يزدحم رصيف الشاطئ الصخري للجميلة بعين البنيان، بغرب العاصمة، منذ بداية فصل الصيف، بالصيادين الهواة الذين يتوافدون من بلدية عين البنيان والبلديات المجاورة بعد الظهيرة لقضاء أوقات هادئة بين أحضان نسيم البحر والأجواء المميزة. ويشكل هذا الشاطئ الصخري بديكوره المميز وأرصفته التي ترسو بها عشرات السفن وقوارب الصيد مقصدا مفضّلا وملاذا يثير اهتمام الشغوفين بهواية صيد السمك خلال فصل الصيف لقضاء أوقات مريحة والاستمتاع بالبحر بعيدا عن صخب الشوارع والأحياء. وأشار مرزاق، وهو كهل تجاوز ال50 سنة من حي القصبة العريق وكان منشغلا بتحضير الطعمة (عجينة الصيد) إلى أنه مولع بعالم الصيد منذ طفولته، مبرزا أنه يفضّل أخذ عطلته السنوية خلال فصل الصيف لممارسة هوايته المفضّلة المتمثلة في صيد السمك، ويقول في هذا الصدد: تكفيني قصبة صيد اقتنيتها مؤخرا بسعر 6000 دج والقليل من الطعم ووسادة وكرسي صغير لقضاء وقت مميز بأحد جوانب صخور شاطئ لامادراغ الذي يتوفر على الأمن وعلى حظيرة للسيارات ، ليضيف: بالرغم من أن بعض المارة على رصيف الصيد الذي لا تقل عمق مياهه عن 30 متر يعتقدون أن هذا النشاط روتيني ورتيب، غير أنني أجد فيه متعة لا تضاهى . وللاستمتاع بهدوء المكان، يقول مرزاق أجهز أدوات الصيد بمجرد أدائي صلاة الظهر، ثم أتوجه إلى نفس الصخرة حيث أقوم بصيد السمك بوفرة بحكم التجربة التي اكتسبتها طيلة السنين الماضية . ويرى العم محمد بدوره، أن اللجوء إلى الصيد الهاوي خلال فصل الصيف يساعد على الاسترخاء والابتعاد عن الضجيج والهموم اليومية، موضحا أنه اعتاد منذ سنوات ارتياد الموقع صحبة ابنيه منير وسليم، (12 و14 سنة)، واللذان لم يخفيا ولعهما بهذه الهواية. ويقول أيضا أجد في ممارسة هذه الهواية نكهة خاصة وشعورا بالراحة ومتعة ترقب رجفة القصبة التي تنذر باصطياد سمك طازج ونخصصه لتحضير الأطباق الشهية، لكن للأسف، تراجع كمية ما نصطاده من السمك بسبب التلوث كما اختفت الكثير من الأصناف . وأوضح من جهته، أعمر، العامل السابق بشركة التبغ والكبريت، (67 عاما)، وكان محاطا عشرات الشباب ينتظرون أي شارة من الصنارة للفوز بسمكة، أنها هواية يمارسها منذ بداية الاستقلال رفقة أصدقائه، مؤكدا أنه تجول عبر كافة شواطئ العاصمة من لافريقاد بشاطئ برج البحري مرورا ب الصابلات والميناء الرصيف 11 وبولوغين و فرانكو والصخرة الكبرى وصولا إلى سيدي فرج للبحث عن صيد طازج يدخل به البهجة لعائلته خاصة مع ارتفاع سعر السمك في السوق. أما الشاب نذير، وهو موظف في مؤسسة خاصة، فأفاد أنه لم تكن قبل سنوات لديه أدنى فكرة عن متعة هذه الهواية، مشيرا إلى أنه باشر في خوض هذه التجربة عندما دعاه صديق يهوى الصيد البحري لمرافقته في خرجة صيد خلال الأيام الاولى للصيف، ليجد متعة فيما أقبل عليه. وأبرز أن أولى خطواته مع هواية الصيد كانت بشواطئ الكاف بعين طاية و لابيروز حيث كان يجهز الصنارة والبكرة وخيط الصيد والطعم لرحلته التي تمتد لساعات طويلة ليكتسب بفعل احتكاكه مع صيادين كبار في السن أسرار الهواية والمتمثلة في المهارة ومعرفة توقيت ولوج السمك للبحر وما يجذبه كدرجة حرارة المياه وعمقها وكيفية تحضير الطعم المشكّل عادة من دود الشاطئ الذي يباع ب600 دج لبعض الغرامات وكذا من الخبز وبعض الأسماك كالجمبري والسردين. ويؤكد الزبير بأنه يكن شغفا حقيقيا للصيد منذ عدة سنوات، مضيفا أن كمية السمك ونوعيته هي ما يجلب الصيادين الذين يحصلون على اسماك وفيرة منها المنكوس، لادوراد، القاجوج، الصار، التشاربا، النافرون ويتم صيدهم في أوقات معينة. ويعتبر رشيد، وهو رفيق عمي أعمر، أن هواية صيد السمك تعد هواية مربحة، إذ أن قصبته التي كلفته 5000 دينار تدر عليه يوميا كميات جيدة من السمك يستعمل جزء منه لتحضير حساء السمك والبوراك أو القلي كما أنه يتصدق على جيرانه ببعض من السمكات. وإذا كان الصيد بالقصبة بالنسبة للبعض ليس سوى مجرد انشغال يملؤون به وقتهم خلال هذه الأيام الحارة، فإنه بالمقابل، يعد بالنسبة لهواة الصيد المتحمسين تمضية ساعات كاملة لاختبار مدى مقاومة السمكة للطعم.