الرئيس بوتفليقة: جاكلين قروج كانت من الذين اختاروا طريق الحق الصعب بعث رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة برقية إلى المجاهد عبد القادر قروج و أسرته، يعزيهم فيها بوفاة المجاهدة جاكلين قروج التي كانت «من طينة أولئك الذين اختاروا طريق الحق الصعب». و قال الرئيس بوتفليقة في برقية التعزية «شاء القدر أن تلتحق بالرفيق الأعلى عميدة المجاهدات الجزائريات من المحكوم عليهن بالإعدام، اللائي وهبتهن الإنسانية أسمى هباتها وأمتن مقوماتها، فأدت رسالتها على أكمل وجه، وأشرف سبيل وأنبل غاية». و ذكَّر الرئيس بوتفليقة ببدايات المسار النضالي للمجاهدة جاكلين قروج «تلك الفتاة الفرنسية التي جاءت إلى الجزائر سنة 1948 ورأت ما يعاني أهل هذا البلد الآمن من ظلم واستبداد ومن جهل وفقر وتخلف ومن عذاب وحرمان حتى من أبسط أسباب العيش». و إزاء هذا الوضع يضيف رئيس الدولة «راعها أن يكون هذا كله من صنع بني جلدتها و حز في نفسها أن تصبح الحرية والإخاء والمساواة، شعار فرنسا، مجرد كلمة زائفة، فرفضت ذلك وأبت إلا أن تكون حيث يكون الحق والعدل والإنصاف، متعالية عن العرق والانتماء الجغرافي، وموالية للشرعية الإنسانية وما توجبه من حرية واستقلال وكرامة للإنسان». وتابع رئيس الجمهورية مشيرا إلى أنه و مع اندلاع ثورة 1954، «لاح لها (الفقيدة) سبيل الحق و وجدت فرصتها في تحقيق ما آمنت به، فانضمت إلى صفوف جيش وجبهة التحرير غير مبالية بما يلحقها من أهوال رأتها بأم عينها وهي تطبق على المجاهدين الذين يقعون في أسر المحتلين». وبانضمامها إلى صفوف المجاهدين، ظلت المجاهدة قروج تقوم بما أنيط بها من مهام كفدائية «تضطلع بدورها الحساس والخطير في الإسناد والدعم وإيواء الملاحقين إلى أن اعتقلت في قلب معركة الجزائر الكبرى، فسجنت وعذبت شر أنواع التعذيب، ثم حكم عليها بالإعدام»، يضيف رئيس الجمهورية، الذي ذكر بأن «مشيئة الله قضت أن لا ينفذ الحكم، وأن لا يذهب عملها في سبيل الحق سدى، فرأت حلمها بالحرية والاستقلال يتحقق في البلد الذي أحبته وناضلت من أجله». و جاء في نفس البرقية، أنه عقب الاستقلال اختارت جاكلين أن تعيش في الجزائر «الوطن الذي أسهمت في تحريره لتشارك في بنائه وتشييده، لا سيما بأفكارها وقلمها». و على الرغم مما عانت من «تعذيب في السجن ومن كد و تعب في سنوات النضال» ظلت الفقيدة «تقاوم الزمن الذي دهاها بالأمرين الهرم والمرض، إلى أن وافاها الأجل المحتوم، فرحلت عن دنيانا محفوفة بتقدير وإكبار كل الجزائريات والجزائريين، راضية مرضية بما أدت من أعمال جليلة للإنسانية»، يقول الرئيس بوتفليقة. و قد جعلت هذه الخصال الراحلة - يتابع رئيس الدولة -»من طينة أولئك الذين اختاروا طريق الحق الصعب، رغم ما يحفه من مخاطر وعقبات غير مبالية بالعواقب، ما دامت قناعتها صادرة عن إيمان ثابت بحقوق الشعوب المشروعة في الحرية والكرامة والسيادة. و هؤلاء لا يموتون لأن لهم ذكرى في قلب كل إنسان حر لا تموت ولا يدركها النسيان ولا الزوال». و في نهاية برقيته، خلص رئيس الجمهورية إلى القول «و إذ أعرب لكم عن خالص العزاء وصادق الدعاء، أسال الله أن يتغمد الفقيدة بمغفرته ورضوانه، ويبوئها مقاما ترضاه في رحابه، ويوفيها أجر المجاهدات من إمائه الصادقات الصديقات، وحسن أولئك رفيقا، وكما أرفع كف الدعاء إليه تعالى لينزل في قلوبكم من الصبر ما يواسيكم على مصابكم، ويلهمكم وجميع أسرتكم الكريمة ورفاق النضال والجهاد، عظيم السلوان إنه سميع مجيب الدعاء».