاول في وقت يتساءل فيه مراقبون أي منحى تصعيدي سيتخذه العمال المضربون في ظل اقرار القضاء بعدم شرعية معظم الإضرابات التي عرفتها الساحة الوطنية مطلع السنة الجديدة، و الجدل الذي اثير مؤخرا من قبل بعض السياسيين الذين حذروا من تسييس موجة الاحتجاجات القطاعية و استغلال الطبقة العمالية لتحقيق مآرب مشبوهة مع اقتراب رئاسيات 2019. و تشهد الجبهة الاجتماعية منذ بداية السنة حالة من الغليان اين شنت الطبقة العمالية إضرابات شملت كلا من قطاع الصحة والتربية والتعليم العالي واحتجاجات متقاعدي الجيش الوطني الشعبي، وآخرها الحركة الاحتجاجية لمضيفي شركة الجوية الجزائرية ،مع تسجيل محاولات للخروج إلى الشارع رفضا لقانون المالية 2018. وأعلنت نقابة شبه الطبيين الإضراب بدء من 5 فيفري المقبل، تعبيراً عن سخط الآلاف من المنتسبين لهذه المهنة من تدني الأجور وتدهور ظروف العمل وغياب الترقية في هذه الوظيفة. ويرتقب أن يتوقف النشاط شبه الطبي، الأسبوع المقبل، في عشرات المستشفيات ومئات المنشآت الطبية الجوارية المنتشرة في البلديات والمناطق النائية. ويشن الأطباء المقيمون بالمستشفيات الجامعية منذ شهر حركة احتجاج قوية، مطالبين بإلغاء الخدمة المدنية، وهي صيغة تفرضها الحكومة على بعض الفئات المهنية، ومنها الأطباء، تتمثل في تعويض الخدمة العسكرية ومدتها سنة، بالمدة ذاتها التي يقضيها الطبيب ممارساً نشاطه في هياكل طبية بالمناطق، التي تعرف نقصاً أو انعداماً كاملاً للأطر الطبية. ويرفض المقيمون الخدمة المدنية لأسباب كثيرة، حسب الامين العام لتنسيقية الأطباء المقيمين محمد طيلب الذي ذكر في حوار له مؤخرا مع السياسي ، أن هذه الفئة ترفض العمل بالجنوب نظرا لضعف الإمكانيات اللوجيستية بالأماكن التي ترسلهم إليها وزارة الصحة، وعدم توفر السكن، و بيروقراطية المسؤولين المحليين. ويسود شركة الخطوط الجوية الجزائرية احتقان كبير، منذ مطلع السنة ، كان سبباً في إلغاء عشرات الرحلات الداخلية والدولية. وتوقف مضيفو ومضيفات الطائرات، الأسبوع الحالي، عن النشاط، مما خلف فوضى كبيرة في المطارات، خصوصاً في مطار هواري بومدين الدولي. وأثار الإضراب تذمر المسافرين بالخطوط الدولية، فاضطروا إلى الحجز من جديد لكن مع شركات طيران أجنبية. وطالب المضربون برفع الأجور، لكنهم عادوا إلى العمل بعد 48 ساعة، ومع ذلك لا يزال الوضع متوتراً في شركة آر آلجيري . ويعيش قطاع التربية الظروف نفسها تقريباً، فمنذ ثلاثة أشهر شلّت نقابة الكناباست المدارس، بحجة أن الوصاية أخلفت وعودها، بشأن تلبية مطالب مرتبطة بالأجور والترقية في الرتبة، قبل ان تعاود الكرة امس بشنها اضرابا وطنيا شاملا للاطوار الثلاثة. واشتكى التلاميذ المقبلون على امتحان البكالوريا من تعطل الدروس، وقالت جمعيات أولياء التلاميذ، إنها تحمِّل الاساتذة المضربين المسؤولية في حال إخفاق كبير في الامتحان المرتقب شهر جوان المقبل. نفس الحالة يعيشها قطاع التعليم العالي ،بحيث يلوح طلبة المدارس العليا للاساتذة بسنة بيضاء بعد قرابة شهرين على شنهم اضرابات متتالية ،و تم منذ أيام بقسنطينة عقد اجتماع للتنسيقية الوطنية للمدارس العليا للأساتذة عبر الوطن التي تضم ممثلي طلبة مدارس كل من القبة و بوزريعة (الجزائر العاصمة) وسطيف وسكيكدة و الأغواط وبشار ووهران ومستغانم وورقلة وبوسعادة (المسيلة) علاوة على قسنطينة حيث تم الاتفاق بالإجماع بأن في حال عدم الحصول على إجابة بمطلب حقهم في التوظيف على مستوى الولايات التي يقطنون بها خلال الأسبوع المنقضي ستتم مواصلة الاعتصامات اليومية على مدار الأسبوع الجاري . العدالة تبطل شرعية الإضرابات قضت العدالة بعدم شرعية معظم الإضرابات التي عرفتها الساحة الوطنية مطلع السنة الجديدة، التي استهلت باحتجاجات في مختلف القطاعات العمومية بدءا من الجامعات إلى المستشفيات وكذا موظفي الخطوط الجوية الجزائرية وبعض نقابات التربية وغيرهم. و فصلت المحكمة الإدارية ببئر مراد رايس، مؤخرا بعدم شرعية إضراب الأطباء المقيمين المتواصل للأسبوع العاشر، حيث أصدرت حكما يقضي ببطلان الإضراب المفتوح الذي تنظمه التنسيقية المستقلة للأطباء المقيمين الطبيين من خلال إصدارها لحكم استعجالي، كما أمرت بإخلاء المضربين للأماكن التي يعتصمون بها،وجاء قرار العدالة هذا بعد يوم من فصلها في عدم شرعية الإضراب الدوري المعلن عنه من طرف النقابة الجزائرية لشبه الطبي، وبعد يومين من إعلانها عن عدم شرعية إضراب نقابة مستخدمي الملاحة التجارية بشركة الخطوط الجوية الجزائرية وشلهم للرحلات المتجهة نحو مختلف البلدان العالم. الطبقة السياسية تحذر من التخلاط و حذرت احزاب سياسية عديدة من المحاولات القائمة لتسييس موجة الاحتجاجات القطاعية الاخيرة و استغلال الطبقة العمالية لتحقيق مآرب مشبوهة مع اقتراب رئاسيات 2019 ، رغم اقرارها من جهة اخرى بأن الاضرابات و الوقفات الاحتجاجية امر مشروع لمختلف الفئات العمالية . و في السياق اعتبر الأمين العام لجبهة التحرير الوطني أن الاحتجاجات الاجتماعية المتزايدة في الفترة الأخير تتم بإيعاز من جهات لم يسمها مع اقتراب رئاسيات 2019. وقال ولد عباس أن الاحتجاجات تحركها أطراف من أجل رئاسيات 2019 ... ومع اقترابها البعض ينزعج، لكننا نبقى هادئين كأول قوة وسنحل المشاكل تدريجيا . و ايد رئيس حزب الكرامة محمد بن حمو في تصريح ل السياسي مؤخرا الطرح الذي قدمه الافلان ،و قال إن جهات مشبوهة تصطاد في المياه العكرة و تحاول تأجيج الوضع الاجتماعي لخدمة مصالح ضيقة و اجندات معينة ،معتبرا في السياق بان هذه الجهات تمارس التخلاط تحسبا للتموقع في الرئاسيات المقبلة على حساب استقرار و امن الوطن .