تتصاعد حدة التوتر حول الازمة السورية في انتظار التحقيق في صحة مزاعم هجوم كيميائي في دوما والتي ستجزم فيها منظمة حظر الاسلحة الكيميائية في الساعات القليلة القادمة، وسط تزايد وتيرة تنديد المجتمع الدولي للعدوان الثلاثي (بما في ذلك الدول المشاركة فيه) الذي يمثل انتهاكاً سافراً لمبادئ القانون الدولي وميثاق الأممالمتحدة ولدولة ذات سيادة. وافادت مصادر في الحكومة السورية، أن خبراء منظمة حظر الأسلحة الكيميائية قد وصلوا في وقت سابق إلى مدينة دوما في الغوطة الشرقية يرافقهم وزير الصحة السوري، نزار يازجي. وأوضحت أن خبراء منظمة حظر الأسلحة الكيميائية يعتزمون جمع معلومات عن هجوم دوما الكيميائي المزعوم يوم 7 أفريل، بما في ذلك أخذ عينات من التربة وعينات أخرى للبحث في مختبرات المنظمة. وقد وصل وفد خبراء منظمة حظر الأسلحة الكيميائية إلى العاصمة السورية دمشق قادما إليها عبر الحدود البرية مع لبنان، ووصلت المجموعة الثانية من الوفد إلى مطار بيوت في 12 أفريل الجاري على أن يتوجه إلى دمشق برا بمرافقة موظفين من مكتب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لتسوية الأزمة السورية. وكانت وزارة الخارجية الروسية قد رحبت في وقت سابق بقرار مدير الأمانة التقنية لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، أحمد أوزومجو، إرسال خبراء إلى مدينة دوما السورية للتحقيق في مزاعم الهجوم الكيميائي في المدينة. وفي هذا السياق، استبق مسؤولون رفيعو المستوى في الإدارة الأمريكية وصول خبراء منظمة حظر الأسلحة الكيميائية إلى سوريا، وصرحوا بأن واشنطن ترجح استخدام غازي الكلورين والسارين في مدينة دوما بالغوطة الشرقية بضواحي العاصمة السورية، بالرغم من نفي روسياوسوريا وقوع هجوم كيميائي. وكان مندوب روسيا الدائم لدى الأممالمتحدة في جنيف، غينادي غاتيلوف، أعلن أن منظمة الصحة العالمية أرسلت وفدا إلى مدينة دوما السورية لتقييم الوضع الطبي على خلفية الاستخدام المزعوم للأسلحة الكيميائية. وكان غاتيلوف قد أعلن في وقت سابق أن موسكو طالبت منظمة الصحة العالمية بتقديم معلومات حول مصادر الأنباء بشأن 500 مصاب في دوما، ولكنها لم تحصل على رد. ردود فعل رافضة للعدوان لاقى العدوان الثلاثي على سوريا تنديداً عارماً عكسته مواقف العديد من الدول الغربية والعربية، ومواقف الأحزاب والفصائل والقوى العربية والإسلامية. فقد أدان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشدّة العدوان الثلاثي الغربي على سوريا، مؤكّداً أن ضرب دمشق يعتبر عدواناً واضحاً ضدّ دولة ذات سيادة وانتهاك لميثاق الأممالمتحدة. وأشار إلى أن بعض الدول الغربية تجاهلت بسخرية إرسال بعثة التحقيق بالكيميائي واتخذت إجراءات دون انتظار نتيجة التحقيق. وفي السياق نفسه، قالت وزارة الخارجية الروسية في بيان لها إن قصف دمشق جاء في لحظة حصول البلاد على فرصة لمستقبل سلمي، مضيفة أن القصف استهدف عاصمة دولة ذات سيادة تحارب الإرهاب منذ أعوام. وبدورها، أدانت وزارة الخارجية الصينية العدوان الثلاثي على سوريا واعتبرته انتهاكا للقانون الدولي، مؤكدة أن التسوية السياسية هي السبيل الوحيد لحل الأزمة السورية. وأكد عدد من الأحزاب التشيكية والسلوفاكية والسياسيين والبرلمانيين أن العدوان الثلاثي على سوريا، الذي يمثل خرقا للقانون الدولي فشل في تحقيق أهدافه وهو يزيد من تعقيد الأوضاع في المنطقة ويقدم الدعم للإرهابيين، داعين الى ضرورة اعتماد الدبلوماسية لحل الأزمة المتواصلة منذ سبع سنوات في سوريا. واعتبر رئيس الحكومة التشيكية الاسبق، ييرجي ياروبيك، في مقال نشره بموقع قضيتكم الالكتروني، أن ما جرى في دوما من مزاعم عن استخدام أسلحة كيميائية كان عبارة عن عملية استفزازية نظمتها اجهزة مخابرات في محاولة لوقف انتصارات الجيش السوري. من جهته، أدان مجلس السلم الدولي العدوان الامبريالي على سوريا، مؤكدا أن هذا العدوان أظهر أن الدول الغربية لا تزال مصرة على تحقيق مخططاتها بإقامة ما يسمى (الشرق الأوسط الجديد) عبر ممارسة العنف ومهاجمة الحكومات الرافضة لهذه المخططات للسيطرة على مصادر الطاقة في المنطقة. من ناحية أخرى، عزى الرئيس الإيراني حسن روحاني العدوان إلى غضب الأميركيين