محسنون يبنون نافورات في الشارع بغرض الصدقة راجت في الكثير من الأحياء السكنية خاصة الراقية، ظاهرة بناء نافورات خارج البيوت الفاخرة أو تخصيص حنفيات للماء الشروب و جعلها في متناول الجميع بغرض الصدقة، حيث تحوّلت ما يطلق عليه البعض «نافورات الحسنة»إلى جزء من ديكور عديد الأحياء بقسنطينة التي كانت أزقة مدينتها العتيقة تعد الكثير من الحنفيات العمومية التي اختف بعضها و جف بعضها الآخر. و ذكر عدد من الموطنين بحي سيدي مبروك السفلي الذي يشهد تزايد عدد نافورات الشارع بأن الفكرة ظهرت أكثر مع المالكين الجدد للسكنات الفردية الفاخرة و بشكل خاص في السنتين الأخيرتين، حيث بادر شيخ إلى إخراج أنبوب الماء كل مساء من حديقته لترك المارة يشربون حتى يرتوون، مما شجع غيره من الجيران على بناء حنفيات خارج مساكنهم عملا بنصيحة الأولين الذين كانوا يحثون على الحفاظ على عادة التصدّق بالماء. و قال المواطن حسان معافي الذي استحسن المبادرة، بأن الفكرة و إضافة إلى الخدمة التي تقدمها للمارة في فصل الحر و بشكل خاص عابري السبيل و المرضى الذين يقصدون عيادات الأطباء المختصين بحيهم، فإنها أضفت جمالية للمكان، خاصة و أن أغلب المبادرين إلى فتح حنافيات بالشارع يدفعون فواتير استهلاك مياهها من مالهم الخاص يحرصون على جعل ديكورها يتماشى و الديكور الخارجي لفيلاتهم أو لحيهم الفاخر. و بحي الدقسي، أوضح لنا أحد المواطنين كان يغسل وجهه بنافورة جميلة هناك، بأن صاحب الفكرة استوحاها من الأحياء القديمة و كذا من مختلف البلديات المجاورة التي تبنى كثير من مواطنيها عادة بناء نافورات بدل وضع البراميل البلاستيكية التي تسببت في تشويه المحيط كما باتت تشكل خطرا يتهدد صحة الناس جرّاء احتمال انتقال الأمراض المعدية و انتشار الميكروبات لنقص شروط النظافة. و قال أحد المارة عرفنا فيما بعد أنه إمام بأن الناس توارثوا عادة التصدّق بالماء عملا بسنة رسول الله و نصيحته للمؤمنين بالحفاظ على التصدّق بهذا العنصر الأساسي للحياة، مذكرا بأن النبي عليه الصلاة و السلام سئل ذات يوم عن أفضل الصدقات فرّد «سقي الماء» كما قال «ليس صدقة أعظم أجرا من الماء». وسرد مواطن كيف أن جيرانه بحي كومبيطا كانوا يتسابقون للتصدق بالماء، مما غرس فيه هذه العادة التي يشجع بدوره أولاده عليها، معلّقا بأنه «مثلما يعود النهر إلى البحر يعود عطاء الإنسان إليه». و قالت مسنة كانت تسقي حفيدها من عين خصصها صاحب مبنى أمام عيادة لطبيب معروف مختص في أمراض القلب و الأوعية ، بأنها حفظت عمن سبقوها مقولة «اللي ما يصدقش الماء يموت عمى»(من لم يتصدّق بالماء مهدد بالعمى) و هو ما جعلها تحرص على التصدّق بهذه المادة خاصة في فصل الصيف، حيث تقوم حسبها يوميا بوضع قارورات كثيرة في الثلاجة و توزعها في الغد على عمال ورشات البناء بحيها بعلي منجلي. و قد لفت انتباهنا تشابه و تقارب تصاميم النافورات التي تزّين عديد الأحياء فحملنا الفضول للسؤال عن مجسدها فعرفنا من بعض أصحاب حنفيات الشارع بأن جل التصاميم جسدت بقسنطينة من قبل حرفيين وجدوا في حرفة صناعة النافورات مصدر كسب مضمون بعد تزايد ظاهرة إقبال المواطنين على بناء نافورات بغرض الصدقة.