غابت مشاهد الطوابير الطويلة والازدحام بمصالح الحالة المدنية على مستوى البلديات، التي كانت تلازم اقتراب الدخول المدرسي، لاستخراج الوثائق اللازمة بغرض التسجيل في المؤسسات التعليمية، أو لتجديد الملفات، بعد قرار وزارة التربية بإنهاء كافة إجراءات التسجيل قبيل انقضاء الموسم الدراسي المنصرم، وتقليص عدد الوثائق المطلوبة. وتنفّس أعوان مصالح الحالة المدنية بمختلف المجالس الشعبية البلدية الصعداء، بعد أن خفّ الضغط عليهم جراء إحجام أولياء التلاميذ على التوجه باكرا في آخر أيام العطلة الصيفية لاستخراج الوثائق المطلوبة لتجديد ملفات التمدرس لفائدة أبنائهم، عقب القرار الذي اتخذته لأول مرة وزيرة التربية نورية بن غبريط، والمتضمن تخصيص الفترة الأخيرة من الموسم الدراسي التي تلي الإعلان عن نتائج الامتحانات لتجديد الملفات، وإنهاء كافة التسجيلات، من أجل استدراك ما كان يضيع عند بداية كل سنة دراسية، جراء الوقت الذي كانت تستهلكه الإجراءات الإدارية المتعلقة بعمليات التسجيل في مختلف الأقسام، وكذا استلام المنحة المدرسية واقتناء الكتب، كما ساهم هذا القرار في تخفيف العبء على مصالح البلديات، التي كانت تواجه أزمة حادة في توفير العدد الكافي من النسخ التي كانت تدوّن عليها المعلومات الخاصة بشهادة الميلاد والشهادة العائلية وغيرها من وثائق الحالة المدنية، في وقت كان يضطر مواطنون لاقتنائها منذ السوق الموازية مقابل ما لا يقل عن 100 دج للنسخة الواحدة. وبعكس السنوات الماضية استهلت مصالح الحالة المدنية بالكثير من البلديات مرحلة ما قبل الدخول الاجتماعي في جو من الهدوء، حيث يقتصر الإقبال عليها يوميا وفي أغلب الأحيان على استخراج بطاقات الإقامة، أو وثائق أخرى متعلقة بتدوين عقود بيع السيارات، أو باستخراج جوازات السفر، بالنظر إلى تزامن الظرف مع انطلاق موسم الحج. وهو ما وقفت عليه «النصر» عبر عدد من المصالح البلدية بالعاصمة، من بينها التابعة لبلديات حسين داي وباش جراح والرغاية شرق العاصمة، التي كانت تشهد سنويا وفي نهاية العطلة الصيفية إقبالا كثيفا للتلاميذ، خاصة طلبة مرحلتي التعليم المتوسط والثانوي، فضلا عن الأولياء، الذين ينوبون عن أبنائهم في التوجه إلى مصالح الحالة المدنية، لاستخراج الوثائق التي تشترطها إدارة المؤسسات التعليمية، كما ساهم قرار وزارة التربية بعدم إلزام التلميذ باستخراج نفس الوثاق سنويا، في تخفيف العبء على الأولياء وكذا المصالح المعنية بالبلديات، في وقت عبر فيه ممثل جمعيات اتحاد التلاميذ خالد أحمد عن قلقه بسبب تماطل بعض الآباء في إتمام التسجيلات، مؤكدا بأن العملية خصت لحد الآن 70 في المائة من التلاميذ فقط، جراء تأخر الوزارة في الإعلان عن القرار، الذي تزامن مع شهر رمضان، وكذا عدم الإعلان عنه بالشكل المناسب، حيث تم وضع ملصقات على مستوى المؤسسات التعليمية التي هجرها التلاميذ فور الاطلاع على نتائج الامتحانات. كما استحسن أعوان مصالح الحالة المدنية قرار وزارة التربية، مؤكدين بأنهم أمضوا لأول مرة قترة الصائفة في ظروف عادية بعيدا عن الضغط، والعمل المكثّف الذي كان يلزمهم بتحرير العشرات من وثائق الحالة المدنية يوميا، بسبب تماطل الأولياء في استخراجها خلال العطلة، واستغلالهم أواخر شهر أوت لإتمام التحضيرات الإدارية، واقترح عدد من أعوان المصالح البلدية أن تعتمد قطاعات وزارية أخرى كالتكوين المهني والجامعة نفس الإجراء، على غرار ما هو مطبق أيضا على مستوى مصالح البريد، إذ يتم تسديد رواتب موظفي القطاع العمومي الذين يزيد عددهم عن مليون موظف، إلى جانب حوالي مليونين متقاعد في فترات متباينة، لتفادي الإزدحام والفوضى، وللتخفيف على أعوان البريد وتمكينهم من أداء مهمتهم في أحسن الظروف. وفسّر رئيس فيدرالية عمال البلديات التابعة لنقابة السناباب دهيليس الهادي في تصريح للنصر، هذه الوضعية بإدخال الإعلام الآلي على مصالح الحالة المدنية، الذي قلّص الوقت الذي كان يقضيه عون الحالة المدني مع كل مواطن من 10 دقائق إلى دقيقة واحدة فقط، فضلا عن قرار وزارة الداخلية المتعلق بتمكين المواطنين من استخراج وثائق الحالة المدنية من أي بلدية تقع خارج إقامتهم.