بانوراما الألوان و سحر الأضواء و الظلال انسجمت الخبرة بالموهبة و والنضج بالتلقائية في المعرض الموسوم «الفنانون التشكيليون لقسنطينة» الذي دشن مؤخرا بقصر الثقافة محمد العيد آل خليفة و يستمر إلى غاية منتصف شهر أكتوبر و يضم زهاء 100لوحات تحمل توقيعات رسامين معروفين و آخرين اكتشفهم هواة الفن التشكيلي لأول مرة. المعرض المنظم في إطار قسنطينة عاصمة الثقافة العربية، استغل قرابة 2000متر مربع لإبراز المواهب و المهارات القسنطينية و التي تجلت في لوحات مبدعين من مختلف الأعمار و الأجيال جمعت بين الواقع التخيلي و الواقعي و الساذج و التجريدي، و تنافست فيه الألوان الباردة مع الساخنة و الرملية عنوان الدفء و الألوان الأساسية و الثانوية و المشتقة مع الحيادية في تناغم زاده تراقص الضوء بالظل رونقا و سحرا، بهر زوار أول أكبر معرض جماعي تحتضنه مدينة الصخر العتيق و الذي قال عنه محافظ التظاهرة الفنان عمار علالوش بأن عملية انتقاء الأعمال المشاركة كان صعبا حيث تلقت المحافظة أكثر من 500لوحة تم قبول 107لوحات فقط لضيق مساحة القاعة، مضيفا بأن العملية تمت تحت إشراف لجنة متخصصة من رسامين و نقاد و أساتذة منهم صادق رحيم، محمد ماسين ، علي حشتار و أمين خوجة، مشيرا إلى اضطرارهم إلى التقيّد بفن الرسم و ترك باقي الفنون التشكيلية من نحت و فسيفساء و منمنمات..و غيرها لأن سعة المكان لم تسمح، معربا عن تأسفه لتأخر تجسيد متحف الفنون العصرية الذي راهنوا عليه في البداية لمنح الفرصة لكل التشكيليين المبدعين لعرض إبداعاتهم. المعرض الذي تضمن لوحات موسومة و أخرى تعمّد مجسدوها تركها دون عنوان راق الكثير من الزوار الذين أسر بعضهم للنصر بأنهم تعوّدوا على زيارة معارض انفرادية تعرفهم على مسار فنان تشكيلي واحد، بينما منحهم المعرض الحالي فرصة الاطلاع و المقارنة بين مسارات مختلفة و متقاطعة لفنانين ينتمون لمدارس مختلفة و جاءوا من جغرافيات و مرجعيات متباينة، كما أتاحت لهم إمكانية اكتشاف مواهب جديدة لم يسبق لهم متابعة أعمالهم التي وصفوها بالجميلة مع الاطلاع عن كثب على ما يجمع أذواق و اهتمامات رسامي مدينتهم. و من بين اللوحات المعروضة سنذكر على سبيل المثال لا الحصر لوحة «مدهش» لمبدعها مراد عبد اللاوي المشارك بتسع لوحات انتقى لها عناوين تنم عن شاعرية كبيرة للرسام منها»تمزق»،»سراب» و «فراغ روحي»، كما اكتشف الجمهور مهارة الفنان الشاب أنور أبوصالح من خلال لوحته «الازدواجية» و وجدت أزقة قسنطينة العتيقة مكانا لها بين أعمال التشكيلي المخضرم بشيري خوجة الذي برزت لوحته «سويقة زمان» و تموّجت الألوان الزهرية في أعمال كريمة بلوصيف و لفت كمال بن شماخ الاهتمام بمجموعته المتكونة من عشر لوحات التي تنضوي تحت تأثير الانطباعية و خطفت شفيقة بن دالي حسين الأضواء إلى جانب الفنانة بن محمود فريدة برسومات جميلة، فيما اختار المبدع محمد الشريف بوعناقة إبراز سحر سيرتا بين الماضي و الحاضر في أربع لوحات راقت الكثير من الزوار الذين جذبتهم أيضا أعمال الفنان مسعود بوشفرة الذي اختار قسنطينة محورا لأعماله مثلما فعل زميله سمير سعدي. و تضمن المعرض أسماء كثيرة أخرى منها الفنانة المعروفة لطيفة بوالفول و الفنانة ياسمينة سعدون و المبدعين ناصر عمر و فريد مرابط و رابح لملوم و عبد الكريم هراس و حداد عبد الوهاب و موسى قيدوم و فتيحة ناصر و فايزة ماضي و ميمية ليشاني و أمينة قسوم و قوراري محمد و غمريد محمد الصالح و فيلالي سامية و شلال رضا و بولقرون محمد..و غيرهم من الفنانين الذين ساهموا في صنع عرس الألوان و الأشكال في معرض واحد كان أشبه بعرض بانورامي رائع، لما وّفره من وجبة دسمة لمتذوقي الفن التشكيلي.