من هزيمة الإرهابيين المدعومين منهم في الغوطة الشرقية، لافتاً إلى أن الدول التي شنت العدوان على سوريا تبحث عن مبررات لتواجدها العسكري في المنطقة. الخارجية الكوبية بدورها اصدرت بياناً بعد دقائق قليلة من العدوان، أكدت فيه أن هذا العمل الأحادي الجانب والذي تمّ خارج إرادة مجلس الأمن يشكل انتهاكاً سافراً لمبادئ القانون الدولي وميثاق الأممالمتحدة ولدولة ذات سيادة. ونددت العديد من الدول العربية بالعدوان الثلاثي على سوريا، حيث أعلن مصدر مسؤول في وزارة الخارجية الكويتية بأن الكويت تابعت باهتمام وقلق بالغين التطورات الخطيرة في سوريا، وهي إذ تأسف لهذا التصعيد الخطير، تدعو مجلس الأمن إلى تجاوز خلافات أعضائه واظهار وحدة مواقفهم لتعزيز قدرتهم على تحمل مسؤولياتهم التاريخية في حفظ الأمن والسلم الدوليين. من جانبها، عبرت مصر عن تضامنها مع الشعب السوري الشقيق في سبيل تحقيق تطلعاته للعيش في أمان واستقرار، وأعربت في بيان عن قلقها البالغ نتيجة التصعيد العسكري الراهن على الساحة السورية لما ينطوي عليه من آثار على سلامة الشعب السوري الشقيق، ويهدد ما تم التوصل إليه من تفاهمات حول تحديد مناطق خفض التوتر. واعتبرت الخارجية العراقية على لسان المتحدث باسمها أحمد محجوب، الضربات التي وجهتها الولاياتالمتحدةوبريطانيا وفرنسا فجر السبت الماضي على سوريا تصرفا خطيرا جدا، وحذرت من تداعياتها على استقرار وأمن المنطقة. والجزائر بدورها أعربت عن تأسفها للتصعيد العسكري الذي يشهده الوضع في سوريا عقب الضربات التي شنتها الولاياتالمتحدة وحلفائها، حيث أكد الوزير الأول، أحمد أويحيى، أن هذه الضربات أتت في الوقت الذي كان المجتمع الدولي ينتظر بعث هيئة للتحقيق في المعلومات على الهجوم الكيميائي المزعوم في سوريا. تواصل المظاهرات في أمريكا نظم عدد كبير من المناهضين للحرب في سوريا مظاهرات جديدة عبر عدة مدن داخل الولاياتالمتحدة لإدانة الغارات الجوية التي شنتها امريكا وحلفائها على هذا البلد في الوقت الذي تحارب فيه حكومة الرئيس بشار الاسد الارهابيين المدعومين من الخارج. ونقلت مصادر اعلامية أن المظاهرات تحركت في مدن نيويورك واتلانتا ومينابوليس وشيكاغو واوكلاند والعاصمة واشنطن بعد احتجاجات نظمت في مدن لوس انجلوس وسان فرانسيسكو. واضاف أن المتظاهرين تجمعوا خارج منزلي اعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين ديان فاينشتاين ونانسي بيلوسي، فيما قالت مسؤولة تنظيم مجموعة النساء المناهضة للحرب: نريد من فاينشتاين وبيلوسي التحدث بشكل علني ضد الضربات واستمرار الحرب في سوريا . وتابعت: مطلبنا هو انه ليس لنا الحق في التواجد العسكري داخل سوريا وعلينا سحب القوات الامريكية من هناك . واشار التقرير الى أن المظاهرات كانت تحمل اعلام السلام وضد السياسة الخارجية التدخلية للولايات المتحدة في شؤون الدول الاخرى. نواب فرنسيون وبريطانيون يسائلون ماكرون وماي أكد عدد من النواب البريطانيين والفرنسيين أن العدوان الثلاثي الأمريكي الفرنسي البريطاني على سوريا غير شرعي أو قانوني. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن النائب عن الجبهة الوطنية في البرلمان الفرنسي مارين لوبن قولها: الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون يدرك تماما انه انتهك القانون الدولي وهو يحاول أن يخلق مفهوما مختلفا للشرعية الدولية . إلى ذلك، ندد النائب جان لوك ميلانشون من حزب اليسار الفرنسي بالعدوان على سوريا ووصفه بأنه غير مسؤول، معربا عن قلقه من خطر التصعيد. وفي بريطانيا، انتقد زعيم حزب العمال البريطاني جيريمي كوربين العدوان على سوريا، مشيرا إلى أنه كان الأجدر بالحكومة البريطانية أن ترفض الانصياع لاملاءات واشنطن. وسيناقش النواب الفرنسيون والبريطانيون العدوان الثلاثي على سوريا أثناء جلسة يطرحون خلالها اسئلة عن مدى شرعية وصحة العدوان وسيتم استجواب رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي لموافقتها على المشاركة في العدوان دون الرجوع الى مجلس العموم. وفي هذا السياق، طالب كوربين باعتماد أحكام جديدة تعزز من قدرة مجلس العموم البريطاني على منع التدخل العسكري الذي تقرره الحكومة من دون موافقة منه.