تعيش العائلات التي تقطن بحي الكاريار، المتواجد بالبرواڤية بولاية المدية، حياة بدائية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، والتي حوّلت يومياتهم إلى جحيم محقق بسبب الظروف القاهرة المفروضة عليهم. الحياة البدائية تفرض نفسها على سكان الحي تواجه العائلات القاطنة بالمنطقة المسماة الكاريار بالبرواڤية معاناة حقيقية، فرضها عليهم نمط ومحيط المعيشة التي يعيشون بها، بدءا من تواجدهم بمحاذاة السكة الحديدية المجاورة للسكنات، ناهيك عن مرور تيار كهربائي عالي الضغط بالمنازل والذي يهدد حياتهم في حال حدوث شرارة كهربائية قد تحدث الكارثة، إذ يقبعون بهذه السكنات التي تفتقد لأدنى مقومات الحياة الكريمة منذ 20 سنة دون أن تتغير أوضاعهم والتي ازدادت سوءا على سوء بمرور الوقت بهشاشة الأكواخ التي لم تعد تصلح لإيواء الأشخاص باهتراء جوانبها وتحطم سقفها. غياب الماء والكهرباء يحوّل يومياتهم إلى جحيم ومن مظاهر البؤس وحياة الحرمان التي يعيش بها سكان الكاريار هي غياب أهم الموارد الحيوية التي يحتاجون إليها في حياتهم اليومية، إذ لا ماء ولا كهرباء ولا أدنى شروط المعيشة التي يحتاجها المرء في حياته اليومية، فحياتهم تعتمد على البدائية، باعتمادهم على جلب الماء من أماكن بعيدة عنهم بتحملهم مشاق المسافات والبحث عن موارد الماء على غرار المنابع والوديان، وهو ما جعل حياتهم شبه مستحيلة لصراعهم الدائم مع الوضع والبحث عن مصادر المياه، ومن الظروف القاهرة والقاسية التي تفرض نفسها على سكان الحي كذلك هي أنهم يعتمدون على ضوء الشموع في الإنارة لغياب الكهرباء التي تغرق الحي ليلا في ظلام دامس وتحوله إلى مكان موحش يستحيل التنقل عبره خوفا على السلامة، إذ فرض عليهم غياب الكهرباء الظلام وجعلهم يصارعون في الحصول على النور، بحيث يتحول الحي ليلا إلى ظلام حالك بسبب غياب الكهرباء التي جعلتهم في عزلة تامة. مشكل غاز البوتان يزيد من معاناتهم يعتمد سكان الحي المزري في حياتهم اليومية على الاحتطاب بغرض الطهي أو التدفئة بسبب غياب الغاز، في حين يعتمد آخرون على اقتناء غاز البوتان من المدينة البعيدة عنهم في أجواء وظروف شاقة بسبب الطرقات الوعرة والطقس القاسي حيث أن المنطقة معروفة باشتداد برودتها وقساوة طقسها شتاء، وتزداد حاجة السكان إلى الغاز، ما يجعلهم في صراع دائم للحصول على القارورات وتحمل مشاق الحصول عليها من المدينة بالتنقل وتحمّل مصاريف نقلها ومتاعبها، ليجد الكثير منهم من الحطب ضالتهم لغرض التدفئة والطهي، لتحول كل هذه العوامل يومياتهم إلى معاناة حقيقية بعزلتهم وبُعدهم عن المدينة إضافة إلى حرمانهم من أبسط مقومات الحياة اليومية، وعلى مدار عقدين من الزمن، لم تر العائلات القاطنة بحي الكاريار النور ولم تنعم بالراحة والرفاهية التي هي من حق البشر. الربو والروماتيزم.. أمراض تهدد سكان الأكواخ الهشة تفترش العائلات القاطنة بحي الكاريار الأرضيات، وتقبع بأكواخ هشة نال منها الزمن والعوامل الطبيعية وسط البرد القارس والصقيع الذي لا يحتمل، وهو الأمر الذي تسبب في إصابة الأشخاص بالأمراض على غرار الروماتيزم والربو والحساسية المفرطة، وخاصة فئة الأطفال منهم الذين لا يملكون القوة لمجابهة البرد، وهو ما أشار إليه سكان المنطقة الذين عبّروا عن تذمرهم الشديد للمعاناة المفروضة عليهم منذ 20 سنة بكاملها لم يتغير شيء من وضعهم سوى أنه يزداد سوءا يوما بعد يوم ويضاعف معاناتهم ورغبتهم في التخلص من ظروفهم القاهرة. ومن جهتها، فإن المنطقة المنعزلة عن النسيج العمراني تهدد الأطفال غداة توجههم إلى مدارسهم البعيدة والتي تبعد بكيلومترات عن هذا الحي المزري، إذ تعترض الأطفال الحيوانات الضالة إضافة إلى وضع الطرقات الطينية والموحلة بحيث يجدون صعوبات بالغة في الخروج من الحي أو دخوله، ويواجه الأهالي أيضا تهديد القوارض والحشرات الضارة الناتجة عن غياب صرف صحي منتظم، بحيث لا وجود لقنوات صرف صحي بهذا الحي ما يفرض الروائح الكريهة التي تحبس الأنفاس، وتلوث المحيط ووضع صعب إذ يصب هذا الأخير بمحاذاة وبين الأكواخ فارضا التلوث والقذارة وأوضاع مشوهة. مأوى لائق.. مطلب ملح للسكان وقد طالب سكان الحي المزري المسمى بحي الكاريار، الواقع بدائرة البرواڤية بولاية المدية السلطات الولائية بترحيلهم إلى سكنات لائقة في أقرب الآجال، إذ لا تخلو مطالب هؤلاء السكان من سكن لائق يضمن لهم حياة كريمة لهم ولفلذات كبدهم باعتبار لديهم كامل الحق في الحصول على ذلك بسبب أوضاعهم المزرية التي يعيشون وسطها منذ عقدين من الزمن، وقد أشار السكان أيضا إلى أنهم تلقوا وعودا عديدة من طرف السلطات بترحيلهم إلى سكنات لائقة لكنها لم تجسد على أرض الواقع، كما أضافوا أن مصالح الدائرة لا تستقبلهم غداة توجههم للتقدم بالشكاوى ولا تأخذ مطالبهم بعين الاعتبار وهو ما زاد من استيائهم.